بعد أيامٍ من تحقيق أجرته صحيفة "هآرتس" العبرية، عن منظمة "زاكا" الدينية التي تولت مهمة جمع الرفات في عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والتي لجأت إلى نشر "فظائع" لم تحدث لأجل جمع المال والتبرعات، يُكشف اليوم عن شهادات جديدة كاذبة قدمها "إسرائيليون" من أجل المال أيضًا.
وقال التلفزيون الإسرائيلي "كان"، إن عددًا من "الإسرائيليين" قدموا شهادات كاذبة حول "نجاتهم من عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر" من أجل الحصول على أموال من الحكومة.
وبحسب القناة فإن هذه الشهادات الكاذبة أرسلها "إسرائيليون" للتأمين الوطني، وزعموا فيها نجاتهم من هجوم الـ7 من أكتوبر، من أجل الاعتراف بهم كضحايا، وبموجب ذلك سيحصلون على تعويضات مالية ومخصصات إعاقة مستقبلية.
ومن بين الشهادات التي قدمت، كانت لامرأة ادعت في شهادتها قائلة: "اضطررت للهرب لإنقاذ حياتي، فيما يطلقون النار على ابني في قدميه، ولم أتمكن من الجري، ووصلنا في سيارة صديق لمحطة الوقود في مفترق سعد ورأيت الفوضى تامة وعندها الجيش أنقذنا بعد ساعات".
انتحال صفة الضحية
وفي شهادة أخرى يقول أحد المحتالين: "طاردني المخربون، وجزء من أصدقائي ماتوا أمام عيني ونجوت بمعجزة، ومنذ ذلك اليوم لم أنجح بالنوم، وأعاني من الخوف وجنون الريبة، ولا أستطيع العودة لنفسي".
واعترفت المرأة أثناء التحقيق معها لدى شرطة الاحتلال أن شهادتها المزعومة قامت بنسخها عن إحدى الحسابات في "فيسبوك"!.
وصرح قسم التحقيقات في التأمين الوطني "الإسرائيلي" للقناة أنهم لم يتوقعوا أن هناك من بإمكانه انتحال صفة الضحية.
وفسرت القناة لجوء "الإسرائيليين" للخداع والإدعاء أنهم ناجون من "هجوم السابع من أكتوبر"، إلى أن الكثير من المال مطروح على الطاولة، من بينه راتب شهري طيلة الحياة، ومنحة أولى تقدر بـ 15 ألف شيكل لكل مشارك في الحفل، وتقديم الشكوى يجري بدون بيروقراطية ولا عقبات، وهذا الأمر الذي دفع 150 "ناج وهمي" لاستغلال الأمر.
ومن بين المحتالين الذي قدموا شهادات حول نجاتهم المزعومة يوم السابع من أكتوبر، شاب بثت هيئة البث "الإسرائيلية" شهادته، وادعى فيها أنه كان الناجي الوحيد من بين 30 شابًا.
وكرست القناة العبرية الرسمية، وقت الذروة في نشرتها الرئيسية للتقرير قبل حذفه، بعد أن كشفت مجموعة من النشطاء في "إسرائيل"، عن أن ذلك الشخص "كاذب ولم يشارك في تلك الحفلة"، وحمل التقرير المطول عنوان: "احتفل نيكو مع 29 من أصدقائه-وهو الوحيد الذي نجا".
وقبل ذلك، نشرت صحيفة "هآرتس" العبرية، تحقيقًا يفيد بأن منظمة "زاكا" الدينية غير الحكومية نشرت فظائع لم تحدث في عملية "طوفان الأقصى" في الـ7 من تشرين الأول الماضي؛ بهدف جمع تبرعات للمنظمة.
وقال تحقيق الصحيفة، إن "زاكا" وهي منظمة غير حكومية تأسست عام 1995، ومسؤولة عن التعامل مع حوادث الوفاة "غير الطبيعية" وتعمل بالتعاون مع جميع خدمات الطوارئ وقوات الأمن، ومعظم أفرادها من اليهود المتدينين، واجهت الإفلاس، قبل الـ7 من تشرين الأول، لكنهم جمعوا أكثر من 50 مليون شيكل (13.7 مليون دولار) بعد ذلك التاريخ.
وأوضح التحقيق أن شرطة الاحتلال الإسرائيلي تمنع المتطوعين الذين يعملون في أماكن الحوادث من إجراء مقابلات دون تصريح، ونشر تفاصيل أو صور من الكواليس، مضيفة أن جميع القواعد قد تم انتهاكها منذ 7 تشرين الأول.
وأشار إلى، أن مقاطع الفيديو وصور لبقع دم وجثثا في أكياس ملأت حسابات "زاكا القدس" في منصات التواصل الاجتماعي؛ بهدف جمع التبرعات.
ولفت إلى، وجود 3 منظمات تعمل على جمع الرفات البشرية من مواقع الهجمات والحوادث والكوارث، وما يقف خلفها هو الكثير من المال، ويخصص لهذه المهمة عشرات الملايين من الشواكل من خلال التبرعات والدعم المالي من الدولة.
وأوضحت، أن التنافسية بين المنظمات "زاكا القدس"، "زاكا تل أبيب"، ومنظمة 360 وحدة تسببت في الكثير من المخالفات مثل "توزيع الصور الصادمة التي لا تحترم كرامة المتوفى".
ونقل التحقيق عن شهود قولهم، إن "زاكا" نشرت روايات عن فظائع لم تحدث أبدا، ونشرت صورا حساسة، وتصرف بشكل غير احترافي على الأرض.
وأشار إلى، أن زاكا جمعت أجزاء من الجثث لا علاقة لها ببعض؛ الأمر الذي صعب تحديد هوية المتوفين، ولم تحدد هوية بعض القتلى حتى الآن، كما أن بعض حقائب الجثث وصلت بعد عدة أيام من الـ7 من تشرين الأول.
حكايات من الخيال
بحسب التحقيق؛ قال أحد متطوعي زاكا وقد اغرورقت عيناه بالدموع في حساب نشر على حسابات زاكا على وسائل التواصل الاجتماعي: "رأينا امرأة تبلغ من العمر نحو 30 عامًا، وكانت مستلقية على الأرض غارقة في بركة كبيرة من الدماء، ومواجهة الأرض "لقد قمنا بتسليمها لوضعها في الحقيبة".
وأضاف: "كانت حامل، كانت بطنها منتفخة، وكان الطفل لا يزال ملتصقًا بالحبل السري عندما طعنت، وأصيبت برصاصة في مؤخرة رأسها. ولا أعرف إذا كانت قد عانت ورأت طفلها مقتولاً أم لا".
وأوضح التحقيق أن هذه "الحادثة المروعة" التي زعم متطوع زاكا أنها وقعت في "بئيري"، ببساطة لم تحدث، وهي واحدة من عدة قصص تم تداولها دون أي أساس.
وأضاف، أنه لا يوجد دليل على هذه الحادثة، ولم يسمع أحد في الكيبوتس عن هذه المرأة، وأشارت إلى أن مسؤول كبير في "زاكا" اعترف في حديث مع صحيفة "هآرتس" أن المنظمة تعلم أن الحادثة لم تقع.
وأوضح التحقيق أن "زاكا" اتُهمت بنشر معلومات كاذبة من قبل، ففي كانون الثاني 2022، ذكرت صحيفة "هآرتس" أن "زاكا" قامت بتضخيم عدد المتطوعين المعلن عنه لسنوات من أجل الحصول على المزيد من التمويل.
وفي تقرير سابق لهآرتس قالت محققة "إسرائيلية"، إن هناك صعوبة في الوصول إلى "ضحايا اعتداءات جنسية وشهود عيان على تلك الحوادث التي تدعي سلطات الاحتلال الإسرائيلي حدوثها" خلال عملية "طوفان الأقصى" التي مضى على حدوثها قرابة الأربعة أشهر.