"دخل 6 مسلحين منزلي بعد أن أطلقوا رصاصة واحدة على باب الملجأ، وحينها أخبرتهم أن لدي ولدان ومعي أطفال. قالوا لي "نحن مسلمون لن نؤذيكم.." هكذا روت مستوطنة إسرائيلية كيف تعامل معها عناصر كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، بعد اجتياحهم السياج الزائل شرق غزة ووصولهم إلى المستوطنات في أراضي الـ 48 المحتلة.
حتى أن أحد المقاتلين استأذنها قائلاً: "هل أستطيع تناول حبة موز" وفق قولها للصحافة العبرية، في مشهد يكشف حجم الأخلاق الذي تعامل به جند القسام مع المستوطنين.
وكانت سلسلة فيديوهات انتشرت بعد ساعات قليلة من بدء معركة طوفان الأقصى، فجر السبت 7 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، أظهرت استهداف عناصر القسام والمقاومة جنود وضباط جيش الاحتلال وآلياتهم العسكرية خلف السياج الزائل دونًا عن المستوطنين واكتفوا فقط بأسرهم.
في المشهد الآخر، شنَّ جيش الاحتلال سلسلة غارات وضربات جوية عنيفة على مختلف محافظات قطاع غزة ما أدى إلى استشهاد مئات المدنيين وإصابة الآلاف، في مشهد مناقض تمامًا للطريقة التي تعاملت بها المقاومة مع المستوطنين الغير مسلحين بعد اقتحام المستوطنات.
ورأى مراقبون أن المقاومة الفلسطينية بغزة صنعت مفارقة عجيبة أثبتت امتلاكها أخلاق عسكرية في التعامل بأوقات الحروب على النقيض تمامًا من جيش الاحتلال الذي أباد مناطق مدنية منذ بدء عدوانه العسكري على القطاع الساحلي المكتظ سكانيًا.
وقال الخبير في الشؤون العسكرية هشام المغاري: إن ارتكاب جيش الاحتلال الجرائم والمجازر بحق الشعب الفلسطيني يأتي بسبق الإصرار والقصد انطلاقًا من طبعه في استهداف المدنيين.
"وبناءً على ذلك لا يمكن المقارنة بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال في أوقات الحروب" كما أضاف المغاري لصحيفة "فلسطين".
وتابع: أن رجال المقاومة استهدفوا بالدرجة الأولى جنود وضباط جيش الاحتلال، عادًّا أن المستوطنين عبارة عن جنود بلباس مدني.
وأشار إلى أن كبار السن من المستوطنين لم يمسسهم جند المقاومة وهذا ما تثبته الصور والفيديوهات المتداولة منذ بدء معركة سيف الأقصى.
لكن في المقابل عبر عن حقده وانتقامه باستهداف المدنيين وقتل الأطفال والنساء والشيوخ وتدمير أحياء سكنية كاملة بشكل مبالغ فيه دون تحذير مسبق بالقصف ودون السماح للمواطنين بإخلاء منازلهم ما أدى إلى ارتفاع عدد الشهداء بشكل كبير.
وأكد أن جيش الاحتلال لم يراعِ أي أبعاد قانونية أو إنسانية عندما استهدف الأحياء المدنية.
وفضلاً عن إسقاط طائرات الاحتلال قنابلها مختلفة الأحجام والأنواع والتي فتكت بأحياء كاملة وسكانها أيضًا، استخدم جيش الاحتلال أسلحة محرمة دوليًا منها الفسفور الأبيض في قصف المدنيين.
ورأى الكاتب والمحلل السياسي خالد صادق، أن قصف الاحتلال لغزة عدوان إجرامي بمعنى الكلمة، الهدف منه الانتقام من الشعب الفلسطيني بأكمله، ويستخدم فيه جيش الاحتلال الذخائر المحرمة في ضرب عمق قطاع غزة.
وأضاف صادق لـ"فلسطين": ان جيش الاحتلال يستبيح كل شيء في قطاع غزة دون تفرقة بين المدنيين والعسكريين سعيًا منه أن يحقق إنجازات كاذبة بعد الضوء الأخضر الذي حصل عليه من الولايات المتحدة الأمريكية.
وتابع: أن الاحتلال يهدف من خلال ضرباته المكثفة إلى إيصال رسائل لعدة أطراف منها حزب الله اللبناني، مفادها أن لبنان سيواجه نفس المصير في حال التدخل إلى جانب المقاومة الفلسطينية في معركة طوفان الأقصى.
وأكد أن المقاومة الفلسطينية معروفة بأخلاقياتها العسكرية وقدرتها على التعامل بإنسانية حتى وهي في مجابهتها احتلال مجرم ونازي، ويثبت ذلك العديد من الشواهد التي وثقها المقاومون من داخل المستوطنات في أراضي الـ48، وبثتها وسائل الإعلام العالمية.
وأكد أن طريقة تعامل جنود المقاومة مع المستوطنين اليهود عكست صورة المقاتل الفلسطيني المسلم الذي يحتكم للأخلاق والقيم الإنسانية في معركته مع الاحتلال الإسرائيلي.
وعدَّ أن عناصر المقاومة الفلسطينية يتمتعون بمعايير أخلاقية مستمدة من تعاليم الدين الإسلامي العظيم، بعكس جيش الاحتلال الذي تحكمه شريعة الغاب ويعيش وفق منطق البقاء للأقوى، ويستخدمون الأساليب الأخلاقية لتحقيق أهدافهم.