تعيش عائلات المعتقلين السياسيين في سجن "الجنيد" التابع لأجهزة أمن السلطة في نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة حالة من القلق، ولا سيما بعد شروع 7 معتقلين في إضراب مفتوح عن الطعام، أمس؛ احتجاجًا على اعتقالهم التعسفي، على الرغم من حصولهم على قرارات بالإفراج عنهم.
وبحسب إفادة مصادر من لجنة أهالي المعتقلين السياسيين لصحيفة "فلسطين" فإن المعتقلين السبعة في سجن "الجنيد" الذين شرعوا في الإضراب المفتوح عن الطعام هم: عبادة محمد رواجبة، وأحمد معلا، ومعد كنعان، ومحمود معالي، وساهر مسعود، ومناضل سعادة، وقصي شريم.
وعلى الرغم من حصول كنعان، من بلدة جبع قضاء مخيم جنين، على قرارين بالإفراج عنه من المحكمة، فإن جهاز المخابرات يرفض تنفيذها بذريعة الحفاظ عليه وعدم اعتقال سلطات الاحتلال الإسرائيلي له، وفق أمين كنعان، شقيق المعتقل السياسي.
وقال كنعان لصحيفة "فلسطين"، إن شقيقه حصل الخميس الماضي على القرار الثاني بالإفراج عنه، وكنا نتوقع أن يتم إنهاء معاناته وإطلاق سراحه، لكن كعادته رفض جهاز المخابرات تنفيذ القرارين.
اقرأ أيضاً: محامون من أجل العدالة: أكثر من 300 حالة اعتقال سياسي منذ بداية العام بالضفة
وأضاف أن إضراب شقيقه عن الطعام يزيد من قلق وتوتر العائلة، وخشيتها من تردي وضعه الصحي ومفارقته الحياة داخل سجنه، داعيًا كل المعنيين والوطنيين في الضفة الغربية والمؤسسات الحقوقية والإنسانية، للضغط على السلطة لإطلاق سراحه قبل أن يفارق الحياة.
وبين أن جهاز المخابرات اعتقل شقيقه قبل 27 يومًا، وبعد شهرين من الإفراج عنه من اعتقال سياسي سابق استمر سبعة أيام لدى مخابرات السلطة في جنين، أضرب عن الطعام طيلة فترة اعتقاله السياسي.
وعن اعتقال شقيقه، قال كنعان إن جهاز المخابرات طارده أثناء عودته من عمله، قبل 27 يومًا، إلا أنه فشل في اعتقاله، ثم توجه إلى مقر المخابرات وسلم نفسه، ليُعتقل ويمدد توقيفه دون أي سبب.
وبيَّن أن شقيقه أسير محرر اعتقل عام 2015 في سجون الاحتلال، وأمضى عامين في الاعتقال، ثم اعتُقل لاحقاً مدة 40 يوماً في زنازين التحقيق، وتعرض للاعتقال في سجون أجهزة أمن السلطة 11 مرة، على خلفية سياسية.
و"معد" معلم لمادة الفيزياء في المدرسة الصناعية في بلدة سيلة الظهر قضاء جنين.
اعتقال غير مبرر
أما عائلة المعتقل السياسي المحامي محمد أبو معلا (28 عامًا)، فإن حالها لا تختلف كثيرًا عن حال عائلة كنعان، فهي تحاول بجدية الحصول على معلومات عن ابنها المضرب عن الطعام ومتابعة وضعه الصحي، ولكنها تواجه صعوبة بسبب القيود التي تفرضها السلطة على ملف المضربين.
وقال أحمد أبو معلا، ابن عم المعتقل، لصحيفة "فلسطين": إن عائلته تبذل قصارى جهدها، وتتواصل مع العديد من الجهات المعنية لأجل إطلاق سراح "محمد"، إذ تبدي خشيتها على حياته إثر خوضه الإضراب عن الطعام.
وأكد أن "محمد" حصل على قرار بالإفراج عنه من المحكمة، ولكن جهاز المخابرات يصر على عدم تنفيذ هذا القرار، ويحتجزه بشكل غير مبرر.
واستغرب أحمد من تصرفات أجهزة أمن السلطة وتجاهلها لقرار المحكمة بالإفراج عنه، واستمرار اعتقاله، مبينًا أن سبب الاعتقال جاء بعد مقابلة تلفزيونية أجراها بشأن الاعتقالات السياسية واستنكر فيها تلفيق الاتهامات للمعتقلين، مثل "حيازة سلاح، وتلقي أموال، وإثارة نعرات طائفية".
وذكر أن العائلة استيقظت قرابة الساعة الرابعة فجر 30 أغسطس/ آب المنصرم، على أصوات طرق على أبواب المنزل واقتحامه والاعتداء على جميع الموجودين فيه، وتفتيشه بطريقة همجية، مشيرًا إلى أنه كانوا يعتقدون أن المقتحمين هم جيش الاحتلال، ليكتشفوا بعدها أنهم من جهاز المخابرات التابع للسلطة.
وأشار إلى أن عائلته تتواصل باستمرار مع نقابة المحامين الفلسطينيين لمتابعة ملفه، لكن لا جديد بشأن اعتقاله والإفراج عنه، داعيًا إياها للتحرك وتحمل مسؤولياتها والعمل من أجل إطلاق سراحه.
أوضاع مأساوية
في حين أكدت الناشطة في الدفاع عن المعتقلين السياسيين سهى جبارة، أن الوسيلة الأخيرة التي يلجأ إليها المعتقلون السياسيون في سجون السلطة من أجل الإفراج عنهم هي الإضراب المفتوح عن الطعام.
وقالت جبارة لـ"فلسطين": إن المعتقلين السياسيين يواجهون أوضاعًا مأساوية في سجون السلطة، إذ ترفض أجهزة أمنها إطلاق سراح العديد منهم، على الرغم من حصولهم على قرارات بالإفراج.
وأضافت أن الإضراب عن الطعام يشكل وسيلة للضغط على السلطة ويحرجها، ويدفع المؤسسات الحقوقية والإنسانية للتدخل من أجل مراقبة أوضاع المضربين والضغط على الأجهزة الأمنية لإطلاق سراحهم، ووقف تغولها على أبناء الشعب الفلسطيني.
وأكدت جبارة وجود ارتفاع ملحوظ في أعداد المعتقلين السياسيين في سجون السلطة، أغلبيتهم من المحررين أو الطلبة الجامعيين.