أبرزت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، في تقرير حول العدوان المتواصل على غزة، عديد النقاط التي يمكن لمحكمة العدل الدولية الاستناد إليها، لمحاكمة “إسرائيل”.
وأوضحت المجلة في مقال نُشر على موقعها الإلكتروني، تحت عنوان “تدمير نظام الرعاية الصحية في غزة هو جريمة حرب”، أنّ تدمير إسرائيل نظام الرعاية الصحية في غزة، لا يشكّل فقط جزءا مهما من تهم الإبادة الجماعية، بل هو أيضا جريمة حرب صارخة يجب أن تحاكم عليها في المحكمة الجنائية الدولية.
وشدّدت على أنّ تدمير نظام الرعاية الصحية في غزة هو جريمة حرب، ويجب على المحكمة الجنائية الدولية محاكمة الإسرائيليين المسؤولين عن قصف المستشفيات، ومنع الوصول إلى الأدوية واللقاحات، والتسبّب في أضرار جسيمة للمدنيين.
رسالة للجنائية الدولية
في 26 يناير الماضي، أصدرت محكمة العدل الدولية في لاهاي حكما أوّليا في دعوى جنوب إفريقيا التي تّتهم "إسرائيل" بارتكاب أعمال إبادة جماعية في غزة.
ولم تطالب المحكمة بوقف فوري لإطلاق النار، ولم تحكم في ما إذا كان الاحتلال الإسرائيلي ارتكب بالفعل جريمة إبادة جماعية، لكنها أصدرت تعليماتها إلى الاحتلال الإسرائيلي باتخاذ تدابير مؤقتة لمنع أعمال الإبادة الجماعية.
ولاحظت المحكمة في حكمها “سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى، فضلا عن الدمار الهائل للمنازل، والتهجير القسري للغالبية العظمى من السكان، والأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية المدنية”.
واعتبرت أنّ “الركيزة الأقل شهرة في القضية ضد "إسرائيل"، في محكمة العدل الدولية، هي هجومها المنهجي على البنية التحتية الطبية في غزة”.
وأشارت إلى أنّ هناك “منطقا دائريا قاسيا” في غزة، حيث “إنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي، أثناء قيامه بقصف غزة ومحاصرتها، تخلق حاجة ملحّة للرعاية الطبية بين المدنيين، بينما تحرمهم في الوقت نفسه من الوصول إليها”.
تدمير ممنهج
حدّدت المجلة في مقالها، المحطات الأساسية في عملية تدمير الاحتلال نظام الرعاية الصحية في قطاع غزة، منذ بداية العدوان.
وأشارت “فورين بوليسي” إلى أنّ الاحتلال استهدف خلال الـ36 ساعة الأولى، من عدوانه على غزة، المستشفى الإندونيسي في بيت لاهيا، ومستشفى ناصر في خان يونس، ومستشفى القدس في مدينة غزة، من بين عدة منشآت أخرى.
وأضافت: “بحلول 24 نوفمبر، كان 30 من أصل 36 مستشفى في غزة قد تعرّض للقصف”.
وقالت إنّه حتى 30 يناير، أبلغت منظمة الصحة العالمية، عن وقوع 342 هجمة متعلقة بالرعاية الصحية في غزة”، وقد “تم إضعاف تلك المستشفيات وسيارات الإسعاف والعيادات، التي نجت من القصف بسبب الحصار وعرقلة قوافل المساعدات الإنسانية”.
وأشارت الصحيفة في مقالها، إلى أنّ “المستشفيات الوحيدة في غزة، التي تقدّم العلاج للبالغين والأطفال المصابين بالسرطان، هي مستشفى الصداقة التركية الفلسطينية، ومستشفى الرنتيسي التخصّصي للأطفال، وقد تعرّضت للقصف، والحصار والإجبار على الإغلاق”.
وما يزيد الطين بلّة -تضيف مجلة “فورين بوليسي”- أنّ “الجمع بين النزوح الجماعي القسري، والظروف غير الصحية الناجمة عن انقطاع خدمات الصرف الصحي، ومعالجة مياه الصرف الصحي، وانقطاع التطعيم، ستدفع حتما إلى تفشّي الأمراض في المستقبل، مما يؤدّي وظيفيّا إلى شكل من أشكال الحرب البيولوجية غير المباشرة”.
استهداف مباشر لآخر مراكز الرعاية الصحية
وأوّل أمس، تعرّض مجمّع ناصر الطبي لعدّة اعتداءات إثر قيام جيش الاحتلال باستهدافه ومحيطه بشكل مباشر، في سياق العمل على تدمير النظام الصحي في قطاع غزة.
كما أشار الناطق باسم وزارة الصحة في غزة، أشرف القدرة، إلى “أنّ الاحتلال اقتحم مستشفى الأمل، والذي يقع في خان يونس أيضا في منطقة قريبة من مجمّع ناصر الطبي، بهدف إخراجها عن الخدمة، لافتا إلى أنّ ذلك يتصاعد ضمن مساعي الاحتلال لإخراج كل مستشفيات القطاع عن العمل”.
وأصدر المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، تصريحا صحفيّا، حمّل فيه الولايات المتحدة الأمريكية والاحتلال الإسرائيلي، “المسؤولية الكاملة عن تداعيات المجاعة المتصاعدة شمالي غزة”.
واعتبر أنّ كل دول العالم أمام “مسؤولية أخلاقية، وإنسانية تجاه هذه الجريمة القذرة التي يمارسها الاحتلال بدعم أمريكي كامل”، مطالبا إيّاها بالتنديد وإدانة هذه الجريمة التي “قد تودي بحياة نصف مليون إنسان في منطقة شمالي القطاع وأطرافها”.