فلسطين أون لاين

تقرير "تل الردغة".. يروي بآثاره تاريخ فلسطين القديم

...
"تل الردغة".. يروي بآثاره تاريخ فلسطين القديم
طوباس-غزة/ هدى الدلو:

آثار جدران مبنية من الحجارة القديمة وبقايا معاصر من البازلت، تميز "تل الردغة" الذي يُعد واحدًا من أهم التلال الأثرية في منطقة بيسان، لتجعله موقعاً أثرياً مهماً في محافظة طوباس لما يمثله من تجلي للتاريخ والثقافة الغنية بهذه المنطقة.

مدير السياحة والآثار في محافظة طوباس خالد عبد الرازق، يبين بأن "تل الردغة" من المعالم الأثرية الهامة في شرق محافظة طوباس، وذلك لوقوعه على تل مرتفع، ما أعطا زائريه ميزة الاستطلاع والاستكشاف للمناطق المجاورة.  

ويشير إلى أنه تبين عبر الدراسة والمسح الميداني الذي أجرته وزارة السياحة والآثار للموقع، أنه كان مأهولًا في الفترات الرومانية المبكرة حتى الفترات الإسلامية، وذلك بسبب ما يحتويه من "كسر فخارية" متنوعة تعود إلى تلك الفترات السابقة الذكر.

ويقول عبد الرازق لصحيفة "فلسطين: "والموقع يحتوي أيضاً على أنقاض أبنية وبقايا جدران حجرية بعض منها مشغول "مقطوع ضمن أبعاد معينة" ومشذب (نظيف خالٍ من النتوءات) وبعضها الآخر من الحجر الغشيم (كما هو موجود في الطبيعة)".

 ويلفت إلى أن الموقع يحتوي أيضاً معاصر مخصصة لعصر العنب قسم منها من حجر البازلت، بجانب حجر الرحى الذي يستخدم في طاحونة لطحن الحبوب ويعمل يدويًا أو بقوة الدواب أو الرياح أو التيار المائي.

اقرأ أيضًا: "اجنسنيا".. جنة فلسطينية صغيرة آثارها تحكي تاريخها

ويضيف: "كما ينتشر في الموقع مجموعة من الآبار الصخرية سواء في داخل الموقع أو المناطق المحيطة به، إضافة إلى القبور الصخرية المنحوتة في الصخر، سواء فردية أو جماعية".

ويوضح عبد الرازق أن الموقع يؤرخ لفترة هامة من تاريخ وحضارة الشعب الفلسطيني (من الفترة الرومانية المبكرة حتى نهاية الفترة العثمانية)، ولا يزال حتى الآن يوجد حول الموقع المضارب البدوية كدليل على أن الموقع كان مأهولًا بالسكان، وما زال يوجد فيه أصحاب الحق والأرض.

موقع دفاعي

ومن جهته، يبين رئيس قسم حماية الآثار في وزارة السياحة والآثار بمحافظة طوباس نظام قلالوة أن "تل الردغة" يوصف بأنه زراعي لوجود العديد من الآبار فيه، ودفاعي لكونه يقع على تلة، لافتًا إلى تسميته تعود لكون أهل المنطقة كان يجلبون منه الطين والتراب ويشكلون أدواتهم اليومية، فالردغة تعني الطين المختلط مع الماء.

وينبه إلى أن أهمية الموقع التاريخية تمكن في أنه يمثل نمط للحياة التي كانت سائدة في تلك الفترة، "فهو يعكس النمط الزراعي وطبيعة الحياة اليومية والثقافية التي كانت موجودة حينها وذلك من خلال الأدوات التي عثر عليها بداخله".

وعن الأدوات التي كان المواطنون يقتنونها في تلك الفترة، يقول قلالوة: "الأدوات الفخارية على اختلافها كالأباريق، والأسرجة (مصابيح الإضاءة)، والكؤوس، وجرار صحون، وجرار خزين، إلى جانب أدوات لطحن الحبوب التي عادة هي من الحجارة البازلتية الصلبة.

ويوضح قلالوة أن أهمية مثل تلك التلال تكمن في أنها من المناطق المرتفعة في محافظة طوباس التي تفتقر لمثل تلك الأماكن خاصة كلما اتجهنا للجنوب حيث الانحدار الطبيعي لجغرافية فلسطين، وصولًا لمدينة أريحا حيث الانخفاض لقرابة 400 متر تحت سطح البحر.

اقرأ أيضًا: "تل رفح".. مسار ثقافي يعبر بشباب غزيين لتاريخ وتراث فلسطين

ويقول: "فوجود مثل هذه التلال في أماكن منخفضة جغرافيًا عمومًا مكّن استغلالها على أكمل وجه كموقع إستراتيجي دفاعي واستطلاعي، خاصة أن أرض فلسطين شهدت الكثير من الحروب عبر تاريخها الطويل، ومثل هذه المواقع تعطي فكرة عامة عن أهمية استغلال التضاريس الجغرافية بما يتوافق مع حاجات المجتمع في تلك الفترات".

ويشير قلالوة إلى أن حال الموقع كحال بقية المواقع الأثرية المتواجدة في مناطق "ج"، حيث تتعرض لاعتداءات من جيش الاحتلال الإسرائيلي وقطعان المستوطنين باستمرار.

فـ "تل الردغة" يُمثل جزءًا من التراث الثقافي لفلسطين ويعكس تاريخها العريق، ويجذب الباحثين والسياح الراغبين في استكشاف ماضي هذه المنطقة وفهم تأثير الحضارات القديمة على تطورها، فهو مكان هام لدراسة الآثار والتاريخ في فلسطين والمنطقة المحيطة بها.