كشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، اليوم الخميس، أن التحقيقات الأولية تثبت أن عشرات الضحايا خلال استلام المساعدات الإنسانية غرب غزة فجر الخميس سقطوا جراء إصابتهم برصاص أطلقه الجيش الإسرائيلي.
وقال المرصد الحقوقي، في تقرير له، إن جيش الإسرائيلي يحاول التنصل من مسؤوليته عن الجريمة المروعة بنشر مقطع فيديو جوي مجتزأ والادعاء أن التدافع والدهس كان سبب قتل هذا العدد الكبير من المدنيين الفلسطينيين.
وأوضح الأورومتوسطي أن فرقه البحثية تابعت ما حدث منذ اللحظة الأولى، ووثقت قيام الدبابات الإسرائيلية بإطلاق النار بكثافة تجاه تجمعات المدنيين الفلسطينيين خلال محاولتهم استلام مساعدات إنسانية غربي جنوبي مدينة غزة، وهو ما تسبب وفق أحدث حصيلة باستشهاد 112 مدنيًا وإصابة 760 آخرين، فيما يعتقد أن العديد من الضحايا ما يزالون في منطقة الاستهداف.
وأكد أن العشرات من الضحايا تبين أنها مصابة بأعيرة نارية وليس نتيجة الدهس أو التدافع كما ادعى الناطق باسم الجيش الإسرائيلي الذي تحدث عن رواية الدعس دون أن ينفي عملية إطلاق النار المثبتة في مقاطع فيديو وثقت ما حدث.
وأبرز الأورومتوسطي أربعة دلائل تؤكد تورط الجيش الإسرائيلي في جريمة قتل وإصابة المدنيين الجياع، أولها علامات الإصابات على أجساد الشهداء والمصابين، وهو أمر توثق منه باحث المرصد الأورومتوسطي بمعاينة الضحايا لحظة وصولهم إلى مستشفى الشفاء، إلى جانب امتزاج دماء جروحهم بأكياس الطحين وصناديق المساعدات.
وذكر أن الدلالة الثانية هي مقاطع الفيديو التي نشرها الشهود العيان للجريمة وصوت الرصاص الواضح ومصدره من الدبابات الإسرائيلية المتمركزة باتجاه البحر، والتي تعمد الجيش اخفاؤها باللون الأسود في الفيديو الذي نشره، ولكن كان شهود العيان قد أكدوا وجود هذه الدبابات في محيط المنطقة التي شهدت الجريمة.
وأخيرًا، أشار المرصد الأورومتوسطي إلى أن الفيديو من الجو الذي نشره الجيش الإسرائيلي مجتزأ وتم إجراء تحريف فيه ومع ذلك يوضح تواجد دبابتين على الأقل بالدقيقة 01:06 ويظهر وجود عدة جثث بمسار الدبابات وليس بمسار الشاحنات.
ونبه إلى، أنه يظهر بالفيديو بالدقيقة 1:06-1:28 هروب معظم الأشخاص المتواجدين باتجاه عكسي من شاحنات المساعدات، بمن في ذلك الأشخاص الذين كانوا بالأصل بعيدين عن الشاحنات، مما يعني أن مصدر الخطر كان ليس من الشاحنات ذاتها أو من التدافع حولها، بل كان آت من مصدر آخر خارجي روّع جميع الأشخاص المتواجدين القريبين من الشاحنات والبعيدين عنها.
هذا عدا عن أن مقطع الفيديو الذي نشره الجيش الإسرائيلي لم يظهر أي عملية دهس، وهو ما يتسق مع العديد من إفادات الضحايا بأنهم أصيبوا بأعيرة نارية في ظهورهم خلال محاولتهم الهرب من المكان. بحسب المرصد.
وشدد الأورومتوسطي على أنه "لا يجوز بأي حال من الأحوال التسليم بصحة ومصداقية ما ينشره الجيش الإسرائيلي لتبرئة نفسه من الجرائم التي يرتكبها، دون إمكانية فحص ما يصدر عنه من قبل جهة تحقيق خارجية مستقلة ولديها الوصول الكامل للمعلومات الموجودة لدى الجيش الإسرائيلي، وإلا نكون أمام حالة عبثية بأن هذا الجيش هو الجاني والمحقق والقاضي في ذات الوقت".
ومع ذلك يشدد الأورومتوسطي بأن مقطع الفيديو الذي نشره الجيش الإسرائيلي هو في حقيقة الأمر دليل إدانة للجيش؛ كونه يظهر أن "إسرائيل" هي المسؤولة بالأصل عن هذه الكارثة الإنسانية وجريمة التجويع التي دفعت جموع المدنيين وتحت وطأة المجاعة التي فرضتها إسرائيل طوال 146 يومًا للاندفاع نحو الشاحنات التي تحمل المساعدات، والتي تعرقل قوات الجيش دخولها الآمن والطبيعي وبكميات مناسبة للسكان الذين يدفعهم الجوع للمجازفة بأرواحهم للوصول إلى قرب نقاط التمركز الإسرائيلي حيث المكان الذي تتوقف فيه شاحنات المساعدات.
وقال الأورومتوسطي إن القوات الإسرائيلية استهدفت المدنيين رغم أن تصوير الطائرات الإسرائيلية يظهر بوضوح أن الأمر يتعلق بمدنيين أنهكهم الجوع، وأنهم لا يشكلون أي خطر على القوات الإسرائيلية، وكان مطلبهم الحصول على حفنة قليلة من المساعدات بالرغم من آلية الإذلال المفروضة لاستلامها.
ونبه الأورومتوسطي إلى أن إطلاق النار الإسرائيلي تجاه الجياع متلقي المساعدات بات نهجًا متكررًا على شارع "صلاح الدين" حينًا وقرب "دوار الكويت" حينًا آخر في مدينة، حيث سقط في الأسابيع الأخيرة عشرات القتلى والجرحى نتيجة استهدافات مباشرة من القوات الإسرائيلية.
أعلنت وزارة الصحة بقطاع غزة، اليوم الخميس، "ارتفاع حصيلة الشهداء" ممن كانوا ينتظرون مساعدات إنسانية في شارع الرشيد جنوبي مدينة غزة إلى 112 فلسطينيًا، بالإضافة إلى 760 مصابًا.
وقال متحدث الوزارة أشرف القدرة، في بيان صحافي: "ارتفاع حصيلة مجزرة شارع الرشيد إلى 112 شهداء ونحو 760 إصابة، بعد وصول 8 شهداء إلى مجمع الشفاء الطبي بعد انتشالهم من منطقة دوار النابلسي على شارع الرشيد بغزة.
وأضاف: "شهداء وإصابات مجزرة شارع الرشيد وصلت إلى جميع مستشفيات شمال غزة، ولا تزال الطواقم الطبية تتعامل مع عدد من الحالات الخطيرة بإمكانيات محدودة".
والخميس، أطلقت القوات الإسرائيلية النار تجاه تجمع للفلسطينيين كانوا ينتظرون وصول شاحنات تحمل مساعدات في منطقة "دوار النابلسي" جنوب مدينة غزة وفق المكتب الإعلامي الحكومي بغزة.