فلسطين أون لاين

تقرير للشهر الرابع.. مأساة نازحي الحرب تتفاقم في مجمع الشفاء

...
للشهر الرابع.. مأساة نازحي الحرب تتفاقم في مجمع الشفاء
غزة/ أدهم الشريف:

بالكاد استطاعت إحدى سيارات الإسعاف عبور البوابة الرئيسية لمجمع الشفاء الطبي وهي تحمل اثنين من ضحايا الحرب الإسرائيلية على غزة.

هناك في المجمع الذي يعد أكبر مستشفيات القطاع الساحلي لم تعد الطريق ممهدة بشكل جيد لسيارات الإسعاف بعد نزوح عشرات آلاف المواطنين الغزِّيين من أحياء وبلدات محافظتي غزة والشمال إثر الحرب الممتدة منذ 7 أكتوبر/ تشرين أول 2023.

وقد تحول المجمع الطبي وغيره الكثير من المستشفيات والعيادات والمدارس إلى مراكز لإيواء النازحين الفارين من هول المذابح التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي.

ولا يكاد قسم أو غرفة في المجمع تخلو من النازحين مشكلين حالة ازدحام غير مسبوقة بعدما فقدوا الأمن في منازلهم إثر كثافة الغارات الإسرائيلية.

فتحي الوادية البالغ (24 عامًا) واحدًا من هؤلاء النازحين الذين لجئوا إلى مجمع الشفاء قادمًا من حي الشجاعية، شرق مدينة غزة.

ظروف قاهرة

"لقد جاءت الحرب على كل شيء في حي الشجاعية".. قال الوادية البالغ (24 عامًا).

وأضاف لموقع "فلسطين أون لاين": لم نعد قادرين على الوصول إلى منزلنا أو المكوث فيه للشهر الرابع على التوالي بسبب استمرار الحرب.

وألحق جيش الاحتلال دمارًا مهولاً بمنازل المواطنين في حي الشجاعية وبنيته التحتية كذلك خلال العملية البرية التي بدأها يوم 27 أكتوبر الماضي، كما قال الوادية.

وفي محاولة للتغلب على الظروف القاهرة التي تمر بها عائلة هذا الشاب المكونة من 6 أفراد، لجأ الوادية إلى العمل في مهنة الحلاقة لتوفير قوت عائلته التي ضاق بها الحال وفقدت مصادر دخلها.

وينطبق هذا الحال على الغالبية العظمى من النازحين ممن وجدوا في مجمع الشفاء ملجأً للمبيت فيه ومكانًا للبحث عن الرزق ببيع بعض السلع أو صنع بعض الأطعمة وبيعها للمتواجدين هناك.

لكن محمد المطوق (47 عامًا) بدا قلقًا للغاية على أسرته "فأصوات الغارات والقصف الإسرائيلي لا تتوقف" حسب قوله.

وأضاف المطوق لـ"فلسطين أون لاين": "إنه لا يعرف أين سيذهب حال نزح مجددًا من مجمع الشفاء، فلم يعد هناك مكان آمن في غزة بسبب الحرب الإسرائيلية".

وبين أنه نزح منذ بداية الحرب أكثر من 4 مرات بين عدة مناطق في محافظتي الشمال وغزة.

وبدأت رحلة النزوح مع المطوق من مخيم جباليا، شمالاً، حيث كان يسكن هناك، وانتقل لأول مرة إلى مدرسة تحولت إلى مأوى للنازحين ومن ثم إلى منازل لأقاربه قبل انتقاله إلى مجمع الشفاء والمكوث فيه منذ أسابيع.

وتساءل بعد أن تنهد طويلاً: متى تنتهي الحرب حتى نعود إلى بيوتنا؟

نزوح بلا أمان

وفي كل حرب يشنها جيش الاحتلال على غزة، يبحث سكان المناطق القريبة من السياج الزائل شمال وشرق القطاع عن أماكن أكثر أمنًا، وعادة ما يجدون في المدارس والمستشفيات أماكن آمنة.

لكنها لم تعد كذلك خلال هذه الحرب، فقد بلغت انتهاكات جيش الاحتلال ذروتها بعد قصف غالبية مراكز إيواء النازحين واقتحامها واحتلالها لأيام وأسابيع، كما حصل تمامًا في مجمع الشفاء الطبي.

وكانت قوات جيش الاحتلال اقتحمت مجمع الشفاء وانسحبت منه قبل بدء سريان التهدئة الإنسانية صباح الجمعة 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، والتي امتدت حينها لـ7 أيام.

وقد ألحق جيش الاحتلال دمارًا كبيرًا بأقسام المجمع وبنيته التحتية.

وكان أسامة الحلو (42 عامًا) شاهدًا على جرائم الاحتلال في المجمع ومحطيه السكني، حيث أصيب في قصف إسرائيلي استهدف مجموعة من المواطنين في منطقة سكنه قرب مجمع الشفاء.

وقال الحلو لـ"فلسطين أون لاين": إن "طائرة حربية بدون طيار ألقت قنبلة تسببت بقتل عدد من المواطنين واصابتني بجروح عميقة".

ويحرص الحلو على الحضور إلى المجمع سيرًا على الأقدام بمساعدة اثنين من أقربائه للحصول على العلاج إن توفر في الشفاء والتغير على جروحه التي تتركز في الجزء العلوي من جسده، حيث فتكت به شظايا القنبلة الإسرائيلية.

وبدا مستغربًا من تعمد جيش الاحتلال استهداف العيادات والمستشفيات بالقصف والاجتياح البري منذ بدء حربه الموسعة ضد قطاع غزة البالغ تعداد سكانه أكثر من مليوني نسمة؛ يعيشون ظروف إنسانية صعبة منذ سنوات طويلة بسبب السياسات الإسرائيلية.

وأضاف الحلو: إن ما يقوم به جيش الاحتلال ضد المدنيين جرائم يندى لها الجبين.

ومن أكثر المشاهد إيلامًا في مجمع الشفاء، دفن عشرات الشهداء في الساحات الرملية المخصصة لراحة المرضى، بسبب عدم قدرة ذويهم على دفنهم في المقابر.

وكانت قوات الاحتلال نبشت قبور الشهداء في مجمع الشفاء واختطفت جثامينهم بحجة البحث عن جثث قتلى إسرائيليين سقطوا في قبضة فصائل المقاومة في اليوم الأول لمعركة طوفان الأقصى.

وتكرر هذا المشهد في أماكن متفرقة من محافظات قطاع غزة؛ تحولت إلى مقابر جماعية بسبب الحرب الإسرائيلية الموسعة.

المصدر / فلسطين أون لاين