فلسطين أون لاين

جرى فتحها بفعل استمرار العدوان الإسرائيلي

تقرير "مقبرة الشفاء".. تربة تحتضن الشهداء بدلاً من علاج الجرحى

...
"مقبرة الشفاء".. تربة تحتضن الشهداء بدلاً من علاج الجرحى
غزة/ نور الدين صالح:

لم يعد يحظى مجمع الشفاء الطبي الواقع غرب مدينة غزة من اسمه نصيب، إذ أصبح يأوي عشرات الشهداء الذين ارتقوا من جراء جرائم الاحتلال الإسرائيلي في مختلف مناطق شمال ووسط المدينة خلال معركة "طوفان الأقصى" الممتدة منذ السابع من شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وحشية جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي اجتاح مدينة غزة أجبرت العائلات الفلسطينية على دفن جثامين أبنائها الشهداء داخل أرض صغيرة في مجمع الشفاء بسبب عدم قدرتهم على التنقل إلى المقابر المخصصة لدفن الشهداء والموتى.

أرض صغيرة لا تتجاوز مساحتها المائة متر ضمت بين جنباتها عشرات الشهداء التي رُصت بشكل عشوائي، وغُطت بحفنات من التراب، واختلفت الشواهد التي وُضعت عليها ما بين "الكرتون والحجارة الصغيرة".

"مجهول الهوية" هو اسم كُتب على كثير من شواهد القبور داخل أرض مجمع الشفاء، ما يدلل على كثرة الشهداء الذين ارتقوا خلال العدوان ولم تُعرف هوياتهم، ما اضطر المواطنين إلى دفنهم اكراماً لهم بدلاً من بقاء جثامينهم داخل ثلاجات الموتى المكدسة.

فقط في غزة "لا فرق بين الحياة والموت" فقد افقدت عنجهية جيش الاحتلال الذي داس كل قوانين الإنسانية تحت اقدامه مجمع الشفاء من مهمته الأساسية وحولته إلى مقبرة تحتضن الشهداء بدلاً من علاج الجرحى القادمين إليه.

ورغم مرور أكثر من مائة يوم على العدوان الإسرائيلي الذي خلّف أكثر من 25 ألف شهيد حتى الآن وإصابة آلاف المواطنين، لا تزال العائلات الفلسطينية من مختلف مناطق محافظة غزة، تدفن أبنائها الشهداء داخل "مقبرة مجمع الشفاء".

تجدر الإشارة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي أخرج مجمع الشفاء عن الخدمة فقد باتت أقسامه تأوي نازحين شُردوا من مناطق متعددة بمحافظة غزة بعد قصف منازلهم، في حين تحوّل قسم "الاستقبال والطوارئ" إلى "مبيت" لعشرات الجرحى فقط "بلا تقديم الرعاية الصحية" وفق ما تتطلبه حالتهم الصحية.

مقبرة مؤقتة

يقول عبد العزيز حمادة المتطوع في العمل داخل مقبرة الشفاء، إنه جرى فتح المقبرة بعد ارتفاع أعداد الشهداء داخل المجمع وغالبيتهم من "مجهولي الهوية" وآخرين ممن تحللت جثثهم ولم يتم وصول أحد من ذويهم، إضافة إلى من وصلوا وهم أشلاء اختفت تفاصيلهم.

وأوضح حمادة لصحيفة "فلسطين"، أن المقبرة التي فُتحت في مدخل مجمع الشفاء ضمت في بداية العدوان حوالي 30 شهيداً فقط، حيث جرى دفنهم وفق أحكام الشريعة والكرامة الإنسانية حفاظاً عليهم من نهش الكلاب الضالة والقوارض.

وأشار إلى أن عدداً من الشباب الخيرين أخذوا على عاتقهم صون الكرامة الآدمية للشهداء، وهمّوا بحفر المقبرة في الساحات غير المأهولة بالنازحين والمنشآت الطبية بالأدوات والمعدات البسيطة التي جرى توفيرها، لافتاً إلى أن أعداد الشهداء في المقبرة وصل إلى 150 بسبب زيادة الأوضاع الميدانية صعوبة، حتى تم إغلاق الأرض بالكامل.

ووفق حمادة، فإن زيادة وحشية الاحتلال واستمرار العدوان دفعتهم لفتح مقبرة أخرى في أرض خلف مبنى الولادة في مجمع الشفاء "اضطراريا" نظراً لعدم قدرة الأهالي على دفن ذويهم الشهداء في المقابر الموجودة في أماكن سكنهم.

وأفاد بأن عدد الشهداء الذين دفنوا في "مقبرة الشفاء" وصل إلى 750 شهيداً، والعدد مرشح للزيادة حال استمرار العدوان، واصفاً أوضاع أهالي غزة، بـ "المأساوية والقاسية"، لاسيّما الذين يأتون يومياً للتأكد من أنباء استشهاد أبنائهم.

وذكر أن هذه المقبرة "مؤقتة" لحين انتهاء العدوان، كونها تقع في أهم مفصل مؤسساتي في كل قطاع غزة، وهو "مجمع الشفاء".

وختم حمادة حديثه، أن أعداد الشهداء لا تزال في تزايد، حيث أصبح مجمع الشفاء مكاناً لدفن الشهداء بدلاً من شفاء الجرحى، "وهذا يسبب مكاره صحية".

هكذا تبدو تفاصيل الحياة داخل مجمع الشفاء الطبي، حيث يفصل بين الحياة والموت بضعة أمتار فقط، من جراء العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ أكثر من مائة يوم.

 

المصدر / فلسطين أون لاين