فلسطين أون لاين

تقرير "السلطعونات" تنعش جيوب الصيادين

...
"السلطعونات" تنعش جيوب الصيادين
غزة/ أدهم الشريف:

مع كل صباح مشمس يتخذ الصياد رمضان زيدان من رصيف مخيم الشاطئ للاجئين المطل على بحر غزة مكانًا لشباكه المليئة بسرطان البحر، أو ما يعرف بالسلطعونات، وغزيًّا بـ"الجلمبات".

يملك زيدان (63 عامًا) براعة مدهشة في تخليص السلطعونات من شباك الصيد التي علقت بها.

كانت تتحرك عشوائيًا محاولة الفرار من مصيرها المحتم على موائد الغزيين، لكن زيدان كان أكثر مهارة منها في القبص عليها رغم مقصاتها القوية التي يتلاشاها الجميع، لما يمكن أن تسببه من جروح.

مع كل "حبة" يخلصها من شباكه كان يضعها في وعاء بلاستيكي يعرف بـ"البكسة" استعدادًا لتلبية رغبات الزبائن الذين اصطفوا أمام محل لبيع السلطعونات غرب غزة.

ويعد صيدها موسمًا مميزًا لزيدان، يبدأ منتصف أغسطس/ آب ويمتد حتى يناير/ كانون الثاني من كل عام، ويبلغ ذروته في أكتوبر/ تشرين الأول، وتستغله الغالبية العظمى من الصيادين لتحصيل الدخل المالي المناسب.

اقرأ أيضًا: ​"السلطعونات" فاكهة بحرية تستهوي الغزيين

"أجمل ما في صيد السلطعونات أنها لا تحتاج إلى إمكانات كبيرة، إذ كل ما تحتاج إليه لصيدها: قارب صغير (حسكة مجداف)، وشِبَاك فقط، بعكس الأسماك التي يحتاج صيدها إلى شِبَاك ومعدات وقوارب خاصة.." قال زيدان لصحيفة "فلسطين".

ويعتمد هذا الرجل على أبنائه في إلقاء الشباك لمدة 24 ساعة أو أقل في عمق البحر، ويبلغ طول الواحدة منها 120 مترًا، وارتفاعها مترًا ونصف المتر، ورغم أنها مخصصة لصيد السلطعونات فإن بعض أنواع الأسماك تعلق بها أحيانًا.

وعادة ما يستغل الصيادون هدوء البحر وعدم ارتفاع أمواجه في إلقاء الشباك على مسافات بعيدة من الشاطئ تقدر بأميال لصيد كميات أكثر من السلطعونات، الوجبة المفضلة لفئة واسعة من المواطنين في قطاع غزة.

أما عن ثمن البكسة الواحدة وزن 3.5-4 كيلوجرامات فيتراوح بين 30-35 شيقلاً، حسبما أفاد الشاب محمد مشتاق الذي يدير محلاً صغيرًا أمام شاطئ البحر يحوي مئات الكيلوجرامات من السلطعونات.

وعن ارتفاع ثمنها، أرجع مشتاق سبب ذلك خلال حديثه مع "فلسطين" إلى تسويقها للضفة الغربية، حيث تعد من المأكولات المفضلة لفئة واسعة من المواطنين هناك أيضًا.

لكن أكثر ما يثير الإعجاب لدى هذا الشاب صاحب اللحية ذات اللون النحاسي، استغلاله لتطبيقات التواصل الاجتماعي، ولجوؤه إلى فتح بث مباشر عبر تطبيق "Tiktok"، محاولاً جلب المزيد من الزبائن.

اقرأ أيضًا: "السلطعون" في ميزان الطب

وقال لـ"فلسطين": إن عدد المتابعين لحسابه يزيد على 35 ألفًا، يأتيني العديد منهم لشراء السلطعونات.

وكان محمد يحكي مع المشاركين في البث وهو يعمل على تنظيف سلطعونات ابتاعها أحد الزبائن.

وبالقرب من بسطة مشتاق، انهمك الطفل محمد الصعيدي (15 عامًا) في تنظيف كمية كبيرة من الجلمبات تقدر بـ15 كيلوجرامًا (قرابة 4 بُكَس) لأحد الزبائن.

قال الصعيدي لـ"فلسطين" وبدت آثار سطوع الشمس واضحة على وجهه: أعمل في هذه المهنة منذ 3 سنوات تقريبًا، أنظف يوميًا من 3-8 "بُكس" بثمن 3-5 شواقل للواحدة.

ويحظى موسم السلطعونات بطقوس خاصة لدى الصيادين وأبنائهم، إذ تجدهم في مثل هذه الأيام من كل عام عند ساحل غزة امتدادًا من شمال القطاع حتى جنوبه، بعد إخراج شباكهم من البحر يخلصون السلطعونات منها لبيعها للزبائن.

ويوفر موسم السلطعونات -والقول هنا للمدير العام للثروة السمكية في وزارة الزراعة بغزة وليد ثابت- دخلاً مناسبًا للصيادين، وقد أسهم في ذلك ارتفاع سعرها بسبب التسويق للضفة الغربية.

وأفاد ثابت لـ"فلسطين" بأن كميات السلطعونات تكفي السوق المحلي بغزة وتلبي رغبات السكان ممن يرغبون بهذا النوع من المأكولات البحرية، ويعدها هؤلاء غذاءً مكملاً وليس أساسيًا كالأسماك.

وتمكن الصيادون بغزة خلال 2022 من صيد 151 طنًا من السلطعونات، على ما أفاد به ثابت.