فلسطين أون لاين

"إعلام السلطة".. سقوط مهني جديد بالتحريض على الاقتتال الفلسطيني

...
رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة التابعة للسلطة يحرض في مقال على فصائل المقاومة ويعدها مليشيات مسلحة
غزة/ يحيى اليعقوبي:

في مقال مثل كلمة صحيفة "الحياة الجديدة" التابعة للسلطة، حمل اسم "أجل إنه الدم الحرام"، حرضت السلطة بلسان إحدى أدواتها الإعلامية على المقاومة الفلسطينية، وشكّكت بها، بوصفها حركةَ الجهاد الإسلامي بأنها "مليشيا" تسعى لـ"استجلاب دولارات التمويل عبر استعراضاتها الشعبوية"، كما جاء في أحد نصوص المقال الذي حمل في طياته نبرات تهديد وتحريض على الاقتتال الفلسطيني. 

مقال "الحياة الجديدة" الذي لم يراعِ أحد أهم مبادئ الصحافة، وهو "الموضوعية"، وغلَّب المصالح الحزبية والفئوية على الإنصاف وقول الحقيقة بحق المقاومين وشهداء الشعب الفلسطيني الذين قدموا التضحيات لأجل الوطن، وفق ما يراه مراقبون، يعكس توجهًا عامًا لدى السلطة يمهد لاستهداف المقاومين كأحد مخرجات قمتي "العقبة" و"شرم الشيخ" الأمنيتين.

لم يستغرب رئيس تحرير صحيفة "الاستقلال" بغزة، خالد صادق، ما ورد في مقال صحيفة "الحياة الجديدة"، وعدها أداة تخدم أجندة ومشاريع السلطة والمتنفذين فيها، التي توجه أصابع الاتهام تارة لحركة الجهاد الإسلامي، وأخرى لحركة حماس، وفصائل مقاومة أخرى.

اقرأ أيضا: إعلام السلطة يستثني منفذيّ عمليتيّ (تل أبيب) و(بني براك) من سجلات الشهداء

أداة مأجورة

وقال صادق لصحيفة "فلسطين": إن "أي إنسان مقاوم تتهمه السلطة وأذرعها الإعلامية بأنه خارج عن الصف الوطني"، معتبرًا أن "الحياة الجديدة" تغرد خارج السرب الفلسطيني، وتمارس أسلوبًا "حقيرًا" في مهاجمة المقاومة والتشكيك في أدائها.

ورأى أن "الحياة الجديدة" تعمل ضمن دائرة ضيقة تنسق مع الاحتلال وتتعاون معه أمنيًا، وتظهر استطلاعات الرأي تراجع شعبيتها من خلال تنفيذ سياسات الاحتلال الإسرائيلي، في حين تمثل المقاومة الخيار الوحيد للشعب الفلسطيني، وباتت هي الأمل بتحقيق تطلعاته من الانعتاق من الاحتلال.

واتهم صادق "الحياة الجديدة" بأنها إعلام موجه لا يعبر عن الشعب الفلسطيني، لها سوابق "خطيرة"، وأنها أداة إعلامية "مأجورة"، وليس مستغربًا أن تنجر إلى تشكيك "رخيص" في نهج المقاومة ونعتها بـ"الإرهاب" ووصفها بألفاظ خارجة عن الصف الوطني، وتفتح للاحتلال الباب في استهداف المقاومة.

ونبه إلى أن هذه المؤسسات الإعلامية انتهت إلى غير رجعة، ولا يتم تداولها في الشارع الفلسطيني، ولا تزيد أعدادها الموزعة في قطاع غزة على أصابع اليد، لأنها لا تعبر عن الموقف الفلسطيني المقاوم.

وحمل المقال إضافة لوصف حركة الجهاد بأنها "مليشيا مأجورة" تحريضًا واضحًا على الاقتتال، وهو ما يرى صادق أن غرضه تحريك جماهير مؤيدة لنهج السلطة، تمهيدًا لخلق تناحر فلسطيني، في وقت تستمر فصائل المقاومة في تقديم التضحيات والشهداء.

ويعتقد صادق أن هذه الخطابات لا تؤثر في حالة المقاومة التي أصبحت ثقافة عامة لدى الشعب الفلسطيني، ولا يمكن أن تؤثر في تماسك الجبهة الداخلية الفلسطينية، وإنما تؤثر في صورة "الحياة الجديدة".

واعتبر أن المقال الذي حمل عنوان "أجل إنه الدم الحرام" يسيء لدماء وتضحيات شهداء الشعب الفلسطيني، وقال: إن "الدم الحرام ليس دم الشهداء، بل الدم الذي يراق بدماء السلطة، كدماء نزار بنات، وغيره ممن قُتلوا برصاصها، أو نزفت خلال الاعتقالات السياسية، وأن دماء الشهداء طاهرة ومقدسة".

مقال يعكس توجه

وقتلت أجهزة أمن السلطة في 30 آب/ أغسطس الماضي الشاب عبد القادر زقدح (21 عامًا) لحظة إطلاق النار وقنابل الغاز على المواطنين في طولكرم، والمواطن فراس يعيش (53 عامًا) في 22 سبتمبر/ أيلول 2022، في أثناء اعتداء عناصر السلطة على المواطنين على دوار الشهداء في نابلس، وقبلهما الناشط السياسي نزار بنات في يونيو/ حزيران 2021، وقبله عشرات المواطنين.

اقرأ أيضا: خبير اقتصادي يكشف تضخما كبيرا بموازنة إعلام السلطة

وفي السياق، يعتقد الكاتب والمحلل السياسي عمر عساف، أن المقال يعكس توجه السلطة، لأنه لا يمكن أن ينشر خطاب كهذا دون أخذ ضوء أخضر من جهات عليا أمنية وسياسية، وعده مقالًا خطيرًا ينبغي الوقوف أمامه والتصدي لهذه الظاهرة.

وعبر عساف لصحيفة "فلسطين" عن قلقه من أن يكون هناك توجه رسمي لدى السلطة ببدء ملاحقة المقاومين عبر التحريض عليهم إعلاميًا، ثم مهاجمتهم، كجزء من استحقاقات قمتي شرم الشيخ والعقبة الأمنيتين، ويكون هناك توجه بالصدام مع المقاومة بعد عجز الاحتلال عن وأدها وملاحقتها.

ورأى أن الشعب الفلسطيني واعٍ ولا يمكن أن يقبل بالتوجهات التي تضمنها المقال من تحريض على الاقتتال، إضافة لحمله نبرات تهديد، في ظل سياسة الاحتلال الإسرائيلي في الاعتداء على أبناء الشعب الفلسطيني.