وصفت تقارير عبرية، حكومة الاحتلال بعد قرار موافقتها على فرض قيود على المصليين من القدس والداخل المحتل خلال شهر رمضان بأنها الحكومة "الأسوأ على الإطلاق" و"تمهد لإحراق البلاد".
وقالت صحيفة "هآرتس" العبرية، "كان من الممكن أن يشكل شهر رمضان، الذي يبدأ الشهر المقبل، فرصةً ممتازة لإثبات كذب المتحدثين باسم حماس، وأن الحرب التي تخوضها إسرائيل هي ضد حماس، وليست ضد الشعب الفلسطيني برمته أو ضد كل المسلمين"، على حد قولها.
واستدركت: "لكن هذه الحكومة، وهي الأسوأ في تاريخ إسرائيل، يسيطر عليها ناشط جبل الهيكل إيتمار بن غفير، ويرأسها رجل دولة فاشل (في إشارة لبنيامين نتنياهو)، أدت نظرته للعالم إلى دفع إسرائيل إلى حافة الهاوية، وبالتالي فهي لا تضيع هذه الفرصة فحسب، بل إنها تستخدم رمضان كفرصة لصبّ المزيد من الزيت على نار الصراع مع الفلسطينيين".
قالت الصحيفة: "اتُّخذ هذا القرار رغم أن التجربة السابقة أظهرت أن تقييد الدخول إلى الحرم خلال شهر رمضان يتطلب دائماً سعراً أمنياً مرتفعاً، ومن وجهة نظر الفلسطينيين يُعد القرار دليلاً آخر على التهديد الذي يواجه وضعهم في أقدس مواقعهم".
وأضافت الصحيفة: " القرار جاء في تحدٍّ لموقفَي الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام "الشاباك"، اللذين قالا إن القيود يمكن أن تشعل جبهات صراع إضافية في القدس والضفة الغربية، والمدن اليهودية العربية المختلطة داخل إسرائيل".
واعتبرت الصحيفة أن نتنياهو لم يعد يتمتع بافتراض الجهل أو الخطأ في الحكم، "وفي أفضل الأحوال فهو اتخذ هذا القرار لأسباب لا علاقة لها بمصالح إسرائيل الوطنية، وإنما على وجه التحديد القلق على استقرار ائتلافه الحاكم".
وأضافت: "وفي أسوأ الأحوال، فعل (نتنياهو) ذلك من أجل إطالة أمد الحرب وتطرفها، وبالتالي تأجيل يوم الحساب بعد الحرب".
بدوره، قال رئيس الشعبة الأمنية السياسية في الموساد سابقا زهر بلتي إن أصواتا ستأتي من الأردن ومصر ودول الخليج وكذلك من دول اتفاقيات أبراهام، تقول إنه لا يجب استفزاز العالم الإسلامي في شهر رمضان، مطالبا رئيس الحكومة "إبداء المسؤولية".
وفي السياق ذاته، قال مراسل الشؤون العسكرية للقناة 13، ألون بن دافيد، إن هناك قناعة لدى الأجهزة الأمنية بأنه إذا لم تتمكن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على مدى 4 أشهر من توحيد الساحات، وتفجير الوضع بالضفة وإسرائيل، فإن التضييق على دخول المصلين للمسجد الأقصى من شأنه أن يتسبب في ذلك.
ويرى مراسل الشؤون العسكرية، أن بن غفير بتوصيته يضع عود الثقاب قرب برميل البارود ليرى إن كان سيشتعل، وهو الأمر الذي أيده العضو في الكنيست السابق ميكي روزنتال، بقوله إن هدف بن غفير هو تفجير الوضع بحيث نصبح الشعب الذي لا يضع اعتبارا لغير اليهود.
أما ميكي ليفي، وهو عضو كنيست عن حزب "يوجد مستقبل"، فقال إن إدخال المسجد الأقصى للمعادلة هو بمثابة إشعال فتيل مادة قابلة للانفجار، محذرًا من أن ذلك سيدفع عشرات الآلاف للمجيء إلى القدس من خارجها، مما سيؤدي لمواجهة أحداث صعبة من الشغب، وجر كل الضفة الغربية وقطاع غزة وكذلك الشمال.
وفي وقت سابق، وافق رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، الأحد، على مقترح وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير تقييد دخول فلسطينيي الداخل إلى المسجد الأقصى خلال رمضان القادم.
ويتضمن القرار، تقييد دخول الفلسطينيين من مناطق الـ48 والقدس المحتلة، إلى المسجد الأقصى، لأداء الشعائر الدينية، خلال شهر رمضان في آذار/ مارس المقبل، وذلك رضوخا للضغوط التي مارسها وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، وخلافا لتوصية الأجهزة الأمنية.
وذكرت القناة 13 العبرية، أن القرار اتخذ مساء اليوم، خلال مداولات عقدت في هذا الشأن برئاسة نتنياهو ومشاركة وزير الأمن القومي، ووزير الأمن، يوآف غالانت، والجهات الأمنية المعنية، وذلك على خلفية تحذيرات الشاباك من فرض قيود تحد من دخول فلسطينيي مناطق الـ48 إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان.
وخلال النقاش، حاول وزير الأمن، غالانت، ثني نتنياهو عن هذا القرار، وقال: "التحذير الإستراتيجي الصادر عن الشاباك ليس شيئًا يتم تقديمه كل يوم، يجب التعامل معه بمسؤولية"، كما قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هليفي، إنه "علينا اتخاذ قرارات محسوبة العواقب؛ ماذا سيحدث إذا تطلب الأمر تحويل القوات من غزة إلى الضفة الغربية؟".
يأتي التوتر تزامنًا مع قلق أميركي من إمكانية أن يثير الوزير بن غفير التوترات في الحرم القدسي خلال شهر رمضان؛ حيث تخشى واشنطن أن يجر ذلك القدس إلى الصراع الجاري في الشرق الأوسط، والذي تسعى الولايات المتحدة إلى احتوائه، وفق ما ذكرته صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" الأسبوع الماضي، نقلاً عن مسؤول أميركي وآخر إسرائيلي.
وشدد المسؤولون في جهاز الشاباك، خلال المداولات التي عقدت مساء اليوم، بحسب القناة 13، على أن "وفقا لتقديرات الجهاز فإن حركة حماس ستحاول ربط مسألة الدين وجر عرب إسرائيل (فلسطينيين الـ48) إلى التصعيد، إذا ما تم فرض قيود على دخول المسجد الأقصى"، في حين رفض بن غفير هذه التقديرات، وقال: "كنا قد سمعنا تقديراتكم قبل 7 أكتوبر في ما يتعلق بحماس".
بدورها، ذكرت القناة 12 أن حكومة الاحتلال قررت فرض قيود على دخول فلسطينيين الـ48 إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، مشيرة إلى أنه لم يتم اتخاذ قرار نهائي بشأن أعداد المصلين والقيود العمرية التي ستفرض على الأشخاص الذي سيسمح لهم بدخول المسجد الأقصى.
وبحسب القناة 12، فإن بن غفير يطالب بحظر دخول المصليين من سكان الضفة الغربية المحتلة إلى المسجد الأقصى نهائيا خلال شهر رمضان، في حين تطالب الشرطة بتقييد أعمار المصلين للسماح لمن هم في الـ65 عاما من العمر فما فوق بدخول المسجد الأقصى، فيما أوصى الشاباك بالسماح لمن يبلغون من العمر 45 عاما فما فوق بدخول المسجد الأقصى.
ولم تتخذ حكومة الاحتلال بعد، قرارا بشأن السماح بدخول سكان الضفة الغربية المحتلة، إلى المسجد الأقصى، خلال شهر رمضان؛ وتقرر في المداولات التي أجريت مساء اليوم، أن تصدر الحكومة الإسرائيلية بيانًا تزعم فيه أنها تحافظ على "حرية العبادة لجميع الأديان، بما في ذلك المسلمين في شهر رمضان". وبحسب القناة، فإن نتنياهو طالب الجهات المعنية بدراسة التداعيات المحتملة لجميع الخيارات المطروحة.
وأضاف المسؤولون، بحسب القناة 13، أن "القابلية لانفجار فلسطينيي القدس الشرقية والفلسطينيين المواطنين في إسرائيل في أعقاب خطوة من هذا القبيل يمكن أن تكون أكبر بكثير مما قد يحدث في يهودا والسامرة (الضفة الغربية المحتلة)"، في حين لفتت القناة 12 إلى أن بن غفير يحاول فرض قيود واسعة على دخول جميع الفلسطينيين للمسجد الأقصى.
وفي نشرتها المسائية أمس، السبت، كشفت هيئة البث الإسرائيلية ("كان 11")، أن الشرطة طالبت بأن تنشر قوة دائمة داخل الحرم القدسي على مدار شهر رمضان، بزعم التحرك السريع للتعامل العاجل مع "التحريض أو لإحباط مظاهر الدعم لحركة حماس"، الأمر الذي عارضه الشاباك.
من جهتها، حذرت لجنة المتابعة للجماهير العربية، من نية الحكومة الإسرائيلية "قبول طلبات بن غفير، لفرض قيود على دخول المسلمين من فلسطينيي الداخل، وفلسطينيي القدس، إلى المسجد الأقصى المبارك خلال شهر رمضان، بعد فرض قيود مشددة على فلسطينيي الضفة، وحظر فلسطينيي قطاع غزة بطبيعة الحال، في ظل حرب الإبادة المستمرة على شعبنا".
وقالت اللجنة، إن "شهر رمضان الفضيل هو شهر عبادة وتقوى، إلا أن العقلية العنصرية التي تهيمن على الحكومة الإسرائيلية جعلته شهر استفزازات وتهديدات وقمع وحرمان لحرية العبادة لأصحاب الوطن والمقدسات وأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين".
وشددت المتابعة على أن "هذه الشروط التي يطلبها بن غفير، ويوافق عليها رئيس حكومته، نتنياهو، بحسب ما ينشر في وسائل الإعلام، هي إعلان حرب شاملة علينا، وهي مقدمة لتفريغ الحرم القدسي الشريف من أجل سيطرة المستوطنين على المسجد الأقصى تمهيدا لهدمه، بحسب ما يسعى له المستوطنون والمتطرفون عامة على مدى السنين".
وختمت المتابعة بيانها بالتأكيد أن "المسجد الأقصى بكامل مساحته، هو مكان مقدس للمسلمين وحدهم، ولا حق لغيرهم في الدخول إليه وإدارة شؤونه، ولن نتنازل عن حرية الدخول إلى المسجد الأقصى، في هذا الشهر الفضيل، وفي كل يوم وساعة".
وقال رئيس اللجنة، محمد بركة، إن "هذا القرار لن يمرّ أبدًا، لا هنا ولا في العالم. محاولات تفريغ الأقصى ستفشل ومعها ستفشل مخططات هؤلاء"، ودعا بركة "المجتمع الدولي والدول العربية والإسلامية، إلى العمل من أجل وقف هذا التصعيد الخطير إلى جانب حرب الإبادة في غزة".