فلسطين أون لاين

تقرير فنون قتالية في باحات الأقصى.. ارتباط بالروح والبدن

...
فنون قتالية في باحات الأقصى.. ارتباط بالروح والبدن
القدس المحتلة - غزة/ هدى الدلو:

ينتظر بلال النتشة بفارغ الصبر موعد حصة الفنون القتالية التي يتلقاها في ساحات المسجد الأقصى، حيث يقضي وقتًا بصحبة العشرات من الفتية وقتهم في التدرب على رياضة "الكيك بوكسنغ" المحببة إليهم.

النتشة (15 عامًا) اقتحم هذا المجال منذ عامين فقط، ولكن استطاع في وقت قصير تجاوز العديد من المستويات بعد تلقيه تدريبات مكثفة.

يقول لصحيفة "فلسطين": "منذ صغري وأنا متعلق بحب الأقصى وتفاصيله، خاصة قبل انتقالي وعائلتي للعيش في كفر عقب حيث كنا نسكن في حارة المغاربة. قضيت معظم سنوات عمري هناك".

ويلفت إلى أن التدريب تنظمه أكاديمية "الحصان" للفنون القتالية في موعد منتظم شهريًّا، "عندما يحين موعد اللقاء في ساحات المسجد الأقصى أشعر أن روحي رُدت إليّ، فأنا لا أصل إلى المسجد دائمًا بسبب ظروف الدراسة والحواجز، فيكون التدريب فرصتي لرؤية الأقصى، وتراودني مشاعر لا يمكن وصفها، فتراني أمارس التمارين بكل قوة وحماس ونشاط".

وينطلق النتشة برفقة الفريق الساعة الرابعة فجرًا ليتمكنوا من تجاوز أزمة "كفر عقب"، والحواجز الإسرائيلية والوصول إلى المسجد القبلي قبل موعد صلاة الفجر، ثم يجتمعون قبل البدء بالتدريبات لقراءة سورة الكهف، وتناول الفطور المقدسي.

ويشير النتشة إلى أن الاحتلال يمارس العديد من الأساليب لإعاقة وصولنا إلى المسجد للأقصى، "ويتعمد الجنود افتعال المشاكل لأجل إفساد جدولنا التدريبي وسحب هويات بعض أعضاء الفريق".

ويتابع: "كل ذلك من أجل منع ارتباط الأطفال الصغار بالأقصى، هم يحاولون إلهاءهم بالإنترنت والهواتف المحمولة، ولكن هناك وعيًا من الأهالي بضرورة إرسال أبنائهم لمثل هذه النشاطات رغم بعد المسافة المقطوعة".

ويشارك الفتى قصي علاء الدين (17 عامًا) التدريبات في المسجد الأقصى، فيراوده مشاعر لا يمكن وصفها لممارسته رياضته المفضلة بأجمل مكان بالعالم كما يصفه، فيزداد حبه له، ويعطيه طاقة إيجابية وحماس وراحة نفسية في ذات الوقت، قائلًا: "مثل تلك النشاطات تزيد انتمائي وحبي للأقصى".

ويقول: إن رياضة "الكيك بوكسينج" تنمّي العقل بشكل أفضل وتقوي الجسم وتزيد المعرفة بعالم الرياضة، كما أنها تعزز الثقة بالنفس وترفع من معنويات الممارس له، كون الشخص يستطيع الدفاع عن نفسه في حال تعرض لموقف صعب.

لربطهم بالأقصى

المدرب المقدسي حسن شرباتي ممارس للعديد من الرياضات مثل "الكابويرا" البرازيلية وفنون الدفاع عن النفس مثل "المواي تاي" التايلندية، و"الكيك بوكسينغ"، وقد توج ببطل فلسطين عام ٢٠١٩ و٢٠٢١ بهذه رياضة، وهو أيضًا حائز على الحزام الأسود (٢ دان) في أسلوب "الكيك بوكسينغ"، وشارك في بطولات دولية ممثل عن فلسطين.

يقول الشاب البالغ من العمر 27 عامًا: "قررت أن أقود الأطفال إلى المسجد الأقصى لأني أحب هذا المكان وأشعر بتعلق خاص به، خصوصًا عندما ذهبت في الصباح الباكر، أردت أن أشارك هذا الشعور معهم، وخاصةً أنني معلم وأرغب في أن أكون مثالًا للطلاب".

ويوضح أنه بدأ قبل عام 20 طالبًا مشاركًا، فيما غدا عدد المشاركين في التدريب 55، وبمجرد معرفتهم أن يوم الجمعة سيكون التدريب في الأقصى يسارعون للتسجيل رغم المعاناة التي تواجههم في اختراق الحواجز والتفتيش، ويبلغ أعمار المتدربين من ثلاث سنوات حتى خمسة وعشرين عامًا.

بحماس ونشاط تعلو أصوات المتدربين وهم يصرخون بأسماء حركات "الكيك بوكسينغ"، والتي تعد إحدى الفنون القتالية في الدفاع عن النفس، ويعمل الشرباتي على دمجها مع حركات "التايكوندو" والملاكمة.

ويفيد بأنه يسعى "لبناء جيل واعي للحياة التي تواجه المقدسيين، وبناء شخصيات قوية وربطهم بالأقصى والمقدسات، وبالتالي يرتبط الطفل بالدين القرآن والأقصى والرياضة.

ويشدد شرباتي على أن ممارسة الرياضة يحتاج إلى أخلاق وثقة بالنفس، "فكل شخص لديه قوة إيمان يمتلك قوة قلب وجرأة".

وأشار إلى أن الفتية يتعلمون من خلال هذه التدريبات قيم الانضباط والتحفيز الذاتي، بالإضافة إلى كيفية العمل كفريق وتعزيز التواصل الجيد مع زملائهم، ويساعدهم في تحقيق التوازن بين الجوانب الروحية والجسدية لحياتهم.

ويتابع حديثه: "المسجد الأقصى هو مكان مقدس يسمح بأداء معظم الأنشطة ما دامت هذه الأنشطة لا تخالف مبادئ وقيم الإسلام، وفي أيام الرسول، كانت المساجد أيضًا مكانًا لتدريب الجيش الإسلامي وأداء العديد من الأنشطة الاجتماعية بالإضافة إلى العبادة".

ولا يكترث شرباتي وفريقه للتحديات والعقبات التي تواجههم في طريقهم للأقصى، ويسعى لزيادة أعداد المشاركين في التدريب بساحات الأقصى إلى 100 متدرب، ليدرك الجميع أن للقدس رجالها ومن يحميها.