تواجه الأسيرات الفلسطينيات في سجن "الدامون" الإسرائيلي أوضاعًا مأساوية للغاية في ظل تصاعد الإجراءات الانتقامية بشكل غير مسبوق بحقهن وبحق الحركة الأسيرة ككل، منذ الـ 7 من أكتوبر/ تشرين الاول الماضي 2023. وفق ما سرده تقرير لهيئة شؤون الأسرى والمحررين.
ولخصت الأسيرة دينا خوري (24 عامًا) من مدينة حيفا في حديثها لمحامي هيئة شؤون الأسرى، ظروف اعتقالهن داخل "الدامون" بالقول: "نحن نعيش بمقابر للأحياء".
وروت خوري، وفق الهيئة، تفاصيل عن تعرضها منذ اعتقالها في 11 أكتوبر/تشرين الأول الماضي "لتهديدات بالقتل والاغتصاب، وشتائم وضرب وعزل وحرمان من أدنى مقومات الحياة الإنسانية"، بذريعة اتهامها "بالتحريض عبر وسائل التواصل الاجتماعي".
وقالت: "دهمت قوة من جنود الاحتلال منزلي واعتقلتني، وبقيت مقيدة الأيدي والأرجل، ثم جاء محقق، وقال للشرطي افتح الخزانة وضع رأسها فيها ليأتي شبابنا ويغتصبوها، كما هددوني بالقتل وإطلاق رصاصة على رأسي".
وتابعت خوري "جرى نقلي إلى سجن الشارون، حيث استمر مسلسل التنكيل والتعذيب، وتم نقلي إلى غرفة أشبه بالزنزانة، وهي ضيقة ولا يوجد فيها شيء، شبابيكها عالية وهي عبارة عن قضبان حديدية مفتوحة دون بلاستيك أو زجاج، وتُدخل هواء باردًا جدًا، ومليئة بالبق، والفرشات رقيقة جدا، ومليئة بمياه ملوثة".
وتقول خوري إن "الأسيرات يتعرّضن بشكل دائم للتفتيش العاري، ونكاد نموت من البرد والجوع، ولا يوجد ملابس ولا حتى صابون للاستحمام، والفورة (فسحة التنفس اليومية) ممنوعة، والأكل سيئ للغاية".
وأوضح البيان أن خوري "أصيبت بنوبة تشنج وفقدت وعيها، وعند نقلها إلى العيادة تبيّن أنها تعاني انخفاضا في الضغط والسكر، وتسارعا في دقات القلب، بينما اكتفت طبيبة السجن بنصحها بشرب المياه".
وتعتقل "إسرائيل" في سجونها 70 أسيرة، بحسب بيان سابق للهيئة.
وأكدت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، بأن 60 أسيرة في سجن "الدامون الإسرائيلي" يعشن أوضاعًا مأساوية و"معزولات بشكل تام عن العالم الخارجي، ولا يوجد أي تواصل أو زيارات، وهناك قيود كبيرة على زيارة المحامين".
ويصنف فصل الشتاء الحالي على أنه الأقسى على المعتقلين والمعتقلات في تاريخ الحركة الأسيرة، حين حولت إدارة سجون الاحتلال الظروف الجوية لوسيلة عقاب صعبة وقاسية، في ظل الإجراءات التي تفرضها بحقهم منذ السابع من تشرين أول/ أكتوبر من العام الماضي.
وقالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، إن البرد نال من أجساد أسرانا وأسيراتنا، وتسبب بانتشار الأمراض الموسمية في صفوفهم بشكل كبير، حيث تزامن مع مصادرة الأجهزة الكهربائية ووسائل التدفئة والملابس والأغطية، وتقليل كميات الطعام للحد الأدنى، وسوئه من حيث النوعية والكمية.
وأشارت الهيئة، إلى تدهور صحة الأسرى والأسيرات، ومعاناتهم من أمراض الانفلونزا، وأوجاع شبه دائمة في العظام والمفاصل والمعدة.
وأوضح رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدورة فارس، أن إدارة سجون الاحتلال تنتهج سياسة عزل الأسرى في غرفهم بلباس واحد فقط يرتدونه، وفرشات وأغطية خفيفة جدًا لا تحدث أي فعالية في ظل هذا الصقيع، الأمر الذي جعل منهم فريسة لهذا الشتاء، الذي تدنت فيه درجات الحرارة الى مستويات كبيرة وبشكل ملحوظ، علماً أن أبواب الغرف والزنازين مجرى الرياح، فهي تتضمن فتحات يتسلل منها البرد ومياه الأمطار بسهولة.
وأعرب فارس عن "سخطه لصمت المؤسسات الحقوقية والانسانية الدولية، والتي أكد أنها تنظر الى جرائم الاحتلال وتفرده بالمعتقلين دون أن تحرك ساكنًا، ولا تتدخل من أجل إنقاذهم، أو حتى معاينة ظروفهم". وفق البيان.
ورصدت مؤسسات الأسرى، في بيانها أن العدد الإجمالي للأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية بلغ حتى نهاية شهر يناير الماضي "9000 معتقلا"، علمًا أن هذه المعطيات "لا تتضمن معتقلي غزة المحتجزون في المعسكرات في ظل استمرار إخفائهم قسريًا".
وخلال يناير، اعتقلت السلطات الإسرائيلية 1236 فلسطينيًا من الضفة الغربية المحتلة، فيما وصل عدد المعتقلين منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى 6870، بينهم 30 سيدة، و73 طفلا من الضفة، خلال يناير الماضي.
وفي السياق، أوضحت مؤسسات الأسرى أنه في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر "اعتقلت السلطات الإسرائيلية 6870 فلسطينيًا، بينهم 215 سيدة، وأكثر من400 طفل"، وفق المصدر ذاته.
وأشار البيان إلى، أنه من بين المعتقلين "52 صحفيًا أُبقي منهم 37 رهن الاعتقال"، ومن بين المعتقلين الإداريين في السجون الإسرائيلية وهم المحتجزين دون تهمة هناك "3484 رجلا، و11 سيدة، و40 طفلا، و21 صحفيًا".
وعلى هذا النحو، لفت البيان إلى أن "606 معتقلين في السجون تصنفهم إسرائيل على أنهم مقاتلون غير شرعيين".
ومنذ اندلاع الحرب المدمرة على قطاع غزة في 7 أكتوبر، كثف الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية بالضفة الغربية، وزاد من وتيرة الاقتحامات والمداهمات للمدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية، مما خلف آلاف المصابين والمحتجزين فضلا عن مئات القتلى.