تقوم المخططات الصهيونية على التوغل داخل الأمتين العربية والإسلامية، وحماية كيانهم بدماء شعوب المنطقة، مدعومين من الولايات المتحدة، التي تسعى لدمج الاحتلال في المنطقة، بأي شكل من الأشكال، وابتزاز الأنظمة العربية والإسلامية، بحيث تحصل الأنظمة المطبعة على امتيازات أمريكية، مقابل تطبيعهم مع الاحتلال.
لم يتراجع الاحتلال عن محاولات بث سمومه في خاصرة الأمة العربية، والمتاجرة بدمائهم، وبتاريخهم، ومحاولة تحييدهم عن دورهم في دعم القضية الفلسطينية، عبر اتفاقيات ثنائية أو جماعية على غرار ما تعرف باتفاقيات أبراهام، وهي امتداد لمخطط صفقة القرن التي سوقتها الولايات المتحدة في عهد الرئيس الغابر ترامب.
وحل التطبيع هو انزلاق في التنازلات والتسويات لصالح الاحتلال الإسرائيلي، يستفيد منها لوحده، ويبرر فيها جرائمه ضد الشعب الفلسطيني، ويستخدمها في وجه الفلسطينيين، للاستفراد بهم، وإشعارهم بأنهم لوحدهم، وأن الاحتلال يتوغل في المنطقة، ليسيطر على مقدراتها، ويستفيد منها اقتصاديًا، وعسكريًا، وأمنياً، في حين تلك الدول المطبعة تسخر مقدراتها لصالح الاحتلال، وينتهك فيها الاحتلال مقدسات الدول.
المستغرب أن يتحرك ملف التطبيع في ظل الحرب الدينية التي تشنها الحكومة المتطرفة التي تضم غلاة المستوطنين، الذين يطالبون بقتل العرب، وإبادة المسلمين، ويهينون المسحيين، ويدنسون المسجد الأقصى.
اقرأ أيضًا: الرابحون من التطبيع
اقرأ أيضًا: الفلسطينيون بين سياسة القطيع ورفض التطبيع
السائرون على خطى الغواية من المطبعين، لن ينالوا من التطبيع، سوى مزيد من السموم التي يبثها الاحتلال بينهم، ويستفرد بالأنظمة لصالح تمرير مشاريعه الاقتصادية، وتحسين الدخل لكيان الاحتلال، ولن يمنحها شيئًا، حتى التطور التقني التي لن يعطيه لهم الاحتلال إلا من بوابة التجسس على مقدرات الشعوب العربية، وتستفيد منه بعض الأنظمة القمعية المطبعة في التجسس، وملاحقة معارضها.
لا يزال أمام الأنظمة المطبعة فرصة للتفكير قبل فوات الأوان، في حين سيجنون من وراء هذا التطبيع، مزيدًا من العزلة بينهم وبين شعوبهم، وعليهم أن يفكروا مجددًا في إغلاق الباب أمام الشيطان الذي سيغويهم، ثم يتخلى عنهم في أقرب فرصة، وقد شاهدنا ذلك، في تعامل الاحتلال مع بعض الأنظمة والتخلي عنها في أقرب فرصة، طالما أنه لم يعد بحاجة لهم، أو تمكن من الحصول على ما يريد من بوابات أخرى.
الرهان الوحيد على مواجهة هذا الموت القادم من الاحتلال هو بالشعوب العربية، التي لا تزال متمسكة بالقضية الفلسطينية، وتؤمن بأن الاحتلال إلى زوال، وأن إقامة العلاقات معه، لن تفيد الدول العربية، بل خنجر في خاصرة الشعوب، وستبقى ترفض التطبيع وتقاومه.
هنا أيضًا يقع على عاتق المؤسسات المدنية والشعبية والنقابات والهيئات المجتمعية، والدعاة والعلماء، وقطاعات الشباب، والبرلمانات والاتحادات الرياضية والثقافية والمجتمعية، والأحزاب أن تقاوم التطبيع، وتواجه سموم التطبيع، وتقطع دابر المطبعين، وتعزلهم سياسيًا، ومجتمعيًا، وتوجيه طاقات الأمة العربية والإسلامية نحو دعم القضية الفلسطينية، ومواجهة الحرب الدينية التي يشنها الاحتلال ضد المسلمين، في فلسطين والمنطقة.