أجمع محللون سياسيون، أن رد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) حول اتفاق الإطار الذي قدم لمصر وقطر، أمس الثلاثاء، والذي تبنى تهدئة "تامة ومستدامة" تتم على 3 مراحل، تستمر كل مرحلة 45 يومًا وتشمل التوافق على تبادل الأسرى وجثامين الموتى وإنهاء الحصار وإعادة الإعمار، على أنه ردًا يعكس "حنكة سياسية"، ويؤكد على أنه المقاومة الفلسطينية  بخير وعافية.

وقال المحلل السياسي ياسر أبو هين، إن مصطلحات ومضمون البيان الذي نشرته حركه حماس أمس، كان مقصودًا منه أن يشير بأن الحركة تتعامل بإيجابية مع كل المبادرات والطروحات التي من شأنها أن توقف هذه الحرب المجنونة على قطاع غزة، وبالتالي كان واضحًا في البيان، أنها تعاملت بإيجابية وناقشت الأمر باستفاضة في أطرها الداخلية ومع الفصائل الفلسطينية المقاومة، كما أنه خضع للنقاش والتشاور بين حركة حماس والدول التي لها علاقة قوية أو قريبة منها ومع الوسطاء أيضًا.

وأضاف أبو هين، في حوار صحافي، أنه من الواضح أن الحركة تسعى بشكل جدي وحثيث لعدم إعطاء الفرصة للاحتلال الإسرائيلي باستمرار حرب "الإبادة الجماعية"، من هنا كان هذا التصريح عبر البيان وكان مع الرد الذي سلمته الحركة بما يشمل من تفاصيل وبنود وإضافات وتعديلات يؤهل الحالة والوقت الحالي للدخول في المفاوضات غير المباشرة أو المباحثات، إضافةً إلى الدور الكبير الذي سيلقي على عاتق الوسطاء للوصول إلى وقف إطلاق نار.

كما لفت المحلل السياسي، أن حرص الحركة تكشّفَ في هذه الورقة بتوسيع دائرة الضامنين لهذه الاتفاقية، ليضمن قطر ومصر تركيا والأمم المتحدة وغيرها، بدا واضحًا منه أن الحركة تريد أن تضع الضمانات الكافية لإنجاح مثل هذا الاتفاق وجعل الأمر ليس مرهونًا بالرد الإسرائيلي بقدر ما هو دور لهؤلاء الوسطاء في ممارسة الضغط الكافي على الاحتلال الإسرائيلي.

مشيرًا إلى، أن الرد الذي سلمته حركه حماس، يحوي تفاصيل كثيرة ومجادلة وتتعلق بكل المناحي التي من شأنها أن تعيد الحياة إلى حدٍ ما إلى قطاع غزة، وتوقف العدوان والحرب المجنونة، مردفًا: "الملامح كانت واضحة في تقسيم المراحل في جدولة آليات التنفيذ، مع وضع الضمانات في بنود لها علاقة بصفقة التبادل، وأيضًا لها علاقة بالحالة الإنسانية، وبالانسحاب الكامل من قطاع غزة، وتسهيل وتسريع عملية الإعمار وجهود الإغاثة وعدم إعاقتها".

وتابع أبو هين، أن الرد المفصل يضع الملامح التفصيلية بعيدًا عن اتفاقيات الإطالة العامة التي كانت مطروحة في اتفاق الاطار في باريس، ما وصل لحركة حماس بعد لقاء باريس ومحددات عامة وإطار عام دون بنود تفصيلية -إن صح التعبير-، لكن المشاورات التي أخذتها حركه حماس مع الفضائل الفلسطينية وضعت فيه التفاصيل التي من شأنها أن تنهي الحرب وتعالج كل آثاره التدميرية والحالة الإنسانية المتعلقة بقطاع غزة، أو فيما يتعلق بالأوضاع التي كانت ما قبل 7 أكتوبر، وهناك أيضًا بنود لها علاقة بالقدس والمسجد الأقصى وعوده الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل عام 2002، وربما جزء خاص وضعته الحركة في ردها يتعلق بحالة الأسرى والسجون الإسرائيلية التي تشهد اكبر حالة كارثية بعد 7 أكتوبر منذ تاريخ السجون الإسرائيلية.

ومن جانب أخر، يرى المختص بعلم الاجتماع والسياسة سيف عنّا، أن أهم ما في الرد الذي قدمته حماس على الإطار العام لاتفاق الصفقة، بعيدًا عن التفاصيل يؤكد أن المقاومة الفلسطينية بخير وعافية وهذه القضية الأهم في الحقيقة، فالموقف القوي يأتي من مقاومة قوية وبالتالي المقاومة بخير، أما الجانب الأخر فإن الرد بالتفاصيل كما جاء يعبر عن وجود إدارة شاملة وناجحة للمعركة يعني نحن أمام إداره ناجحة للمقاومة ميدانيًا يراها الناس كل يوم ويراها العالم كل يوم، كما لدينا إدارة سياسية ناجحة وربما هذا يحدث للمرة الأولى في تاريخ المواجهات بين المقاومة والكيان الصهيوني بهذه الطريقة المحترفة في الحقيقة وليس فقط في الميدان ولكن في الأداء السياسي.

ووصف عنّا في حديثه، أن المقترح الذي قدم في ورقة باريس كان ليس فقط مجرد "اقتراح مفخخ" ولكن في الحقيقة كان اقتراح "وقح" يعني ليس فقط يهدف لتحقيق أهداف الكيان والولايات المتحدة بجوهره بفكره الأساسية وهي إطلاق ما سموه الرهائن أو أسرى الكيان مقابل هدنة مؤقتة فقط هدفها تنفيذ إطلاق الرهائن وليس أي شيء أخر، لافتًا إلى أن اشتراط  مقترح مؤتمر باريس المساعدات الإنسانية أو إدخال الطعام وإدخال الأدوية إلى غزة بإطلاق الرهائن "سقوط أخلاقي" خاصة مع عدم ورود ضمانات بوقف إطلاق النار أو إدخال المساعدات.

وأكد المختص بعلم الاجتماع والسياسة، أن رد المقاومة أفشل الحملة الإعلامية التي شنت لإحراج المقاومة وإجبارها من خلال الأوهام التي تم تسريبها عن الصفقة أو عن ورقه باريس أجل أن تقبل (المقاومة) وإرغامها على الهدنة، وبالتالي الرد أيضًا  لم يكن لا على الورقة ولكن رد باقتراح بديل في الحقيقة تضمن المطالب الفلسطينية الأساسية على راسها وهذا هو المهم وقف إطلاق النار وطبعًا الانسحاب وإعادة الإعمار وكل التفاصيل الأخرى المرتبطة بذلك لأنها تعرف أن هذه هي المطالب الفلسطينية.

وافقت حركة المقاومة الإسلامية حماس، مس الثلاثاء، على تهدئة "تامة ومستدامة" تتم على 3 مراحل، تستمر كل مرحلة 45 يوما وتشمل التوافق على تبادل الأسرى وجثامين الموتى وإنهاء الحصار وإعادة الإعمار، وطلبت حماس في ردها، أن تكون قطر ومصر والولايات المتحدة وتركيا وروسيا ضامنة لتنفيذ الاتفاق.

وقالت "حماس"، إن الاتفاق يهدف لوقف العمليات العسكرية المتبادلة بين الأطراف، والوصول إلى الهدوء التام والمستدام، وتبادل الأسرى بين الطرفين، وإنهاء الحصار على غزة، وإعادة الإعمار، وعودة السكان والنازحين إلى بيوتهم، وتوفير متطلّبات الإيواء والإغاثة لكلّ السكان في جميع مناطق قطاع غزة.

وأشارت إلى أن الاتفاق يتم عبر 3 مراحل، المرحلة الأولى (45 يوماً)، تهدف هذه المرحلة الإنسانية إلى الإفراج عن جميع المحتجزين الإسرائيليين من النساء والأطفال (دون سنّ 19 عاماً غير المجنّدين)، والمسنّين والمرضى، مقابل عدد محدّد من المسجونين الفلسطينيين

إضافة إلى تكثيف المساعدات الإنسانية، وإعادة تمركز القوات خارج المناطق المأهولة، والسماح ببدء أعمال إعادة إعمار المستشفيات والبيوت والمنشآت في كلّ مناطق القطاع، والسماح للأمم المتحدة ووكالاتها بتقديم الخدمات الإنسانية، وإقامة مخيّمات الإيواء للسكان.

وبيًنت أن ذلك يتم وفقًا لـ "وقف مؤقت للعمليات العسكرية، ووقف الاستطلاع الجوّي، وإعادة تمركز القوات الإسرائيلية بعيداً خارج المناطق المأهولة في كل قطاع غزة، لتكون بمحاذاة الخطّ الفاصل، وذلك لتمكين الأطراف من استكمال تبادل المحتجزين والمسجونين".

وأضافت حماس: "يقوم الطرفان بإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين من النساء والأطفال (دون سنّ 19 عاماً غير المجنّدين)، والمسنّين والمرضى، مقابل عدد من المسجونين الفلسطينيين، على أن يتمّ ذلك بشكل يضمن الإفراج خلال هذه المرحلة عن جميع الأشخاص المُدرجة أسماؤهم في القوائم المُتّفق عليها مُسبقاً

إضافة لتكثيف إدخال الكميات الضرورية والكافية لحاجات السكان (سيتمّ تحديدها) من المساعدات الإنسانية والوقود وما يشبه ذلك، بشكل يومي، وكذلك يتيح وصول كمّيات مناسبة من المساعدات الإنسانية إلى كلّ المناطق في قطاع غزة بما فيها شمال القطاع، وعودة النازحين إلى أماكن سكناهم في جميع مناطق القطاع

واشترطت حماس إعادة إعمار المستشفيات في كل القطاع وإدخال ما يلزم لإقامة مخيّمات للسكان/ خيم لإيواء السكان، واستئناف كل الخدمات الإنسانية المقدّمة للسكان من قبل الأمم المتحدة ووكالاتها، والبدء بمباحثات (غير مباشرة) بشأن المتطلّبات اللازمة لإعادة الهدوء التامّ.

أما المرحلة الثانية (45 يوماً): يجب الانتهاء من المباحثات (غير المباشرة) بشأن المتطلّبات اللازمة لاستمرار وقف العمليات العسكرية المتبادلة والعودة إلى حالة الهدوء التامّ والإعلان عنه وذلك قبل تنفيذ المرحلة الثانية، وتهدف هذه المرحلة إلى الإفراج عن جميع المحتجزين الرجال (المدنيّين والمجنّدين)، مقابل أعداد محدّدة من المسجونين الفلسطينيين، واستمرار الإجراءات الإنسانية للمرحلة الأولى، وخروج القوات الإسرائيلية خارج حدود مناطق قطاع غزة كافّة، وبدء أعمال إعادة الإعمار الشامل للبيوت والمنشآت والبنى التحتية التي دُمّرت في كل مناطق قطاع غزة، وفق آليات محدّدة تضمن تنفيذ ذلك وإنهاء الحصار على قطاع غزة كاملاً وذلك وفقاً لما سيتمّ التوافق عليه في المرحلة الأولى.

والمرحلة الثالثة (45 يوماً): تهدف إلى تبادل جثامين ورفات الموتى لدى الجانبين بعد الوصول والتعرّف إليهم، واستمرار الإجراءات الإنسانية للمرحلتين الأولى والثانية، وذلك وفقاً لما سيتمّ التوافق عليه في المرحلتين الأولى والثانية.

وفي أولى ردود الفعل، قال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، فور تسلمه الورقة، -في مؤتمر صحفي مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن– أن رد حركة حماس يبعث على التفاؤل، ومجمله إيجابي، قائلًا: إنه "لن يخوض في التفاصيل الآن لحساسية المرحلة، وأوضح أنه ليس من صالح المفاوضات الإفصاح عن تفاصيل اتفاق الإطار، لكن هناك تقدم"، مضيفًا: "أن هناك مزيدًا من التفاوض بشأن الاتفاق، وسط سعي الوسطاء للتوصل إلى توافق في أقرب وقت ممكن".