فلسطين أون لاين

ليليان عليص.. تسدد ضربة ذهبية على حلبة "المواي تاي"

...
ليليان عليص.. تسدد ضربة ذهبية على حلبة "المواي تاي"
رام الله-غزة/ مريم الشوبكي:

في استراحة بين أحد أشواط مبارزة لعبة "مواي تاي"، بدأ الإنهاك واضحًا على اللاعبة ليليان عليص من مدينة رام الله، التي أسندت ظهرها على إحدى زوايا الحلبة.

كان مدربها أحمد أبو الدخان يبث فيها روح التحدي، عندما أعاد عليها السؤال مرتين "مين بده يفوز؟"، تحدّق ليليان النظر به، وتأخذ نفسًا عميقًا صارخة " أنا… أنا".

شحنت تلك الصرخات ليليان بالقوة، وحاربت حتى النهاية، حتى سددت الضربة القاضية للاعبة التونسية التي تنازلها للفوز بالميدالية الذهبية، لتسجل ليليان اسمها بماء الذهب كأول لاعبة فلسطينية تحصد ذهبية رياضية "مواي تاي" في البطولة العربية التي نظمت في العاصمة الليبية طرابلس.

و"المواي تاي" كلمة آسيوية تعني الملاكمة التايلاندية وهي رياضة قتالية تسمح باستخدام الأطراف كأدوات قتالية، وتعد فنًا يمثل في القدرة على استخدام جميع أعضاء الجسم في القتال أو الدفاع عن النفس.

وتنمي "المواي تاي" فاعلية استخدام الجسد إضافة إلى النمو الذهني والثقة بالنفس، وهي نشاط قتالي فردي لذلك تتطلب مستوى عاليًا من اللياقة الجسدية والذهنية في أثناء التدريب المنتظم.

إعجاب فمُمارسة

ليليان (16 عامًا)، دخلت مضمار اللعبة بالصدفة، كما تروي والدتها مجدولين، "فكثيرًا ما كانت تتابع ليليان المدرب أحمد أبو الدخان على منصة التيك توك، وتعجب بأدائه في اللعبة، وحماسه الشديد لها، وكانت تحدثني دائمًا عنه، حتى شاهدته في أحد الأيام على أرض الواقع وأشارت إليه، ومن شدة حماسه للعبته سألتها هل تريدين الانضمام لفريقه؟ فلم تتردد لحظة".

تتابع مجدولين لـ"فلسطين": "بدأت ليليان التدريبات قبل عامين كنوع من التسلية، ومع الوقت أحبت المواي تاي، وتعلقت بها كثيرًا، وخاضت نزالات عقدها مدربها بشكل دوري، وكانت تحقق نتائج متقدمة".

وتضيف: "لاحظ المدرب بأن لدى ليليان شيء مميز ومختلف، فضمّها لفريقه الأول الذي يمنحه وقتًا خاصًا إضافيًا من التدريبات المكثفة على حسابه الشخصي".

وتبين الوالدة أن ليليان أثبتت جدارتها في مدة قصيرة، وهذا ما كان يبهر المدرب، ما دفعه لاختيارها لتشارك في بطولة ماليزيا للمواي تاي السنة الماضية، ولكن ظروف سفرنا لأمريكا حالت دون مشاركتها في البطولة، "وقتها دخلت في نوبة حزن وبكاء شديدين".

وتشير إلى أن ابنتها شاركت في بطولة عقدت في تركيا بعد أشهر من بطولة ماليزيا، ولكنها لم تحقق أي ميدالية، وكان لهذه المشاركة أثر إيجابي في زيادة إصرارها على حصد ميدالية في بطولتها العربية القادمة.

تدريبات مكثفة

وقبل شهرين من عقد البطولة العربية للمواي تاي، اختيرت ليليان من ضمن منتخب فلسطين الذي سيشارك فيها، حينها عقدت العزم على العودة بميدالية، وكثّفت من تدريباتها، حيث كانت تخرج الساعة السادسة والنصف صباحًا لتركض في شوارع رام الله، ومن ثم تبدأ تدريبات مكثفة الساعة السابعة حتى العاشرة صباحًا، ومن ثم تعود للتدريب الساعة السابعة مساءً حتى العاشرة يوميًا، وفق قول والدتها. 

كما دخلت ليليان في تحدٍ مع والدتها لخفض وزنها من 54 كيلو جرامًا إلى 51 كيلو جرامًا لأنها ستشارك ضمن منافسات الـ51 كيلو جرامًا، والتزمت بنظام غذائي صحي صارم، وكسبت التحدي.

شاركت ليليان بهذه البطولات على نفقتها الشخصية "لأن الاتحاد الفلسطيني للمواي تاي لا يغطي نفقات اللاعبين، وكانت تشعر ابنتي بعبء ذلك على الأسرة لذلك كان الفوز بالنسبة لها هدفًا كبيرًا من شأنه تغيير مسار تدريباتها إلى الأفضل"، مشيرة إلى أن فوز ليليان في البطولة العربية سيجعل الاتحاد يتحمل تكلفة سفرها للمشاركة في بطولة العالم للمواي تاي التي ستنظم في 28 سبتمبر الجاري في تركيا.

ولعبة المواي تاي تحتاج إلى قوة في القدمين والذراعين، ويكون اللاعب عرضة للإصابة بلكماتٍ في الوجه، فكثيرًا ما كانت تعود ليليان بكدمات، "ولكنها كانت تشعر بالسعادة لأنها ترى أنها أصبحت لاعبة صعبة المنال أمام خصمتها".

حُلم

وطريق النجاح ليس ورديًا كما يعتقد الكثيرون، إذ تذكر ليليان مواقف لبعض الأقارب والأصدقاء: "منذ اختياري للعبة المواي تاي تلقيت الكثير من الانتقادات بسبب طبيعة اللعبة من قبيل أنها خاصة بالرجال، وأنها لعبة عنيفة يمكن أن تسبب لي إصابة دائمة سواء بالعين أو الأنف".

تتابع ليليان: "كل المنتقدين تحولوا الآن بعد حصولي على الذهبية إلى داعمين ومشجعين لتحقيق ذهبية ثانية في بطولة العالم القادمة".

وفي مقابل لحظات الفرح ثمَّ أوقات صعبة، فكم من لحظة بكت فيها ليليان بكاءً شديدًا من شدة التوتر، ولا سيما أنها كانت اللاعبة الوحيدة من المنتخب تتأهل للتصفيات النهائية، "حينها شعرت بعظم المسئولية لأنها تتطلع لنيل إحدى الميداليات"، وفق قولها.

وتبين أنها تشعر بفخر لكونها أول لاعبة فلسطينية تحصد ميدالية ذهبية في رياضة "المواي تاي"، وستروي هذا الإنجاز الكبير لأطفالها، وأحفادها في المستقبل، كما تقول، مشيرة إلى أنها تتطلع لاحتراف التحكيم في هذه الرياضة مستقبلًا، بعد اعتزالها كلاعبة.