- شاهين: السلطة وأجهزة أمنها مسؤولة عن تصاعد جرائم إطلاق النار
- الشرباتي: تراخي الأمن عن اعتقال المجرمين أدى لاتساع رقعة الانفلات
تشهد مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة منذ سنوات انفلاتًا أمنيًا غير مسبوق، تصاعدت وتيرته مع استمرار تقاعس أمن السلطة عن ملاحقة الجناة وتحقيق العدالة، بل إنها تتغاضى عنهم كما تؤكد شواهد عديدة.
وتساءلت شخصيات عن سبب تغافل أمن السلطة عن اعتقال المتسببين بالانفلات الأمني، رغم تكرار حوادث إطلاق النار التي نال آخرها من عضو المجلس البلدي في بلدية الخليل عبد الكريم فراح.
وأصيب فراح بالرصاص بعد أن أطلق مسلحون النار على مركبته، ما أدى إلى إحراقها أيضًا، أول من أمس.
وأكدت شخصيات تحدثت معها صحيفة "فلسطين" أن الجريمة تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك استمرار الانفلات الأمني في الخليل، وعدم قيام أمن السلطة بدوره في حفظ أمن وسلامة المواطنين.
وفي جريمة سابقة نفذها أمن السلطة، وعززت الانفلات الأمني في الخليل، اغتالت قوة من الأمن الوقائي مؤلفة من 14 من مرتبات الجهاز، المعارض السياسي مرشح قائمة "الحرية والكرامة" الانتخابية نزار بنات، يوم 24 يونيو/حزيران 2021.
ولاقت جريمة الاغتيال هذه ردود فعل مناوئة على المستويين المحلي والدولي، في حين تخوض عائلة بنات حراكًا قانونيًا في المحكمة الجنائية الدولية لتحقيق العدالة لنزار بنات، بسبب استمرار المماطلة التي تمارسها المحكمة العسكرية في رام الله.
وكانت المحكمة نفسها قد أفرجت عن قتلة نزار بنات، واكتفت بحضورهم جلسات المحاكمة والعودة إلى منازلهم.
من المسؤول والمستفيد؟
من جهته، قال القيادي في التيار الإصلاحي لحركة فتح المحامي حاتم شاهين: إن الانفلات الأمني الحاصل في الخليل لا يخدم إلا الاحتلال الإسرائيلي، الذي يستهدف المدينة لما تحظى به من أهمية تاريخية، وقد شكلت منبعًا للثورات والانتفاضات الفلسطينية.
وأضاف شاهين: "ما حصل مع فراح عمل جبان صادر عن جهات خارجة عن القانون، تعمل لصالح أجندات مشبوهة".
وشدَّد على أن الانفلات الأمني يتسع في الخليل بسبب التقصير الواضح من القوى الأمنية والشرطية.
وأضاف: معظم حوادث إطلاق النار يرتكبها أشخاص معروفون لدى أمن السلطة، ويحدث 90% منها في المناطق التي تخضع لسيطرة السلطة.
اقرأ أيضاً: "زعارير": الاحتلال هو المستفيد الوحيد من الفلتان والفوضى في الخليل
وعد أن ذلك يثير علامة استفهام كبيرة حول أسباب عدم ضبط وإحضار مرتكبي حوادث إطلاق النار التي تستهدف شخصيات فلسطينية.
وكان شاهين المرشح عن قائمة "المستقبل" للانتخابات التشريعية المعطلة بقرار من رئيس السلطة محمود عباس، قد تعرض منزله ومكتبه في أبريل/نيسان 2021 لإطلاق نار من مسلحين بالتزامن مع الدعاية الانتخابية آنذاك.
ورأى أن "الانفلات الأمني سيؤدي بالخليل إلى بحر من الدم، وسيسهم في إفراغ المدينة من سكانها، ما يجعل الحلم اليهودي حقيقة على أرض الواقع".
وأشار القيادي في التيار الإصلاحي إلى أن الانفلات الأمني مدعوم في الأصل من الاحتلال، بهدف إرهاب أهل المدينة ومنع الزوار من الوصول إليها وتفريغها.
وأضاف: "الاحتلال يتبع خططًا ممنهجة تهدف أساسًا إلى فرض سيطرة الاحتلال على مدينة الخليل، التي تحظى بقيمة إسلامية وأثرية وتاريخية عريقة".
وحمَّل شاهين السلطة والحكومة في رام الله وأجهزة أمنها المخولة بحمل السلاح وفرض القانون المسؤولية الكاملة عن توفير الأمن وحفظ سلامة المواطنين واعتقال المسلحين الذين أطلقوا النار على فراح.
وتابع: "إن عدم قدرة الحكومة والأمن عن القيام بذلك سيدفع المواطنين إلى حمل السلاح وتحصيل حقوقهم".
واعتصم مئات المواطنين، بمشاركة رئيس بلدية الخليل تيسير أبو سنينة وأعضاء وموظفي البلدية، عند دوار ابن رشد وسط الخليل أمس، رفضًا لإطلاق الرصاص على فراح.
وطالب المشاركون في الفعالية أجهزة أمن السلطة بإظهار صدق النوايا، واعتقال الخارجين عن القانون، مؤكدين أن الأجهزة الأمنية في الخليل تمتلك الإمكانيات والدلائل اللازمة لاعتقال الجناة، ويتوجب عليها توظيف هذه الأدلة القانونية لتحقيق العدالة.
وطالبوا أيضًا بعدم اللجوء إلى وسطاء ووجهاء ومخاتير لحل الخلافات والقضايا بطريقة ودية فيما بعد. بدلاً من ذلك، ينبغي أن يتبع القانون مساره وتتخذ السلطات المختصة الإجراءات اللازمة ضد المسؤولين عن تصاعد الانفلات الأمني.
تراخي أمن السلطة
بدوره، أدان عضو لجنة الدفاع عن أهالي مدينة الخليل هشام الشرباتي بشدة محاولة اغتيال عضو مجلس بلدية الخليل، وأكد أن تراخي أمن السلطة في اعتقال مرتكبي جرائم إطلاق النار أدى إلى اتساع رقعة الانفلات الأمني، ورافق ذلك تعدد في أشكال الجرائم.
وأضاف الشرباتي أن هذه الجرائم تمس السلم الأهلي، ويتوجب على أجهزة الأمن أن تقوم بواجبها في إطار القانون الذي يكفل ملاحقة مرتكبي جرائم إطلاق النار.
ويتزامن تصاعد الانفلات الأمني -وفق الشرباتي- مع حالة الاحتقان وغياب المشاركة السياسية والانتخابات العامة عن الساحة الفلسطينية.
وتابع: أمن السلطة مطالب بملاحقة المجرمين والخارجين عن القانون وتقديمهم للعدالة وفق القانون، ووقف مظاهر التحريض السياسي.
ومساء الأربعاء 20 سبتمبر/ أيلول الحالي، أطلق مسلحون الرصاص تجاه مركبة نائب رئيس بلدية الخليل أسماء الشرباتي داخل منزلها الذي يقع في مربع أمني لأجهزة أمن السلطة، بعد سلسلة تهديدات تلقتها الشرباتي مؤخرًا، كما أطلق مسلحون الرصاص تجاه عيادة زوجها أمجد الحموري.
وعلقت بعد الجريمة على حسابها في "فيسبوك": "كلمة واحدة وبس، لا للتوظيف بالخاوة"، في إشارة إلى تهديدات يتعرض لها أعضاء المجلس البلدي للقبول بفرض أشخاص على البلدية وتوظيفهم.
وأوضحت الشرباتي أن قرارات المجلس البلدي تتخذ بالإجماع داخل المجلس، بما في ذلك ملفات التوظيف، مشددةً على أنه لا ضعف أو تراجع رغم التهديدات وإطلاق النار.