قائمة الموقع

كيف يستقبل الغزيون "رمضان المبارك" في ظل الحرب والجوع؟

2024-03-10T20:09:00+02:00
download.jpeg

بالتزامن مع استعداد ملايين المسلمين لبدء صوم شهر رمضان في مختلف أنحاء العالم، يوم غدٍ الإثنين/ 11 مارس، يعيش أهالي قطاع غزة ظروفًا استثنائية في ظل الحرب "الإسرائيلية" الوحشية والمستمرة على القطاع منذ ما يزيد على خمسة أشهر.

تشتد ظروف أهالي القطاع تعقيدًا مع نزوح 1.7 مليون شخص وفق أرقام وكالة الأونروا، يشكّلون 75% من مجمل السكّان، البالغ عددهم 2.3 مليون، ويعيشون جميعاً في ظروفٍ "مروّعة" بحسب ما وصفها منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، جيمي ماكغولدريك، الذي قال إن الجوع وصل إلى مستويات كارثية خاصة في شمال غزة.

شمال غزة: " نحن صائمون حتى قبل رمضان"

خلال شهر فبراير/ شباط الماضي، دخلت إلى مناطق شمال غزة ست بعثات إنسانية فقط تابعة للأمم المتحدة من أصل 24 بعثة كانت مقررة لإيصال المعونات لمناطق في شمال وادي غزة، وفق التقرير الشهري الصادر عن مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مما يجعل أزمة التغذية تتفاقم، وحتى السادس من الشهر الجاري وصلت حصيلة المتوفيين نتيجة سوء التغذية والجفاف في شمال غزة إلى 25 شخصاً، وفقاً لوزارة الصحة في غزة.

عندما يأتي شهر رمضان المبارك من كل عام، كان المسن الفلسطيني دياب الظاظا، (77 عامًا)، وعائلته يزينون شوارع حيه، وكان يتجول هو وأطفاله العشرة بالقرب من منزلهم ويوزعون الفوانيس التقليدية والحلويات على جيرانهم.

عادةً ما ينتظر الشهر الفضيل بفارغ الصبر في غزة، لأنه يوفر للمسلمين الوقت للتأمل والمشاركة في أعمال العبادة بالإضافة إلى قضاء المزيد من الوقت مع أسرهم وأحبائهم.

لكن شهر رمضان هذا العام، والذي يبدأ يوم غدٍ الاثنين، قد أثار قلق الكثير من الناس، بعد أكثر من خمسة أشهر من الحرب في الجيب المحاصر.

واستشهد أكثر من 30,900 فلسطيني في غزة منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول، بينما أصيب 70,000 آخرين. أعلنت الأمم المتحدة يوم السبت أن 80% من قطاع غزة أصبح الآن غير صالح للسكن، في حين أن معدل الجوع يصل إلى 100%.

وقال المسن الظاظا لموقع "ميدل ايست آي"، "لقد مررت بالعديد من المصاعب، لكن طوال حياتي لم أعش أيامًا أصعب من هذه الأيام بسبب الجوع والعطش والخسارة والفراق"، مردفًا: "رمضان هذا العام سيكون حزينا لأن الحرب لم تترك لنا شيئا".

ويتابع:  لقد دمر الجيش الإسرائيلي المساجد، حتى أنهم دمروا المسجد العمري الذي كان عمره أكثر من 1400 عام. لا يوجد مكان للصلاة فيه". 

وحذرت الأمم المتحدة والعديد من وكالات الإغاثة مرارا وتكرارًا من أن غزة على شفا المجاعة، ودعت إسرائيل إلى السماح بدخول المساعدات على الفور.

وقد ترك الجوع المنتشر لدى العديد من الفلسطينيين شعورًا بالقلق خلال الشهر الفضيل، يقول المواطن دياب الظاظا: "نحن نصوم منذ ثلاثة أشهر تقريباً رغماً عن إرادتنا بسبب الجوع لعدم وجود أي طعام متاح للأكل". "لقد فقدت 12 كيلو جرامًا من وزني منذ بداية الحرب. وقد شعرت بالدوار عدة مرات أثناء المشي مع زوجتي".

وفي مثل هذه الظروف، لم يكن متأكداً مما إذا كان سيتمكن من الصيام هذا العام. كما سبق أن أصيب بجلطة دماغية، في حين أن زوجته مريضة بالسكري واضطرت إلى تقسيم حقنة الأنسولين العادية إلى ثلاث جرعات بسبب ندرة الدواء.

"نحن نحب الحياة ونستحق أن نعيش"

وقطعت إسرائيل جميع أنواع الوقود والغذاء والمياه والمساعدات والكهرباء عن غزة في 9 تشرين الأول/أكتوبر، مما أدى تدريجيًا إلى انهيار القطاع الطبي والمستشفيات هناك بشكل كامل. وتعرضت المخابز ومحلات السوبر ماركت والصيدليات للقصف، مما أجبر الناس على البحث عن بقايا الطعام من أجل البقاء على قيد الحياة.

خليل عطا الله، 42 عاما، أب لستة أطفال، كان دائمًا يزين شارع اليرموك قبل شهر رمضان.

يقول لـ "ميدل ايست آي، "اعتدت كل عام على رؤية الأسواق مفتوحة قبل شهر رمضان، ورؤية أجمل الفوانيس والزخارف والأحياء المطلية. هناك تقاليد وعادات وطقوس دينية معينة تنشر الفرح في قلوب الجميع، لكن تل الهوى هذا العام وقال لموقع ميدل إيست آي: "لقد تم تدمير الحي".

وقال عطا الله وعائلته إنهم نزحوا عدة مرات منذ بداية الحرب، والآن، على حد قوله، يعيشون "حرب جوع".

وقال: "كل يوم، كل بيت كئيب. لقد فقدت أكثر من 50 فردًا من عائلتي في القصف. رمضان هذا العام سيكون مختلفا عن غيره بسبب القمع".

ورغم الظروف الصعبة، قرر عطا الله تزيين شارع اليرموك الذي يقيم فيه، "لنثبت للناس أننا نحب الحياة ولدينا إرادة لا تنكسر وأننا نستحق أن نعيش".

وأضاف: "لكن بقدر ما نخلق أجواء لطيفة، ونحاول تزيينها، هناك شعور عميق بالألم والحزن في داخلنا. لا يوجد منزل في غزة لم يقتل أو يُسجن فيه أحد أفراد الأسرة". 

أما المواطنة، فاطمة مدوق، أم لستة أطفال، تقول: "على الرغم من أنه شهر الخير والبركة، إلا أنني وعائلتي جميعنا جائعون. لم أكن أعمل قط قبل الحرب، لكن الآن، أنا وجميع أطفالي نعمل بسبب هذا الوضع".

وتضطر مدوخ إلى خلط الدقيق مع الشعير والقمح والذرة وعلف الطيور أو أي شيء آخر يمكن أن تصل إليه يدها لإطعام أطفالها، وأحدهم يعاني من مشاكل في القلب.

وقالت "زوجي مريض ولا يستطيع العمل. أعمل يوميا من الرابعة صباحا حتى الخامسة مساءا حتى أستطيع توفير أي شيء لعائلتي. نأكل مرة واحدة فقط". في كثير من الأحيان لا تستطيع النوم بسبب آلام الجوع.

الجنوب: "نحن بالأساس بلا مأوى، كيف نتحضّر لرمضان؟"

بالرغم من أن مناطق جنوب قطاع غزة تشهد دخولاً أكبر للبعثات الإنسانية من الأمم المتحدة، إلا أن ذلك لم يمنع النقص الشديد من الأغذية بسبب أعداد النازحين والظروف الإنسانية التي يعيشون بها وفق الأمم المتحدة.

ترفض منى، وهي سيدة نازحة في رفح، سؤالها عن أي تحضيرات لشهر رمضان، معتبرة أن مصطلح التحضير لرمضان لا ينطبق على ظروف وواقع أهالي غزة، "نحن بالأساس بلا مأوى، كيف نتحضّر لرمضان.. الناس تعيش في الخيم، وفي ناس بالطرقات، مقومات الحياة أصلا غير موجودة".

من الصعوبات التي ستواجه أهالي الجنوب في هذا العام خلال شهر رمضان هو غياب الغاز، مما يعني تعقيدات إضافية لعمليات الطهي إلى جانب نقص الطعام وانعدامه في بعض الأحيان، وتقول: "ما في أي طريقة لحفظ الطعام، ما في كهرباء، ولا أي معدات، نحن نعدّ الطعام على النار، هناك عبء أكبر على السيدات في رمضان لأن الطبخ سيكون على النار في داخل الخيم.. يعني بعد ما تقعد السيدة تعدّ الطعام كمان في إعداد خبز، يعني بدها تقريبا 6 ساعات في اليوم حتى تقدر تعمل أكل لأولادها".

تستدرك منى -التي تعيش برفقة والدها ووالدتها وأخيها وزوجته وأطفالهم الثلاثة- خلال الحديث عن أحوال العائلات في جنوب قطاع غزة وأوضاع باقي العائلات في الشمال، وتقول: "كيف نحكي عن تحضيرات رمضان وأهل الشمال ما عندهم طحين ولا عندهم أي معالم، ولا عندهم خضراوات ولا فواكه ولا شيء، وهو كل اشي مقطوع عندهم، همه اصلا صايمين قبل ما يجي رمضان".

في مقارنة مع السنوات السابقة، تُلخص منى أن المختلف في هذا العام عن سابقه أنه "لم يبق أحد في بيته"، وتقول إن منازل العائلات في مناطق رفح والمناطق الوسطى أصبحت مكتظة، "فكل بيت فيه 40 إلى 50 فردًا، الأكل قليل جدًا ولا يكفي، ويتم توزيع الطعام على الجميع حتى يأكلون، الواقع مرير قبل رمضان.. فكيف في رمضان؟".

اخبار ذات صلة