تلتقط المسنة فيروز سحويل، أنفاسها بصعوبةٍ بالغة بعد تردي وضعها الصحي، جرّاء عدم تمكنها منذ خمسة أشهر من تناول الجرعات الكيماوية المخصصة لعلاجها، بعد أن منعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إدخال الأدوية والمستلزمات الطبية إلى قطاع غزة منذ بدء العدوان في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضى.
وكانت أخر جرعة كيماوي حصلت عليها السبعينية سحويل، قبل الحرب بأسبوعٍ في مستشفى الشهيد عبد العزيز الرنتيسي، بحي النصر بمدينة غزة، قبل أن تمنع قوات جيش الاحتلال المرضى من الوصول إلى المشفى المتخصص، وتحوله إلى ثكنة عسكرية ثم تدميره قبل انسحابها منه بداية فبراير الماضي.
واكتشفت سحويل إصابتها بسرطان الثدي قبل عامين، بعد ظهور انتفاخ في صدرها وشعورها بالإعياء وانخفاض في الوزن إلى جانب الاحساس المستمر بضيق في التنفس، ما دعاها إلى إجراء بعض الفحوصات الطبية يتبين بعدها إصابتها بـ "سرطان الثدي" وتبدأ بأخذ البروتوكولات العلاجية.
وتقول سحويل لمراسل صحيفة "فلسطين": إنها تعاني طوال الوقت من ضيق في التنفس وآلام في مختلف أنحاء جسدها لعدم خضوعها لجلسات العلاج أو تمكنها من تناول الأدوية المسكنة والأخرى التي تحدّ من تفشي المرض في جسدها.
ومن داخل خيمتها التي نزحت إليها سحويل، والمقامة في حي السلطان بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، تقول المسنة الفلسطينية إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يرتكب المجزرة تلو الأخرى بحق سكان القطاع، باستهدافهم المتعمد وتهجيرهم من منازلهم ومنعهم من الوصول إلى مراكز الرعاية الصحية وحرمان مرضى السرطان من الحصول على بروتوكولاتهم العلاجية، والسماح لهم بالسفر للخارج وتدمير المستشفيات التي تقدم لهم جزءًا من احتياجاتهم الدوائية.
وتخشى سحويل، من تفشي المرض في جسدها وعدم القدرة على السيطرة عليه بسبب انقطاعها القسري عن العلاج بعد تدمير مستشفيات القطاع بشكل متعمدٍ من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه، داعية الدول الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة إلى ضرورة حماية حقوق المرضى وتوفير احتياجاتهم العلاجية ووقف العدوان المستمر على القطاع.
وما يزيد من تردي الأوضاع الصحية لسحويل، على حد قولها، أن سلطات الاحتلال أجبرتها وأولادها الخمسة وأبنائهم وسكان مدينة بيت حانون شمالي القطاع، التي يقطنون بها على مغادرتها ومن ثم دمرتها بشكل كلي.
وتسرد سحويل، بلغة الحزن والقهر، حين انتقلت وأسرتها في بداية الأمر للإقامة في إحدى مراكز الإيواء التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا غربي مدينة غزة، لكن جيش الاحتلال وبعد أسابيع لحقهم هناك وحاصر المركز وطلب من جميع المتواجدين فيه مغادرته واعتدوا عليهم بالضرب والشتائم واعتقلوا العشرات واقتادوهم إلى أماكن مجهولة.
وتضيف، "أن جيش الاحتلال وبعد التحقيق معهم لساعات وتحت تهديد السلاح طلب منهم التوجه إلى جنوب القطاع، بزعم أنها مناطق آمنة، لافتة إلى أن نداءاتها وطالباتها المتكررة للجيش بأنها مريضة وتعاني من الإصابة بالسرطان، وأنها بحاجة إلى أخذ أدويتها والمسكنات الطبية لم تلق أذانًا صاغية، لتسير برفقة عائلتها لمسافات طويلة سيرًا على الأقدام وصولًا إلى مدينة رفح لتقيم في إحدى الخيام التي خصصت لاستقبال النازحين.
وتلفت سحويل، إلى أنها تمضي جل وقتها داخل خيمتها تعاني من انخفاض مستمر في الوزن وآلام في مختلف أنحاء جسدها جراء عدم توفر العلاج الذي تحتاجه ولسوء التغذية ولعدم قدرتها على السفر وتحمل تكلفته المرتفعة لاستكمال رحلة علاجها التي انقطعت بفعل عدوان الاحتلال، وتدمير المستشفيات وحرمانها من التنقل والوصول لمستشفيات الداخل المحتل.