فلسطين أون لاين

نصحن النساء بالفحص المبكر لفُرص استشفاءٍ أعلى

تقرير مكافِحات في طريق التعافي يروين تجاربهن مع سرطان الثدي

...
مكافِحات في طريق التعافي يروين تجاربهن مع سرطان الثدي 
غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

ترقد السيدة سناء الكولك على سرير المرض في مستشفى الصداقة التركي للتعافي من تداعيات إصابتها السابقة بسرطان الثدي، حيث تعاني من ثقل في يدها اليسرى والتهابات في الأنسجة الجلدية لا يقوى جسمها على مقاومتها بسبب ضعف المناعة.

بدأت معركة "الكولك" مع المرض عندما شعرت بتحجّر في صدرها حدثت به أحد الأطباء من أقربائها الذي طلب منها التوجه للفحص الطبي فورًا، فثبتت إصابتها بـ"سرطان الثدي" في مراحله الأولى.

لتدخل بعد ذلك السيدة البالغة من العمر 58 عامًا في معركة صراع مع المرض، إذ خضعت لعملية استئصال للثدي ثم لعلاج كيماوي في غزة، "وبعدها سافرتُ إلى مصر لتلقي العلاج الإشعاعي، كانت رحلة علاج مكلفة جدًا، فلا يغطي التأمين الصحي سوى رسوم العلاج أما تكاليف المعيشة فهي من جيبي الخاص".

ولم تكد الكولك تبدأ بالتعافي من سرطان الثدي حتى أصيبت بالصدمة الأكبر في حياتها عندما قُصف منزل عائلتها في شارع الوحدة إبّان العدوان الإسرائيلي على غزة في صيف 2021 ليرتقي اثنان وعشرون فردًا من عائلتها شهداء.

ومن تحت الركام كُتبت لـ"الكولك" حياة جديدة، فيما فقدت زوجها وثلاثة من أبنائها و"كنتها" وحفيدها، ليزيد الأمر من تعبها الجسدي والنفسي، "تجرعتُ وما زلتُ أتجرع مرارة ما حدث لي من هدم بيتي فوق رؤوسنا، وفقدان عائلتي التي كنتُ أتعالى على أوجاعي من مرض السرطان لأجلهم".

وتضيف: "كانت خسارتي الكبيرة سببًا في ألمي النفسي، فمنذ ذلك الوقت وأنا أعاني من أوجاعٍ في جسمي، بررها الأطباء بقلة مناعتي بسبب التشافي من مرض السرطان فيما أرى في فقداني عائلتي أمرًا أكثر وطأة ومرارة مما عانيته من تجربة المرض".

فقدان الأسرة

كل شيء حول الكولك يُذكّرها بأسرتها التي فقدتها، وبزوجها الذي كان رفيقها في رحلة العلاج بالخارج، "كنتُ أُقوّي نفسي على المرض بأبنائي وابنتيّ لكي أعود لهم معافاة، ونعود لنعيش حياة مستقرة مجددًا".

والعلاج من السرطان يحتاج إلى حالة نفسية جيدة وعزيمة على محاربة هذا المرض الخبيث، تؤكد الكولك، "فسابقًا كانت لديّ القوة، أما اليوم فإنّ صور أبنائي التي لا تفارق مخيلتي وبكائي الدائم على فقدانهم يجعلاني في هشاشة نفسية كبيرة، غير قادرة على مقاومة مضاعفات لضعف المناعة أقل حدة من المرض بحد ذاته".

رحلة شاقة

وفي غرفةٍ مجاورة لـ"الكولك" تقبع السيدة آمال قزقز على سرير المرض في رحلة صراع جديدة مع مرض السرطان، فقد أهملت "آمال" كُتلًا غريبة في صدرها، ولم تذهب للفحص الطبي، دخلت في إثرها مرحلة صعبة من "سرطان الثدي" منذ عام 2016م.

فبعد عام من اكتشاف المرض اضطر الأطباء إلى استئصال الثدي، ثم خضعت للعلاج الكيماوي في غزة، ثم بدأت رحلة العلاج الإشعاعي في مستشفى المطلع في القدس المحتلة، وبعد رحلة قاسية من العلاج تعافت "قزقز" من المرض.

ولكونها قد قاست بسبب إهمالها المرض في بدايته، فإنها داومت على المتابعة الدورية وإجراء الفحوصات أولًا بأول، لكنها وقعت فريسة للسرطان مجددًا في بداية العام الحالي بعد معاناتها أوجاعًا في صدرها و"كحة" مستمرة وخضوعها للعلاج في أكثر من مستشفى، وعند أكثر من طبيب.

وبعد إجراء العديد من الفحوصات تبيّن لها في شهر يونيو الماضي أنها مصابة بسرطان في الرئة، لتدخل في رحلة علاج مريرة تكرهها؛ لإدراكها الآلام المصاحبة لها طيلة السنوات لدى استشفائها من سرطان الثدي.

تقول آمال: "عدتُ إلى المشفى مرغمةً، هذه المرة الألم أشد والعلاج أكثر وطأة، حتى أشعر بأنني أحتضر أحيانًا لشدة الألم".

وما يزيد مرارة آمال هو غيابها المستمر عن أسرتها التي تعاني بسبب معركتها مع السرطان، "غبتُ عن منزلي أثناء تقدُّم ابني محمد لامتحانات الثانوية العامة هذا العام، لكنه كافح وأصرّ على أن يسعدني فحاز على معدل 96.7% من الفرع العلمي".

وتضيف: "كانت تجربتي المريرة مع السرطان دافعًا لابني للاجتهاد للحصول على معدل يمكنه من الالتحاق بكلية الطب؛ علّه يتمكن يومًا ما من مساعدة أمثالي من المرضى الذين أنهكهم هذا المرض".

وإزاء تجربتها المريرة مع المرض، فإن قزقز تنصح كل سيدة بأن تبادر للكشف الطبي عند الشعور بأي أعراض غريبة والاطمئنان على صحتها، "فالكشف المبكر يختصر عليها الكثير من المعاناة التي يمكن أن تتكبدها في الرحلة المريرة للعلاج من السرطان".