وافقت أمس الذكرى الثامنة لاندلاع انتفاضة القدس، التي شكلت عمليات الطعن والدهس فيها سلاحًا لاحَق جنود الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين من قرب.
وانطلقت الانتفاضة في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول 2015، دفاعًا عن مدينة القدس والمسجد الأقصى، بتنفيذ عملية إطلاق نار قرب مستوطنة "إيتمار" جنوب شرق مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة.
ونالت العملية التي تبنتها كتائب القسام من مستوطنَيْن، وقد نفذها الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس بعد شهرين من جريمة إحراق المستوطنين عائلة دوابشة في بلدة دوما بنابلس.
اقرأ أيضاً: تقرير انتفاضة القدس.. بطولات فدائية أسست لمقاومة مسلحة في جنين ونابلس
وشكلت العملية الشرارة التي أطلقت سلسلة عمليات فردية نالت من جنود الاحتلال وتحصيناته، ومن المستوطنين كذلك، فشملت عمليات طعن ودهس وإطلاق نار في القدس والضفة الغربية، والداخل المحتل أيضًا، وأسفرت عن مقتل وإصابة العشرات من جنود الاحتلال والمستوطنين.
تلاحم وتناغم
ورأى الكاتب والمحلل السياسي خالد صادق، أن الرد على جرائم الاحتلال أمر لا يمكن أن يفوت أبناء الشعب الفلسطيني الذي يتبع منهجًا وآلية عمل جماهيرية قادرة على التعامل مع الجرائم الإسرائيلية.
وبين صادق لصحيفة "فلسطين" أن التلاحم والتناغم بين الحاضنة الشعبية والمقاومة يجعلانها أكثر قوة في الرد على جرائم الاحتلال والمستوطنين، وتجسد ذلك في انتفاضة القدس عندما هبّت الجماهير لمواجهة المخططات والانتهاكات الإسرائيلية، وانسجمت هذه الحالة مع قدرة الشباب الفلسطيني على تنفيذ عمليات فدائية.
واعتبر أن انتفاضة القدس "شكلت فزاعة للاحتلال الذي وسع دائرة جرائمه ضد المواطنين، ونفذ جرائم اغتيال بحق كوادر وقيادات المقاومة، ومواجهة التحرك في الشارع".
وتابع أن الرد الفلسطيني دائمًا يأتي بقدر حجم الجريمة التي يرتكبها الاحتلال، وقد أثبتت عملية "إيتمار" الانسجام بين المقاومة وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من انتهاكات، في حدثٍ أربك جيش الاحتلال والمستوطنين.
وأكمل أن العمليات التي نفذها فدائيون فلسطينيون بعد اندلاع انتفاضة القدس استنفدت قدرات جيش الاحتلال، وجعلت حركة المستوطنين صعبة، وشكلت حافزًا لاقى اهتمامًا جماهيريًا كبيرًا، وتفاعلًا قويًا معها.
ورأى صادق أن هذه الانتفاضة شكلت ثورة على طريق إفشال مخططات الاحتلال.
نقلة نوعية
من ناحيته، رأى الكاتب والمحلل المقدسي راسم عبيدات أن انتفاضة القدس شكلت نقلة نوعية باتجاه تصاعد العمل المقاوم في القدس والضفة الغربية المحتلتين، وذلك تزامنًا مع تصاعد سياسات الاحتلال وجرائم المستوطنين.
وبين عبيدات لـ"فلسطين" أن تصاعد التهويد والجرائم في القدس على وجه الخصوص لن يقابَل إلا بمزيد من الأفعال المناهضة للسياسات الإسرائيلية.
وتابع أن الاحتلال خلّف الكثير من التراكمات التي حفزت الشباب الفلسطيني على الانطلاق نحو تنفيذ عمليات ضد جنوده ومستوطنيه، والعمل على تصعيد المقاومة ضدهم.
ورأى أن انتهاكات الاحتلال والمستوطنين حاليًا في القدس وبحق المسجد الأقصى على وجه التحديد، تشكل عوامل رئيسة في حالة الغليان المقدسي والفلسطيني بشكل عام، وقد يؤدي ذلك إلى تفجر الأوضاع في أي لحظة.
الأقصى عنوان الصراع
بدورها، أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس، في بيان بمناسبة الذكرى الثامنة لانتفاضة القدس أنَّ دماء الشهداء الأبرار هي وقود لمعركتها المستمرة ضد الاحتلال، وأنَّ المساس بالقدس والأقصى سيواجَه بمزيد من المقاومة الشاملة.
وشددت حماس في بيانها على أنَّ انتفاضة القدس بعد ثمانية أعوام، لا تزال جذوتها متّقدة، وتمثل منارةً يهتدي بها شعبنا لمواصلة نضاله وانتصاره للقدس والأقصى، ولهيباً يكتوي بناره العدو وقطعان مستوطنيه.
وأكدت أنَّ "القدس والمسجد الأقصى المبارك هما عنوان الصراع المستمر مع العدو الصهيوني، وأنَّ كل محاولاته للنيل منهما لن تعطيه شرعية زائفة أو سيادة مزعومة فيهما، وسيبقى شعبنا ثائراً مدافعاً عنهما بكل الوسائل حتى تحريرهما".
ودعت حماس جماهير أمتنا العربية والإسلامية وأحرار العالم إلى تكثيف تضامنهم ودعمهم ونصرتهم لقضية شعبنا العادلة ونضاله المشروع في انتزاع حقوقه.