فلسطين أون لاين

بعد 15 يومًا

الأورومتوسطي يكشف.. كيف التزم الاحتلال بقرار محكمة العدل الدولية؟

...

 غزة - فلسطين أون لاين

15 يومًا مرّ على قرار محكمة العدل الدولية الذي قضت فيه بأمر الاحتلال الصهيوني بمنع ارتكاب "إبادة جماعية في قطاع غزة، ورغم ذلك القرار إلا أنّ الاحتلال زاد همجيةً وبشاعة، بل إن عدد المجازر التي يرتكبها بحق العائلات في قطاع غزة، زادت دمويةً يومًا بعد يوم.

في هذا السياق، وثّق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان مواصلة الجيش"الإسرائيلي" ارتكابه جرائم "الإبادة الجماعية" بذات الوتيرة، من خلال قتل المدنيين على نحو واسع، وحرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية، واستمرار حصارهم وتجويعهم وإبقائهم دون غذاء وماء ودواء.

وأكد المرصد الأورومتوسطي أن الجيش "الإسرائيلي" نفّذ عمليات تدمير منهجي وواسع النطاق للمناطق والأحياء السكنية والبنية التحتية المدنية ومرافقها، مما جعل معظم القطاع بحكم الأمر الواقع مكانًا غير قابل للحياة والسكن. 

ورصد الأورومتوسطي قتْل الجيش الإسرائيلي لأكثر من 1864 فلسطينيًّا، من بينهم 690 طفلًا و441 امرأة، إضافة إلى أكثر من 2933 إصابة، منذ صدور قرار المحكمة، ما يرفع عدد الضحايا  للهجوم المستمر منذ السابع من أكتوبر الماضي إلى 35880 شهيدًا، من بينهم 13880 طفلًا، و7910 امرأةً.

وأوضح المرصد أنّ هذه التوثيقات تؤكد أنّ الاحتلال مازال يواصل انتهاك التزاماته الدولية وقرار المحكمة الأعلى في العالم، بارتكابه جريمة كل الجرائم، جريمة "الإبادة الجماعية"، التي يصب الاحتلال في إطار تنفيذها انتهاكات جسيمة وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، والقائمة كجرائم بحد ذاتها، ضد الفلسطينيين وعلى نحو كلي في قطاع غزة. 

وأشار الأورومتوسطي إلى أن الجيش "الإسرائيلي" نسف ما لا يقل عن 43 مربعًا سكنيًّا خلال هذه المدة، يحوي كل مربع بين 20-50 منزلاً، خاصة في خانيونس جنوب قطاع غزة، واستمر في قصف منازل وتدميرها، رغم انتهائه من عملياته العسكرية فيها منذ أسابيع. 

وبيّن تحليل صور قمر صناعي أوروبي حجمًا مهولاً للدمار في قطاع غزة، إذ تبين أن ما لا يقل عن 68% من المباني مدمرة أو متضررة شمال قطاع غزة، و72% على الأقل بمدينة غزة، و39% بالمعسكرات الوسطى، و46% في خان يونس. أما في مدينة رفح جنوب القطاع التي يلوح الاحتلال بتنفيذ عملية عسكرية فيها، فبلغت نسبة الدمار فيها نحو 20%.

وبناءً على التقديرات الدولية والأممية فإن إزالة الأنقاض ستستغرق سنة على الأقل، وما بين 7 و10 سنوات لإعادة بناء المنازل المدمرة في قطاع غزة، كما أن الاقتصاد في القطاع لن يتمكن من استعادة مستويات الناتج المحلي الإجمالي لعام 2022 إلا في عام 2092، مع استمرار تدهور نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي والظروف الاجتماعية والاقتصادية. وبأحسن الأحوال، وفي حال تم رفع الحصار عن قطاع غزة بشكل كامل إلى جانب بدء عملية إعادة الإعمار على الفور، فإن ذلك يمكن أن يتحقق في عام 2035.

ولفت الأورومتوسطي إلى أن الجيش "الإسرائيلي" يواصل عملية التدمير الشامل لكل المباني السكنية وتجريف الأراضي الزراعية في حدود يتراوح بين 1 إلى 1.5 كم بمحاذاة السياج الأمني الفاصل شرقي قطاع غزة وشماله، في إطار سعيه لإقامة منطقة عازلة تقتطع قرابة 15% من مساحة القطاع الذي لا يتعدى 365 كيلومترًا مربعًا، ويعد ضمن أعلى المناطق كثافة سكانية في العالم. 

كما رصد الأورومتوسطي اقتحام القوات الصهيونية أمس الجمعة عدة مدارس تؤوي آلاف النازحين في مخيم خانيونس، وقتلت تسعة منهم على الأقل، واعتقلت الرجال بعد أن أجبرتهم على التعري، فيما أجبرت النساء على المغادرة باتجاه إما منطقة مستشفى غزة الأوروبي أو منطقة مواصي خان يونس ورفح. 

وبدلاً من تسهيل وصول المساعدات إلى قطاع غزة، صعد الاحتلال  من إجراءاته لتقييد وصول هذه المساعدات عبر عدة آليات، منها السماح لمجموعات من المستوطنين المتطرفين بموافقة الشرطة "الإسرائيلية" وبناء على أوامر وزير الأمن الصهيوني "إيتمار بن غفير" بتعطيل مرور شاحنات المساعدات من معبر "كرم أبو سالم"، وتكرر ذلك عدة مرات.

ونتيجة القيود الإسرائيلية، يعاني مئات الآلاف من السكان في شمال قطاع غزة من جوع حقيقي وحرمان متواصل وشديد من المواد الغذائية، فيما تبقى هناك مؤشرات عالية على بدء انتشار المجاعة في تلك المنطقة، وتسبب ذلك بخسران جميع السكان أكثر من 1200 طن من أوزانهم، نتيجة الحرمان من الغذاء الكافي، وهو ما سيكون له تأثيرات مستقبلية خطيرة على صحتهم وجهازهم المناعي، وسيؤدي إلى حالات وفاة كبيرة تفوق الأعداد الكبيرة الناجمة عن القتل المباشر.

ووثق المرصد في 28 يناير الماضي حادثة وفاة المسن الفلسطيني أحمد شاكر عايش عن عمر يناهز 70 عامًا، الذي أفاد أقاربه أنه مات جوعًا في مخيم الشاطئ في مدينة غزة.

يذكر أن الاحتلال يشن حملة تحريض جديدة ضد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) التي تعد الجسم الأكبر لتقديم المساعدات للفلسطينيين في القطاع، بدعوى مشاركة 12 من موظفيها في هجوم 7 تشرين أول/أكتوبر الماضي. تلا ذلك قيام 18 دولة بقطع تمويل الوكالة الأممية التي تقوم بإيواء أكثر من 1.2 مليون لاجئ من أصل 1.9 مليون لاجئ في قطاع غزة. ومن شأن قطع التمويل الذي يأتي كشكل من أشكال العقاب الجماعي للفلسطينيين بأكملهم أن يوقف عمل الوكالة الأممية مع عدم وجود بديل عنها، الأمر الذي يعني تكريسًا لحالة التجويع وانتشار المجاعة واليأس وانقطاع الخدمات الأساسية في قطاع غزة. 

وأكد المرصد الأورومتوسطي أنّ الاحتلال يواصل استهداف ما تبقى من المنظومة الصحية في قطاع غزة، وتعطيل أي قدرة لديها لإنقاذ حياة الفلسطينيين باستمرار القصف المباشر وإطلاق النار على المستشفيات وسيارات الإسعاف والطواقم الطبية، مع بدء الشهر الخامس على حرب الإبادة الجماعية التي تشنها ضد القطاع. 

وأبرز الأورومتوسطي أنه وثق في الأيام الماضية العديد من الهجمات العسكرية "الإسرائيلية" الخطيرة، التي نتج عنها تعطيل العودة الجزئية لعمل المستشفيات، خاصة في مدينة غزة وشمالها، والتي تأتي في إطار هجوم واسع النطاق الذي طال القطاع الصحي بمكوناته المختلفة منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي.

وأشار الأورمتوسطي إلى أن الاحتلال يواصل هجومه على ما تبقى من النظام الصحي في غزة، ويحاصر المستشفيات التي بقيت تعمل جزئيًّا في خانيونس جنوبي القطاع ويستهدفها بشكل مباشر، حيث يقترب كل من "مستشفى ناصر" الحكومي و"مستشفى الأمل" التابع للهلال الأحمر من التوقف التام نتيجة الحصار والاستهداف المتكرر.

وأوضح أنه بالتزامن مع إعداد هذا البيان، اقتحمت القوات "الإسرائيلية" مستشفى "الأمل" في خانيونس، بعد 20 يومًا من الحصار والقصف الذي أدى إلى استشهاد وإصابة العشرات داخل المستشفى، وإجبار حوالي 8000 شخص على النزوح الفوري، دون أن يكون لهم أي وجهة أخرى معلومة يتخذونها ملجأ، فيما بقي هناك أربعون نازحًا فقط من كبار السن، بالإضافة إلى حوالي 80 مريضُا وجريحُا ومائة من الطواقم الإدارية والطبية.

وأكد الأورومتوسطي أن الاحتلال لم يظهر أي جدية إزاء التحقيق في جرائم مروعة، بما فيها عمليات قتل وإعدام لأسرى ضمنهم مدنيون، وعمليات نهب وحرق منازل تجري بشكل ممنهج، وفق ما اعترف به طبيب في الجيش "الإسرائيلي" خدم لمدة شهرين حسب ما أوردت صحيفة "معاريف" العبرية هذا اليوم. ولم يباشر الاحتلال  حتى تاريخه بالتحقيق في تلك الانتهاكات أو مساءلة ومحاسبة أي من المسؤولين السياسيين أو العسكريين أو الأشخاص المدنيين المتورطين في التحريض على إبادة الفلسطينيين في القطاع. 

ورصد الأورومتوسطي عددًا من مقاطع مصور ما تزال تتكشف لضباط وجنود "إسرائيليين" في الميدان يشيرون مباشرة إلى التحريضات الرسمية الصادرة عن مسؤولين "إسرائيليين" لارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في القطاع، بما في ذلك "توجيهات العماليق" مع بيانات إضافية تفيد بالنية الإبادية، وتأكيد تنفيذها عمليًّا على أرض الواقع، وتجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم، كمقطعين مصورين لكل من الضابط افي الجيش الإسرائيلي "هيا بن هيمو"، والضابط "اتسيك وولف" وكذلك الأمر فيما يخص مقطعًا مصوّرًا نشره جندي إسرائيلي آخر، يروج لمحل الحلاقة الذي يملكه وهو واقف بجانب جثامين ثلاث ضحايا فلسطينيين، من بينهم امرأة، معلقًا: "هذا ما يستحقونه، أولاد العماليق". 

وطالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بضرورة  إجراء تحقيقات دولية في الانتهاكات الموثقة منذ بدء الهجوم العسكري على غزة، وإلى ضرورة إسراع المحكمة الجنائية الدولية بإجراءات تحقيقها، ووضع ما يجري في قطاع غزة ضمن أولويات عملها، والعمل لإنهاء حالة الحصانة والإفلات من العقاب، وتقديم جميع مصدري الأوامر ومنفذيها إلى العدالة ومحاسبتهم، بما يضمن إنصاف الضحايا وتعويضهم. 

ودعا المرصد الأورومتوسطي المجتمع الدولي بالاضطلاع بالتزاماته القانونية والدولية تجاه نفسه وتجاه سكان قطاع غزة، وضمان تنفيذ قرار محكمة العدل الدولية، والعمل فورًا على وقف جريمة الإبادة الجماعية، التي قررت المحكمة رسميًّا بشبهة وقوعها هناك، والعمل والضغط على نحو حاسم لإدخال المساعدات الإنسانية الضرورية إلى قطاع غزة بشكل فوري وسريع ودون عوائق، من أجل وقف انتشار المجاعة في القطاع، والضغط من أجل مرور لجان التقصي والتحقيق الدولية والأممية إلى القطاع منعًا لتدمير الأدلة المرتبطة بالجرائم التي يرتكبها الاحتلال هناك.

ودعا الأورومتوسطي في ختام بيانه إلى تكثيف العمل من قبل المؤسسات الوطنية والدولية والأممية لمراقبة ورصد وتوثيق انتهاكات الاحتلال والإبلاغ عنها ونشرها على أوسع نطاق، من أجل تعزيز القدرة على مساءلة الاحتلال ومحاسبته، خاصة فيما يتعلق بانتهاكه لقرار المحكمة العدل الدولية، وتقديم الأدلة اللازمة إلى المحكمة بعد انتهاء المهلة، ومدتها شهر، التي منحتها المحكمة للاحتلال من أجل رفع تقرير حول تنفيذ التدابير التي انطوى عليها القرار.