فلسطين أون لاين

تقرير في "وادي الجوفة".. الصمود مشوبٌ بمرارٍ يتجرعه أهلها

...
في "وادي الجوفة".. الصمود مشوبٌ بمرارٍ يتجرعه أهلها
طوباس–غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

ضاقت الأرض بما رحبت على المواطن ياسر أبو كباش الذي يعيش وعدد من العائلات الأخرى في مساحة مترامية الأطراف من الأراضي في الأغوار الشمالية إلا أن الاحتلال الإسرائيلي يلاحقهم في عقر دارهم هدماً وتشريداً دون سابق إنذار.

كان "أبو كباش" يعيش برفقة عائلة ابنه "سند" في غرفتين تجاوز تاريخ بنائهما الأربعين عاماً في تجمع وادي الجوفة، ورغم استصداره قراراً من محاكم الاحتلال بعدم قانونية الهدم إلا أن ذلك لم يشفع له بالتراجع عن هدم منزله الأسبوع الفائت وترك عياله في العراء.

يقول بأسى: "في غرفة كنت أعيش أنا وتسعة أفراد، أما الغرفة الثانية فتضم ابني وأسرته المكونة من ست أفراد، لا يمكننا أن نطلق عليهما منزلاً فهما مهترئتان، ولكننا في ظل منعنا من البناء في أراضينا لا يوجد لنا سقفٌ يؤوينا غيرهما".

ولم يترك الاحتلال أبو كباش وبقية أهل "وادي الجوفة" في حالهم إذ يضيق عليهم معيشتهم لأقصى حدٍ ممكن سعياً لتهجيرهم من أرضهم، "لدينا أوامر هدم منذ عشرات السنين، رفعنا دعاوى قضائية في محاكم الاحتلال في العام 1997م وكسبنا القضية، وأمرت المحكمة بمنع الهدم".

ويضيف: "الاحتلال لم يتركنا في حالنا أبداً، لم يسمح لنا بتطوير بيوتنا بل ضيق علينا كل سبل الحياة هنا، فنحن نعاني حر الصيف وبرد الشتاء، وعدم ملائمة بيوتنا للحياة، والمخالفات التي تُصب على رؤوسنا بمبالغ خيالية".

وقبل مدة بسيطة صادر الاحتلال "التراكتور" الخاص بـ"أبو كباش" ولم يفرج عنه سوى بعد أن دفع مخالفة باهظة، ومن قبلها سرق المستوطنون المحيطون بالمنطقة صهريج ماء كان يسقي منه مواشيه، "واليوم هدم بيته دون سابق إنذار وتركه في العراء".

ويفيد أبو كباش بأن الاحتلال تذرع بإحاطتي للغرفتين بعدد من الأحجار ارتفاعها 60 سم لمنع دخول العقارب والأفاعي إليهما، وعدها مخالفة تستحق هدم المنزل، "لقد ضرب بعرض الحائط قرارات محاكمه وكل القوانين الإنسانية ليتركنا في العراء في منطقة شديدة الحرارة صيفاً والبرودة شتاءً".

ويشير إلى أن هدم المنزل هو استكمال لإجراءات الاحتلال اللاإنسانية بحقهم حيث كان يتعمد في الأجواء المناخية القاسية تفتيش بيوتهم وجعلهم يخرجون منها لساعات طويلة بذرائع مختلفة، "نحن نذوق الأمرَّين هنا لنبقى ثابتين على أرضنا".

عبء مادي

ومعاناة "وادي الجوفة" ليست مختلفة عن نظيراتها "حمصة، وأبو الكباش، وأم فرشة، وبصلية" اللاتي يمثلن جميعاً "تجمع حمصة فوق التحتا" والتي تتبع أراضيها بلدة طمون، ويعتمد سكانها على الثروة الحيوانية في معيشتهم، كما يفيد الناشط محمود بشارات.

ويقول: "تضم وادي الجوفة عشرة عائلات بمعدل ستين فرداً حصرهم الاحتلال بعشر دونمات بعد أن كانوا يتمتعون بمراعي فسيحة، ضيق عليهم كل سبل العيش حتى أصبحوا مضطرين لشراء الأعلاف لمواشيهم، فأصبحت تلك الدواب عبئاً عليهم لا مصدر رزق".

اقرأ أيضًا: "تل الردغة".. يروي بآثاره تاريخ فلسطين القديم

ويتابع: "سكان وادي الجوفة كغيرهم في منطقة الأغوار لديهم أوامر هدم منذ عقود، لكنها موقوفة بأوامر قضائية إسرائيلية. هذا العام فاجأنا الاحتلال بهدم منزلين لمواطنيْن في الحمصة، هما ياسر وتيسير أبو كباش، ويخشى أهلها أن يهدم الاحتلال بقية المنازل".

ويلفت بشارات إلى أن ذلك يرافقه سيل من المخالفات حيث يصادر الاحتلال الجرارات الزراعية الخاصة بالمواطنين، ويفرض عليهم غرامات مالية باهظة لاستردادها تصل لعشرات آلاف الشواقل، ويمنعهم من ترميم البيوت التي هي عبارة عن غرف من الحجارة مسقوفة بـألواح الصفيح أو عرائش.

ويمضي بالقول: "كل البيوت في وادي الجوفة لديها أوامر هدم، يعطون كل مواطن أمر هدم للغرفة التي يقيم فيها، وأمرًا آخر لزريبة المواشي وثالثًا لبئر المياه أو خلايا النحل وهكذا حتى يضطر لرفع أكثر من قضية لدى محاكمهم ويتكبد مبالغ باهظة لمحاولة وقف أوامر الهدم".

ويبين أن الحجج جاهزة لدى الاحتلال فتارةً يصنف المنطقة "منطقة إطلاق نار"، وأخرى يدعي وجود آثار فيها، وكذلك الأمر بالنسبة لمساحات الرعي التي يمنع مواطني التجمع من الوصول إليها بذرائع اعتبارها محميات طبيعية، في حين يسمح لمستوطنيه برعي أغنامهم فيها، "لم يعد المواطنون يستطيعون الوصول سوى لما لا يزيد عن الـ 15% من المراعي السابقة".

ويشير بشارات إلى أن التضييق الإسرائيلي أدخل المواطنين في أزمات مالية صعبة إذ يضطرون لشراء الأعلاف لمواشيهم التي غزتها الأمراض، "أما خدمات الكهرباء فغير متوفرة، ويصل التجمع التيار من قرية فروش بيت دجن لكن الاحتلال يمنع رفع الكوابل فهي ملقاة على الأرض ما يمثل خطراً شديداً على الأهالي".