كشفت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، تفاصيل جديدة، عن القدرة التدميرية للقذيفة محلية الصنع التي يطلق عليها اسم "الياسين 105"، والتي جرى استخدامها في معارك المقاومة مع قوات جيش الاحتلال في قطاع غزة.
وقالت القسام، في تقرير نشر عبر موقعها الرسمي، حوّلنا آليات الاحتلال إلى توابيت متحركة تنقل جنودًا إلى الموت الحتمي، وتدمرّت الآليات المدرعة بفعل سلاح نوعي صنعته القسام داخل قطاع غزة المُحاصَر منذ أكثر من 16 عامًا، ونعتبر "الياسين 105" إنجازًا وطنيًا.
وأطلقت كتائب القسام على هذه القذيفة اسم "الياسين 105" تيمنًا باسم الشيخ أحمد ياسين، مؤسس حركة حماس سنة 1987، الذي اعتقلته "إسرائي"ل يوم 18 مايو/أيار 1989 مع مئات من أعضاء الحركة، وأفرجت عنه في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 1997، واغتالته في 22 مارس/آذار 2004.
وفي التفاصيل، قالت القسام، إنه ومع اندلاع معركة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر لعام 2023م، أعلنت الكتائب عن دخول قذيفة ياسين 105 المضادة للدروع وقذيفة ياسين 105 (TPG) المضادة للتحصينات والأفراد إلى الخدمة، وتوعدت العدو بأن هذا السلاح سيكون له دورٌ فاعل في تبديد أوهامه وتحطيم آلياته في الحرب البرية وقد كان ذلك حيث أضحت قذيفة الياسين 105 أيقونة بارزة ومهمة في معركة طوفان الأقصى.
وأضاف التقرير، منذ اليوم الأول للطوفان وخلال عملية العبور الكبير استخدم مجاهدو القسام هذه القذيفة، وبرز اسمها مع بدء المعركة البرية بإعلانات القسام المتتالية عن تصدى طواقم الدروع وقوات النخبة لآليات ودبابات العدو، وفي مقدمتها دبابة “الميركفاه 4 BAZ) التي طالما تغنى بها المحتل وجهزها بأعتى الأسلحة والمنظومات والتدريعات ضد الصواريخ الموجهة.
وأشارت إلى أن تكلفة إنتاج الدبابة الواحدة لنحو 6 مليون دولار تنقسم إلى 3 ملايين لجسم ودرع الدبابة ومليون لمنظومة المدفع ومليونين لباقي الأجهزة والمنظومات التي يتم تركيبها على هذه الدبابة، في المقابل لم تتجاوز تكلفة إنتاج القذيفة الواحدة من الياسين 105 لـ 500 دولار.
وفي حصيلة تُنشر لأول مرة -حتى إعداد هذا التقرير-، تمكن مجاهدو القسام من إعطاب وتدمير أكثر من 1108 آلية منها 962 دبابة و55 ناقلة جند و74 جرافة و3 حفارات و14 جيب عسكري، وأسفرت عن مقتل وإصابة عدد كبير من ضباط وجنود العدو ومرتزقته داخل تلك الدبابات والآليات التي احترق عدد من الجنود داخلها وقتل عدد منهم بعد سحق الطيران لآلياتهم لعدم مقدرة قوات الإنقاذ على سحبها.
النواة الأولى
وبحسب القسام، مع اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، زجّ الاحتلال الصهيوني بالدبابة والآلية المدرعة إلى قلب المدن والمخيمات في الضفة والقطاع ولم يكن بحوزة المقاومة آنذاك سوى البنادق الخفيفة التي لا تستطيع التصدي بأي شكلٍ لتلك الدروع، لتبدأ المقاومة مشوارها بمواجهة هذه الدبابات وكانت المحاولات الأولى عبر العبوات المتفجرة الكبيرة والتي يتم دفنها في المسارات المتوقعة لسير آليات العدو.
وشهد العام 2002، أولى محاولات تصنيع قذائف مضادة للدروع وحملت اسم (البنا – البتار) وكذلك العبوات الجانبية ولكن معضلة الاختراق والتدمير ظلّت قائمة في ظل تحسين العدو لتدريع آلياته وتطويرها وإضافة منظومات دفاعية لتلك الآليات، وفي المقابل واصلت كتائب القسام جهودها، وتمكن مهندسوها عام 2004م من تصنيع قذيفة وقاذف الياسين (P2) وهو نسخة عن القاذف الروسي الصنع (P2-RPJ)، وبذلك حققت الكتائب وفرة نسبية في السلاح والذخائر إلا أن معضلة الاختراق والتدمير لم تُحل، وفي العام ذاته، بدأت تتقاطر إلى داخل قطاع غزة أعداد شحيحة جدًا من القاذف الروسي P7-RPJ وبأثمان باهظة جدًا تصل لـ 30 ألف دولار للقاذف والقذيفة، وقد كانت تمر عملية الإمداد عبر مراحل معقدة وتتخطى بصعوبات العديد من الحواجز.
وقد حققت هذه المحاولات نجاحًا، إلا أن صعوبة المناورة بتلك العبوات ظلّت معضلةً قائمة، وذلك نظرًا لحجم تلك العبوات ووزنها واستهلاكها لكميات كبيرة من المواد المتفجرة في ظل ندرة تلك المواد حينها، وكذلك الحاجة لزرعها في الأرض ضمن ظروف أمنية معقدة؛ لضمان عدم كشفها من قبل العدو، ومن هنا انطلق مسار طويل لمحاولة تطوير أسلحة أخرى ضمن المتاح والمتوفر من قدرات وخامات محلية. بحسب التقرير.
ومع تطور عمل كتائب القسام وجهازها العسكري، عملت الكتائب على تقسيم قواتها إلى تخصصات ليكون تخصص مضاد الدروع أحد أبرز هذه التخصصات وأكثرها أهمية، ومع تحرير قطاع غزة من قوات الاحتلال الصهيوني وكنسه من المغتصبات عام 2005م، تحسنت حالة الإمداد لينعكس ذلك على تطور قدرات المقاومة الفلسطينية بشكل عام وتطور التصنيع العسكري لكتائب القسام بشكل خاص.
وأشارت القسام، إلى أنها دربت عددًا من مقاوميها على تلك الأسلحة خارج فلسطين المحتلة وتم تعزيز تخصص مضاد الدروع لدى القسام بالخبرات والعتاد.
وأوضحت، أن النقلة النوعية بالنسبة لتطور قدراتها في التصنيع كانت في عام 2014، التي بدأت فيها بتطوير وإعداد البحوث كونها تحتاج إلى دقة عالية في القياسات والخامات والسبائك، وبعد العشرات من المحاولات والتجارب في الأعوام 2015-2016-2017م، ودخلت قذيفة الياسين 105 إلى الخدمة عام 2018.