فلسطين أون لاين

بالقتل والتنكيل.. كم قستْ وحشيّة الحرب على أجدادنـا؟

...
202311mena_israelpalestine_gazamanwheelchair.webp
غزة - فلسطين أون لاين

يواجه سكان قطاع غزة، بمن فيهم الفئات الهشة، الموت يوميًا وبصور عدة، أمام هجمات عشوائية تشنها “إسرائيل” بلا هوادة للشهر الرابع على التوالي، ومن ينجو منهم، يعيش فصولًا من الحرمان وظروفًا إنسانية وصحية مأساوية تفوق قدراتهم وأعمارهم، كما يحرمون من حقوقهم الأساسية كالدواء والغذاء ومياه الشرب.

ورغم وحشية الحرب على قطاع غزة، لم يتنازل الكثير منهم خاصةً كبار السن عن منازلهم، وكثير منهم رفضوا النزوح أو الإخلاء، حتى أنهم فضلوا الموت على التخلي، مستذكرين بذلك ما حصل في نكبة عام 1948، ولم يتوانَ الاحتلال عن استهداف وقتل الكثير ممّن لم يستطع النزوح، في وقت كان من المفترض أن تحظى هذه الفئة الهشّة من المجتمع بحماية إضافية عن الحماية التي يوفرها القانون الدولي الإنساني للمدنيين، غير أن “إسرائيل” استباحت كل ذلك، ووضعتهم أهدافًا مشروعة وسط صمت وتواطؤ من المجتمع الدولي.

وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن المسنين يدفعون ثمنًا باهظًا للهجمات غير المتناسبة التي تنفّذها القوات الإسرائيلية، فإلى جانب مقتل المئات منهم، أُصيب عدة آلاف أيضًا بجروح.

ووثّق المنظمات الحقوقية، حصيلة غير نهائية لاستشهاد 1049 مسنًّا من الذكور والإناث، خلال 76 يومًا فقط من العدوان، بما يقارب 1% من إجمالي عدد المسنين في قطاع غزة البالغ عددهم 107 آلاف مسن، وبما يقارب 3.9% من إجمالي الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي.

واستشهد هؤلاء سحقًا تحت أنقاض منازلهم أو مراكز الإيواء التي لجأوا إليها، بعدما قصفتها الطائرات الإسرائيلية على رؤوسهم، أو خلال تحركهم الاضطراري لقضاء حاجاتهم الأساسية في الشوارع والأسواق، مبيّنًا المرصد الأورومتوسطي أن العشرات منهم تعرضوا لعمليات تصفية وإعدامات ميدانية.

وقالت تقارير حقوقية، إن الجيش الإسرائيلي "أعدم" العشرات من كبار السن في قطاع غزة في "عمليات إطلاق نار مباشر" منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.، وأن "1049 عجوزا وشيخا قتلوا حتى الآن، أي حوالي 1 بالمئة من إجمالي 107 آلاف مسن، يعيشون في غزة، و3.9 بالمئة من إجمالي القتلى الفلسطينيين".

إلى جانب ذلك، وثّقت مقاطع مصورة وبيانات أخرى اعتقال القوات الإسرائيلية العشرات من المسنين، بما فيهم رجال ونساء تزيد أعمارهم عن 70 عامًا، وهناك حالة 80 عامًا، وتعرضوا لعمليات تعذيب وتنكيل دون أي مراعاة لحالتهم الصحية أو سنّهم المتقدم، وحُرموا من الحصول على العلاج، وفق إفادات من معتقلين مفرج عنهم.

وأشارت إلى أن "شهادات المعتقلين المفرج عنهم من المسنين تؤكد أنهم حرموا من العلاج، وتعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة، بغض النظر عن وضعهم الصحي الصعب و/أو تقدمهم في السن".

كما يواجه المسنون معاناة معقدة في مخيمات النزوح، حيث تفتقر مراكز الإيواء ومخيمات النزوح لأي خدمات أو رعاية تلائم أوضاعهم الصحية وتقدُّمهم في العمر وأجواء البرد، وحاجتهم المتكررة للذهاب إلى الحمّام، في حين أن كل حمّام مخصّص لما يتراوح بين 700 و1000 شخص على الأقل، إلى جانب انعدام المساحة الخاصة للشخص أو العائلة، وانقطاع مياه الشرب والاستخدام غير الملوثة، وصولًا إلى عدم توفر عوامل النظافة الشخصية ولا البطانيات والفرش بما يكفي.

ورغم ذلك كله، تبقى أبرز الصعوبات والتحديات كامنة لدى أصحاب الأمراض المزمنة، الذين يعجزون عن تأمين علاجاتهم وأدويتهم، بعدما انهار القطاع الطبي والاستشفائي في غزة، وتبدّد مخزون الأدوية في ظل الحصار وقلة المساعدات والطلب المتزايد عليها، فيما أصبح المسنون خارج الأولويات لناحية تلقي الرعاية الصحية، التي باتت حصرًا للمصابين والجرحى والحالات الطارئة المهددة للحياة.

ويهدد خطر الموت جديًّا عشرات الآلاف من المسنين بالنظر إلى أن 69% من هؤلاء المسنين ممّن يعانون أمراضًا مزمنة، وأغلبهم لم يتلقَّ أي رعاية صحية بسبب غياب حد أدنى من الرعاية الصحية وخروج أغلب المستشفيات عن الخدمة، واستخدام “إسرائيل” التجويع كسلاح حرب.

وينذر استمرار الحرب واتّساع نطاقها وبشاعتها وحالة التشريد وعدم الاستقرار، بزيادة مخاطر الحالة الصحية للمسنين الفلسطينيين، وتترك مشاعر الفقد والتشرد جرحًا غائرًا في نفوسهم، ما يتسبّب في مشكلات صحية عديدة، كما يؤدي إلى إيقاظ الرواسب النفسية من مشاعر الحسرة والأسى والحزن والإحباط الكامن منذ بداية النكبة.