فلسطين أون لاين

تقرير الشخصية المهيمنة.. بين القوة وضرورة التوازن في التعامل

...
الشخصية المهيمنة.. بين القوة وضرورة التوازن في التعامل
غزة/ مريم الشوبكي:

سنوات من التوتر والقلق عاشتها رانية وهي تحت إدارة "مدير مهيمن" لا يعترف برأي أو فكر أي شخص غيره، قرارته هي الصائبة، وحتى وإن كانت أراء موظفيه أكثر صوابًا منه لا يعيرها أي اهتمام، يجد نفسه الأقدر على اتخاذ القرارات، والباقي عليه أن ينفذ.

عملت رانيا (40 عامًا) في إحدى الشركات الخاصة ودخلت في صدامات عدة مع مديرها، لكي تثبت حقها في التعبير عن رأيها، ورؤيتها في إتمام مهامها، وفي كل مرة يحتدم النقاش بينهما ويتجاهلها في كثير من الأحيان، حتى بدأ في تحريض بعض الموظفين عليها ليجعلها تتراجع وتنفذ ما يريد.

تقول: إن كل من حولها يهادن المدير وينفذ ما يقوله دون نقاش حفاظًا على راتبه وعدم فقدانه لوظيفته، ولكنها لم تقوَ على مواصلة العمل، وكلفها ذلك الكثير من الأذى النفسي والتوتر الدائم وفقدان الرغبة في الذهاب إلى الدوام، حتى انتهى به المطاف إلى الاستقالة والتوجه نحو العمل الحر عن بعد.

مهيمنة ولكن!

أما سجى (24 عامًا) وهي ربة منزل من مدينة غزة، فتقول: إن والدها يتمتع بشخصية حازمة ومسيطرة، وكذلك والدتها، فكانا في عراك مستمر، "كنت متأثرة بشخصية والدي وأريد السيطرة على زوجي الذي يتمتع بشخصية هادئة ويرفض قطعيًا أسلوبي".

وتضيف لـ"فلسطين": "متأثرة كثيرًا بشخصية أبي، رغم أنني كنت أراه دائمًا على خطأ لأنه كان يقمع والدتي ويجعلها تنفذ ما يقول، فدائمًا القرارات أحادية الجانب، لا يأخذ برأيها، ويجد أن قرارته هي الصائبة، وهذا ما أفعله مع زوجي الذي دائمًا يتهمني أنني أريد السيطرة عليه، وإلغاء شخصيته".

اقرأ أيضًا: ​شخصيّتك حساسة.. عزِّز ثقتك بنفسك

وتتابع: "رغم أن زوجي يعترف بأن قراراتي أغلبها صائبة، ولكنه كثيرًا ما كان يفعل عكسها لمعاندتي، ومن شدة المشكلات تدهورت صحتي النفسية والجسدية، وأعترف بأنني أمتلك شخصية مهيمنة، وأريد المحافظة على الاستقرار النفسي لأطفالي، ولكن لا أعرف علاجاً للمشكلة".

وتعزو سلوكها في إدارة حياتها إلى اعتقادها بأنها في حال تركت لزوجها دفة اتخاذ القرارات "سيغرقنا بالمشكلات لتجاربي السابقة معه".

مهيمن ليس فاشل

بدورها تقول الاختصاصية النفسية كفاية بركة: "الشخصية المهيمنة هي التي تفرض رأيها على الآخرين، وتريد قيادتهم، وكثيرة الجدال، وتعد نفسها على صواب دائمًا، ولديها حب الظهور، والزعامة".

وتضيف لـ"فلسطين": "الأمر لا يعني أن المسيطر فاشل بل على الأغلب يمتلك شخصية ذكية، ولديه قدر عال من الثقة بالنفس، وقادر على اتخاذ قرارات سريعة وصائبة، وماهر في الاتصال والتواصل مع الآخرين، يرفض الروتين، وبارع في تنظيم الوقت".

في المقابل لصاحب الشخصية المهيمنة في العمل سمات سلبية، تذكر أنه حاد الطباع، عصبي، يرفض أفكار وآراء الآخرين حتى لو كانت أفضل منه، وإن فشلت قراراته يضع اللوم على الآخرين، عنيف، لا يهتم بمشاعر الآخرين، لا يهتم بالاستماع لهموم الآخرين، متعجرف، مغرور، غالبًا يكون وحيدًا وليست لديه علاقات اجتماعية.

اقرأ أيضًا: ​اعرفي شخصية طفلك وتعاملي معها

أما إذا كان المهيمن داخل المنزل الزوج أو الزوجة، فتشير بركة إلى أن الأمر يكون أكثر صعوبة لتأثيره السلبي على الاستقرار الأسري، فينجم عنه خلافات، أو طلاق، أو انفصال، ويصيب الأطفال باضطرابات نفسية.

وتنصح بالتعامل مع الموظف أو المدير المهيمن بذكاء، وحكمة، مع الحيطة، والحذر قدر الإمكان، والتعبير عن الأفكار باحترام، والابتعاد عن الجدال مع الشخصية المهيمنة، "لا تشاركه في شؤونك الخاصة، واقتصر التواصل معه على وقت الدوام فقط".

وتنبه الاختصاصية النفسية إلى أن الخوف والارتياب والدفاع عن النفس تعد نقاط ضعف يمكن أن يستغلها المهيمن مع الشخص المقابل له، لذا يجب اتباع أسلوب المواجهة الجماعي أفضل من المواجهة الفردية التي قد تلحق ضررًا بالموظف نفسه، مع الابتعاد عن مجاملته.

أما إذا كان المهيمن هو أحد الزوجين، تحث بركة على تقبل الطرف الآخر، وتفهُّم طبيعة شخصيته مع تبيان المواقف السلبية على حياتهما، وضرورة اختيار الوقت المناسب لمناقشة هذه الأمور، أو الاستعانة بطرف محايد للحديث معه، أو طلب استشارة اختصاصي نفسي وأسري.