ساعات يقضيها الطفل أنس جودة، وأشقاءه الأربعة صباح كل يوم في غزة للبحث عن بعض الاعشاب وتقديمها لوالدتهم من أجل طهيها وسد جوعهم.
وللشهر الثاني على التوالي يجمع الأشقاء الأربعة الاعشاب بعد أن ذاقت بهم السبل ونفذ طعامهم ودمر منزلهم وباتوا يعانون من الجوع وعدم توفر احتياجاتهم الغذائية.
وما أن ينتهي الأطفال الأربعة من جمع الاعشاب، تبدأ بعدها مهمة جديدة وهي البحث عن الحطب لإشعال النار لطهي الطعام حراء نفاذ الوقود وعدم سماح جيش الاحتلال إدخاله إلى مدينة غزة وشمالها.
وعلى مقربة من منزلهم المدمر الكائن، في مخيم الشاطئ غربي مدينة غزة، يحاول أنس، جاهدا إشعال النار لوالدته من أجل طهي الأعشاب التي أحضرها وإعداد وجبة الغذاء الوحيدة التي يتناولها بشكل يومي.
وتقول إم انس: إن ابنائها باتوا أشبه بالهياكل العظمية ويعانون من الهزلان وانخفاض مستمر في أوزانهم وصداع شديد وآلام بالبطن بسبب الجوع وسوء التغذية واستمرار جيش الاحتلال منع وصول المساعدات الغذائية إلى مدينة غزة وشمالها، وفقدان الأخرى من الأسواق.
وتدعو جودة، كل دول العالم بالوقوف إلى جانب السكان ووقف العدوان المستمر على القطاع، منذ خمسة أشهر وإدخال المساعدات الإغاثية والإنسانية وإعادة الإعمار بعد الدمار الذي خلف جيش الاحتلال.
وبالقرب من جودة، تشتكي الخمسينية أمال بركات، من تردي أوضاعها المعيشية والاقتصادية بسبب استمرار العدوان على غزة، لشهره الخامس على التوالي ومنع قوات الاحتلال إيصال المساعدات الإنسانية لمدينة غزة و شمالي القطاع.
وتقول بركات الأم لسبعة أطفال لصحيفة "فلسطين": إن سكان القطاع يعانون من مجاعة حقيقية خاصة بعد نفاذ الطعام من بين أيديهم والأسواق.
وتضيف: أن اولادها بين الفينة والأخرى يلجئون إلى إحدى العيادات من أجل الحصول على بعض الفيتامينات بسبب سوء التغذية وعدم توفر الخضراوات والفواكه واللحوم.
وتشير إلى أنهم لجووا إلى طحن أعلاف الحيوانات، من أجل إعداد الخبز وتناوله لإبقاء على قيد الحياة ولإفشال مخططات الاحتلال الرامية إلى تهجيرهم جنوبي القطاع.
ولا يختلف الحال كثيراً عن النازحين المقيمين في إحدى مراكز الايواء التابعة للوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا غربي مدينة غزة، الذي بات عليهم الأعياد جراء نقص الطعام، بحسب محمد أحمد.
ويقول أحمد: إن الأهالي يمضون جل وقتهم في البحث عن الأعشاب لسد جوع أطفالهم، مشيراً إلى أن بعض العائلات تمضي أيام دون الحصول على وجبة طعام وتكتفي بتناول بعض حبات من التمر لعدم توفر الغذاء.
وأبدى أحمد، استغرابه من الصمت الدولي تجاه ما يحدث من قتل ودمار وتجويع يمارس بحق سكان القطاع، مؤكداً أن الاحتلال يشن حرب تجويع بحق سكان غزة وشمالها بعد فشله في إجبارهم على النزوح جنوبي القطاع. ودعا أحمد، أحرار وشرفاء العالم لتحمل مسؤولياتهم والوقوف بجانب سكان القطاع وإنهاء العدوان المستمر على القطاع ووقف حرب التجويع التي يشنها علينا، لافتاً إلى أن المساعدات التي تطلق من بعض الدول العربية جوا والتي تصل عن طريق البر لا تكفي لسد احتياجات القطاع، ولا تسلم من بطش جيش الاحتلال الذي يعرقل وصولها للأهالي، ويستهدفهم في حال أقدموا على استلامها.
وارتكب جيش الاحتلال مجزرة بحق بعض سكان القطاع، خلال تواجدهم بالقرب من حاجز النابلسي جنوب غرب مدينة غزة، يوم 29 شباط/ فبراير الماضي، لاستلام المساعدات الغذائية، راح ضحيتها أكثر من 120 شهيدا وأصيب نحو ألف مواطن وفق إحصاءات وزارة الصحة في غزة.