فلسطين أون لاين

الأورومتوسطي محذّرًا: قطاع غزة مسرح لـ"إبادة جماعية" ومنطقة مجاعة محتملة

...

غزة - فلسطين أون لاين

أصدر المرصد الأورومتوسطي في قطاع غزة، اليوم الأربعاء، ورقة سياسات بعنوان "قطاع غزة: مسرحًا لإبادة جماعية منذ السابع من أكتوبر ومنطقة مجاعة محتملة في السابع من فبراير".

 عرض المرصد في الورقة تحليلًا كاملًا حول الوضع الغذائي الكارثي في قطاع غزة ومؤشرات بداية انتشار المجاعة، خاصة في المحافظات الشمالية.

وأكدت الورقة إلى أنه في أحسن الأحوال، يتراوح معدل ما يُسمح بدخوله إلى القطاع من مساعدات إنسانية ما بين 70 إلى 100 شاحنة، اثنتان منهم إلى المحافظات الشمالية، في حين كان عدد شاحنات البضائع والمساعدات التي تدخل القطاع قبل السابع من تشرين أول/أكتوبر 2023 يوميًّا هو 500 شاحنة على الأقل.

وأوضحت مديرة الدائرة القانونية في المرصد الأورومتوسطي ليما بسطامي أن هذه  الإحصائيات واضحة، ولا تحتاج للكثير من التوضيح بأن ما يدخل القطاع لا يلبي الحد الأدنى لاحتياجات السكان في ظل الحرمان الشديد والمتواصل والمتراكم من الأساسيات من الغذاء والمياه الصالحة للشرب والدواء، بفعل الحصار، واتساع احتياجاتهم نظرًا لما يواجهونه من ظروف غير إنسانية وإبادة جماعية وقطع للكهرباء والماء وإمدادات الوقود"

وأكدت الورقة أن قطاع غزة يشهد أعلى نسبة من السكان الذين يواجهون مستويات عالية من عدم الاستقرار الغذائي الحاد في العشرين سنة الماضية، على أقل تقدير، وأنه بحلول 7 شباط/فبراير الجاي، سيعاني نحو 53% من سكانه من حالة الطوارئ القصوى في سوء التغذية الحاد، في حين سيعاني 26% منهم، أي حوالي نصف مليون شخص، من المجاعة، مع ارتفاع حالات الوفاة الناتجة عن الجوع أو سوء التغذية أو الأمراض المرتبطة بهما.

ولفتت بطسامي أن الإعلان عن حالة المجاعة في قطاع غزة سيكون أمر صادم خاصةً أنه لم يتم إعلانها في التاريخ الحديث سوي مرتين؛ مرة في الصومال عام 2011، والأخرى في جنوب السودان عام 2017، في حين تبقى اليمن رغم كارثية وضعها الغذائي والازدياد المتسارع في عدد ضحايا المجاعة، خارج إطار الإعلان الرسمية للمجاعة، حتى الآن.

وأشارت إلى أن إعلان حالة المجاعة بشكل رسمي، أو عدمه، لا يغير من حقيقة انتشارها في قطاع غزة بالفعل، خاصة في المحافظات الشمالية، وأنها أصبحت كارثة حالّة يموت بسببها السكان الآن.

وبيّنت أن إعلان المجاعة لا يفعّل بحد ذاته أية التزامات قانونية على الدولة المتسببة أو الدول أو مجموع المجتمع الدولي، إلا أن إعلان المجاعة في حالة قطاع غزة له تبعات جوهرية خاصة لسببين؛ أولهما، إضافة عبء أخلاقي آخر، ووصمة إضافية لـ"إسرائيل" وحلفائها، وكذلك إضافة ضغط سياسي جديد على المجتمع الدولي حول ضرورة التحرك العاجل من أجل الاستجابة السريعة ومنع تدهور الوضع الكارثي في قطاع غزة، ورفع الحصار، وإدخال المساعدات الإنسانية على نحو عاجل وسريع.

والسبب الثاني هو أن إعلان المجاعة في قطاع غزة يعني بالضرورة أن "إسرائيل" ارتكبت جريمة "تجويع المدنيين" في القطاع كأسلوب من أساليب حربها؛ الجريمة التي تحتاج لتحققها بالأصل عتبة أقل من إعلان مجاعة، فالتجويع دون احداث المجاعة بحد ذاته كافٍ، إلا أن إعلان حالة المجاعة يعطي حجية وقرينة ظاهرة على ارتكاب "إسرائيل" جريمة التجويع، كجريمة حرب قائمة بحد ذاتها، أو كشكل من أشكال جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها ضد الفلسطينيين في قطاع غزة منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي، الأمر الذي يمكن أن تكون له آثار مهمة في دفع عملية مساءلة "إسرائيل" ومحاسبتها على الجرائم التي ارتكبتها ضد المدنيين. 

وددعا المرصد الحكومة الفلسطينية بالتصدي المبكر للمجاعة والاستجابة الفعالة لها، من خلال تكريس كافة الإمكانيات المتاحة لتفعيل خطط وموازنات طوارئ قابلة للتنفيذ، ورصد وجمع البيانات والمعلومات الدقيقة والمحدَّثة حول توفر الغذاء ووصوله واستخدامه، فضلاً عن الحالة التغذوية ومعدلات الوفيات، ومشاركتها والتواصل بشأنها مع الجهات الدولية المختصة، والتنسيق والتعاون معها في هذا الإطار، بما في ذلك منظمة الأغذية والزراعة (فاو)، وبرنامج الأغذية العالمي، واليونيسيف، لضمان أن تكون جهود الاستجابة تكاملية، وإجراء تقييمات مشتركة بشكل منتظم.

كما دعت المجتمع الدولي إلى الامتناع عن أي فعل من شأنه أن يشكل جرم الاشتراك في ارتكاب جريمة التجويع أو التآمر على ارتكابها، أو اتخاذ أي من الإجراءات التي من شأنها تعميق هذه الجريمة وآثارها، بما يشمل كسر الحصار عن قطاع غزة، وإيصال المساعدات إليها بشكل مباشر، برًّا (من ناحية مصر) وبحرًا وجوًّا، واستئناف تمويل وكالة "الأونروا" فورًا، باعتبارها الوكالة الدولية الرئيسة المسؤولة حاليًّا عن عملية إدخال المساعدات الإنسانية وتوزيعها في القطاع.

وطالبت الورقة مؤسسات الأمم المتحدة المختصة وآليات "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" (IPC) بالعمل على تعزيز عمل آليات الرصد والتقييم للأزمة الغذائية التي تعصف بقطاع غزة، بما يشمل تتبع مؤشرات التسارع في تدهور الأزمة الغذائية وانتشار المجاعة، وتوثيق البيانات وتقديم التحليلات المستندة إلى نظام التصنيف المرحلي. والأهم، تقديم آليات هذا التصنيف  تقريرها الثاني بأسرع وقت ممكن، خاصة مع اقتراب انتهاء الفترة التقديرية (الإسقاط) لتقريرها الأول بحلول 7 شباط/فبراير.

كما دعت الورقة بالاضطلاع بمسؤوليته القانونية بموجب قرار مجلس الأمن رقم (2417) الصادر في عام 2018 حول حماية المدنيين في الصراع المسلح، الذي كلّفه بالقيام بإبلاغ مجلس الأمن بسرعة عند حدوث خطر مجاعة ناجمة عن نزاع أو حالة انعدام أمن غذائي واسع النطاق في السياقات المسلحة، وبالتالي، ووفقًا للقرار، يقوم مجلس الأمن بإيلاء اهتمامه الكامل للمعلومات التي يقدمها الأمين العام في هذا السياق. يذكر أنه وحتى تاريخه، لم يقم الأمين العام بتفعيل دوره بموجب هذا القرار.