معركة طوفان الأقصى تعيد رسم خارطة المنطقة الجغرافية، وتصحيح البوصلة من جديد بالدماء والأشلاء، وإعادة الاعتبار لأصل الصراع، ألا وهو تحرير فلسطين، عملية عسكرية إستراتيجية، وصفعة عميقة ومفاجئة، تلقاها الكيان الصهيوني بجيشه المقهور، ومنظومته الأمنية والاستخباراتية، بدأت بأمر من القائد العام ورئيس هيئة الأركان للمقاومة الفلسطينية أبو خالد الضيف، ونفذها مقاتلون من قطاع غزة سلاحهم الإيمان بالله تعالى والوعي والعقيدة خلف خطوط العدو تناولت تحرير الأراضي التي تجثم عليها مغتصبات الغلاف وإعطاب وتفجير آليات عسكرية واغتنام العديد من الآليات والأسلحة المتوسطة وأوقعت مئات القتلى والجرحى والأسرى في صفوف المستوطنين وفرقة لواء غزة وسط كثافة صاروخية شكلت جغرافيا فلسطين، وذلك ردًا على الاعتداء على الأقصى المبارك والمرابطات الحرائر وشتم النبي ﷺ في أعيادهم اليهودية المزعومة.
الهجوم الواسع الذي نفذته فصائل المقاومة الفلسطينية بقيادة كتائب القسام صباح السبت السابع من أكتوبر أحرج قيادة حكومة الاحتلال وأضعف المنظومة الأمنية والسياسية والاستخبارية وشكل صدمة إسرائيلية وعالمية، وسيكون له تداعيات كبيرة وخطيرة على الصعيد الفلسطيني-الإسرائيلي، والصعيد الدولي وتأثير مواقف المطبعين مع العدو الصهيوني، ولا سيما أن المقاومة نجحت في السيطرة على مستوطنات غلاف غزة بالكامل في أقل مدة زمنية قدرت 100دقيقة، وأوقعت فيها المئات من القتلى والجرحى والأسرى في صفوف المستوطنين وفرقة لواء غزة خلال اشتباكات عنيفة وسط تبادل الرشقات الصاروخية الكثيفة للتغطية على العناصر المقتحمة خلف خطوط العدو وقصف الطيران الحربي على الحدود خلال نقل الأسرى و الغنائم العسكرية من الأسلحة المتوسطة والذخائر والآليات التي سيطرت عليها عناصر المقاومة من المواقع العسكرية المُحصنة، ويأتي ذلك في ظل أوضاع ملتهبة في غزة والضفة ولا مبالاة للأحداث الجارية في القدس سواء إقليميًا أو دوليًا، وتسارع الإعلان عن التطبيع السعودي الإسرائيلي.
التحية العظيمة لرجال المقاومة الذين تعاملوا مع الأسرى وفق الشريعة الإسلامية، بغض النظر عن بعض التجاوزات والمخالفات التي وقعت هنا وهناك مع دهشة مواقف الانتصار والتحرير لأجزاء من الأرض الفلسطينية المحتلة في محيط غلاف غزة.
الانتقادات الإسرائيلية حادة من المعارضة ووسائل الإعلام الإسرائيلية في ظل فشل وإخفاق المنظومة الأمنية والعسكرية بتوقع عملية المقاومة الفلسطينية بهذه الجرأة والاستعداد وانهيار واستسلام قوات الجيش بفرقة غزة، ويحاول المحللون العسكريون وبعض ضباط الجيش السابقون تحليل وفهم خطوة حماس، وهل هي إستراتيجية، أو هي مجرد تمهيد لمعركة وحدة الساحات، حيث أن حزب الله يبدي استعداده لذلك منذ فترة من الزمن، وأن إيران ليست بعيدة عن ما يجري، ويأمل هؤلاء المحللون أن لا يحدث ذلك، وإذا ما تأكدت (إسرائيل) أن هذه العملية قامت بها حماس وحدها فيجب من منظورهم أن يكون الرد قاسي وغير مسبوق، ومن وجهة نظرهم أن السبب الرئيسي هو أن (إسرائيل) تحت قيادة بنيامين نتنياهو الذي يقود حكومة من أشخاص متطرفين وعديمي الشخصية والمسؤولية ولا يمتلكون أي كفاءة، وبعضهم حريديم أصوليون متطرفون يستمدون مواقفهم من الحاخامات والعهد القديم.
الأوضاع خطيرة والتوقعات والسيناريوهات متعددة ومختلفة في انتظار ردة فعل حكومة الكيان، والضريبة غالية فداء الأقصى وتراب الوطن وجرائم الحرب ضد الفلسطينيين لم تنتهِ، المعركة بدأت والمقاومة صاحب الكلمة والقرار، فكما فاجأت المستوى المحلي والدولي والإقليمي في افتتاحية المعركة حتمًا ستكتب انتصارات في ختامها حتى إذا كلف الأمر تدمير غزة لن تسقط المقاومة.