غزة - فلسطين أون لاين
أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في بيان له، اليوم الجمعة، أن "إسرائيل" تتعمد استهداف المنظومة الصحية في قطاع غزة من خلال القصف المباشر وإطلاق النار نحو المستشفيات وسيارات الإسعاف والطواقم الطبية.
ووثّق الأورومتوسطي خلال الأيام الماضية العديد من الهجمات العسكرية ا"لإسرائيلية" الخطيرة، التي نتج عنها تعطيل العودة الجزئية لعمل المستشفيات والمرافق الصحية في قطاع غزة.
وأوضح المرصد أن فريقه وثّق خلال الساعات الماضية جريمة مقتل المسعف في الهلال الأحمر الفلسطيني "محمد العمري"، وإصابة مسعفين آخرين بجروح، أحدهما في الصدر والآخر بشظايا في العين، جرّاء تعرضهما يوم الأربعاء الموافق 7 شباط/فبراير لإطلاق نار مباشر من قناصة قوات الجيش الإسرائيلي في مدينة غزة، خلال مهمة عمل لإجلاء جرحى من مستشفيات مدينة غزة إلى منطقة الجنوب، رغم حصولهم على التنسيق الذي تشترطه "إسرائيل" بشكل مسبق لمرور هذه المهمات.
ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أن الجيش "الإسرائيلي" قصف بشكل مباشر مبنى التنمية في مجمع "الشفاء" الطبي في وقت متأخر من اليوم ذاته، ليقتل خمسة من النازحين، مشيرًا إلى أن الغارات وعمليات القصف "الإسرائيلي" التي استهدفت المجمع الطبي ومحيطه، بما في ذلك إلقاء منشورات تطالب السكان بإخلاء المنطقة، سيترتب عليه إخراج هذا المستشفى عن العمل وتعطيل أي محاولة لاستئناف عمله، خاصة وأنه كان قد شهد في تشرين ثانٍ/نوفمبر الماضي هجمات عسكرية "إسرائيلية" واسعة بالقصف والاقتحام والتدمير المتعمد لمبانيه وأقسامه ومعداته.
ووثّق الأورومتوسطي في تقاريره تعرُّض مستشفى "العودة" شمالي قطاع غزة للاستهداف مرتين خلال شهر فبراير، من خلال الاستهداف المدفعي وإطلاق النار بشكل مباشر.
وحذّر الأورومتوسطي من الوضع "المأساوي" لمستشفيات وسط القطاع وجنوبه، مشيرًا إلى أن القوات الإسرائيلية تحاصر وتستهدف بإطلاق النار والقذائف مستشفيي "الأمل" و"ناصر" في خانيونس، وهما شبه معطلان عن العمل منذ أكثر من أسبوعين.
وأوضح المرصد أن قوات الاحتلال اقتحمت مستشفى الخير غرب مخيم خانيونس، وقتلت عددًا من المرضى والنازحين الذين كانوا داخله، واعتقلت آخرين، وأجبرت البقية، بمن فيهم مرضى، على الخروج وهم في حالة صحية سيئة دون تأمين أي وسيلة خروج آمنة، وأجبروهم على الخروج من بين الدبابات وإطلاق النار.
ووثّق الأورومتوسطي استشهاد نازح مساء أمس الخميس برصاص أطلقته طائرات "كواد كابتر" المسيرة تجاه مستشفى "ناصر" بينما كان على سطح المبنى لمحاولة التقاط إشارة الإنترنت للتواصل مع ذويه بعد تقطع السبل بينهم، في وقت لم يكن يشكل فيه أي خطر أو تهديد.
إلى جانب ذلك، أصيب ممرض بجروح خطيرة برصاص قناصة الجيش "الإسرائيلي" المتمركزين في محيط مستشفى "ناصر"، فيما استشهدت قبل يومين طفلة على بوابة المستشفى خلال محاولتها الخروج للحصول على الماء.
ويوجد في مجمع "ناصر" الطبي 300 عنصر من الكوادر الطبية و450 جريحًا وعدة آلاف من النازحين، ويعاني من نقص حاد في أدوية التخدير والعناية المركزة والمستلزمات الجراحية، بينما يمنع الجيش "الإسرائيلي" حركة سيارات الإسعاف ويعيق وصول الجرحى والمرضى إليه.
وفي مستشفى "الأمل" في خانيونس— التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني— فرغم إخلائه من غالبية النازحين، إلاّ أن قوات الجيش "الإسرائيلي" واصلت استهدافه بالقصف وإطلاق النار، فيما تمنع إمداده بالوقود والأكسجين، الأمر الذي تسبب بتوقف قسم الجراحة.
وأكد الأورومتوسطي أن الجيش "الإسرائيلي" كان قد أجبر في 5 شباط/فبراير الجاري الطواقم الطبية والمرضى والنازحين على إخلاء المستشفى بعد استهدافه عسكريًّا وحصاره لمدة 15 يومًا متواصلة، ما أدى إلى نزوح حوالي 8000 شخص، دون أن تكون لهم أي وجهة أخرى معلومة يتخذونها ملجأ، فيما بقي أربعون نازحًا فقط من كبار السن، بالإضافة إلى حوالي 80 مريضًا وجريحًا و مائة من الطواقم الإدارية والطبية.
كما وثّق المرصد يوم الأربعاء المنصرم إصابة مريض بعيار ناري وهو على سرير المستشفى، وأصيب مرافقه بعيار ناري آخر أطلقه جنود "إسرائيليون".
يُذكر أنه يتواجد في المستشفى أكثر من 200 شخص من المرضى والطواقم الطبية والإدارية.
في الوقت ذاته، ما يزال مصير أفراد فريق إسعاف الهلال الأحمر الفلسطيني، "يوسف زينو" و"أحمد المدهون" اللذان توجها لإنقاذ الطفلة "هند رجب" (6 أعوام) مجهولًا منذ 30 كانون ثانٍ/يناير الماضي، علمًا أنه تم التنسيق المسبق لمهمة إجلاء الطفلة التي كانت محاصرة في مركبة قتل فيها عدد من أفراد أسرتها بعد تعرضهم لإطلاق نار من الدبابات التابعة للقوات "الإسرائيلية"، وسبق أن نشرت جمعية الهلال الأحمر تسجيلًا لمناشداتها الوصول لها وإنقاذها.
كما وثّق المرصد اعتقال القوات "الإسرائيلية" المتطوعين في الهلال الأحمر الفلسطيني "تامر محمد حسين شاهين" و"حمدان سامر أبو خاطر" أثناء مرورهما على حاجز عسكري أقيم لإجلاء النازحين من مستشفى "الأمل"، في وقت تواصل فيه القوات "الإسرائيلية" اعتقال أكثر من 100 من الطواقم الطبية، بمن فيهم مدراء ثلاثة مستشفيات وتخفيهم قسرًا منذ اعتقالهم.
يكرر المرصد الأورومتوسطي إدانته الشديدة للانتهاكات الصارخة التي مارستها "إسرائيل" وما تزال ضد الطواقم الطبية والمستشفيات وسيارات الإسعاف، والتي تتمتع جميعها بحماية خاصة بموجب القانون الإنساني الدولي، وبخاصة اتفاقيات جنيف، التي تحظر مهاجمة المستشفيات وطواقمها ومركباتها بأي حال من الأحوال، وتنص على وجوب احترامها وحمايتها في جميع الأوقات. كما لا يجوز، وفقًا لقواعد القانون الدولي الإنساني، وقف الحماية الواجبة للمستشفيات المدنية إلا إذا استخدمت، خروجًا على واجباتها الإنسانية، في القيام بأعمال تضر العدو، وكانت إسرائيل قد فشلت كل مرة في تقديم أية أدلة تثبت صحة ادعاءاتها المتكررة في هذا السياق.
ويطالب المرصد الأورومتوسطي إلى فتح تحقيق دولي مستقل بشكل عاجل بشأن جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها "إسرائيل" على نحو منهجي وواسع النطاق ضد المستشفيات والكوادر الطبية ووسائط النقل الطبي في قطاع غزة، بالإضافة إلى تحويل العديد من المستشفيات إلى ساحات إطلاق النار وعمليات قتل متعمدة وخارجة عن نطاق القانون والقضاء، والحرمان للفلسطينيين جميعًا في القطاع من حقهم في الصحة، وإبقائهم بلا علاج وعناية، ما يلحق مخاطر جسيمة على حياتهم، وسلامتهم الجسدية والنفسية. كما يدعو المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى ضرورة العمل على محاسبة مرتكبي هذه الجرائم والانتهاكات، ومن أصدر الأمر بها، على كل المستويات القضائية المتاحة، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية وكذلك أمام محاكم الدول التي تأخذ محاكمها بالاختصاص القضائي العالمي.

