طيلة سنوات ماضية استطاعت عائلة إدريس الدفاع عن منزلها بحي القرمي في البلدة القديمة من القدس المحتلة، والحفاظ عليه من وقوعه تحت سطوة سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
ومن أجل تحقيق ذلك الهدف، لم يترك المستوطنون طريقة إلا واتبعوها للاستيلاء على هذا العقار؛ بسبب أهمية وقوعه بالبلدة القديمة، وقربه من المسجد الأقصى المبارك، حسبما أفاد محمد إدريس ابن العائلة.
وعرض المستوطنون شراء المنزل البالغة مساحته قرابة 100 متر مربع، ومكون من طابق واحد، لكن العائلة كانت ترفض الفكرة رفضًا قاطعًا.
وقال إدريس لصحيفة "فلسطين": "المنزل لا يقدر بثمن بالنسبة لنا، ولن نتنازل عنه أو نتخلى عن البلدة القديمة بالقدس".
وكانت عائلة إدريس قد سكنت المنزل في سبعينيات القرن الماضي، وصمدت أمام محاولات الاحتلال والجمعيات الاستيطانية للاستيلاء عليه إلى جانب عدة عقارات في البلدة القديمة ومحيطها بعدة طرق ووسائل، انتهت بتهجير عائلات مقدسية قسرًا.
اقرأ أيضاً: الاتحاد الأوروبي يعقب على إخلاء عائلة صب لبن من بيتها في القدس
وكانت السيدة زهور إدريس (70 عامًا) تسكن في المنزل المستهدف مع ابنتها، في حين يقيم أبناؤها من بينهم محمد قرب منزل العائلة.
وبين محمد إدريس أن المستوطنين استغلوا سوء الحالة الصحية لوالدته المسنة ونقلها للعلاج في مستشفيات القدس، في اقتحام المنزل والاستيلاء عليه، وفرض أمر واقع على العائلة.
وتعاني المسنة زهور منذ سنوات طويلة إصابتها بالفشل الكلوي، ما يجعلها بحاجة مستمرة لإجراء عمليات غسيل كلوي.
وذكر محمد أن جيران العائلة تواصلوا معه في ساعة متأخرة مساء الاثنين الماضي، وأخبروه أن المستوطنين اقتحموا المنزل، وأغلقوا نوافذه، ورفعوا علم الاحتلال فوقه، ما اضطره وغيره من شباب العائلة للتوجه إلى المنزل سريعًا.
"فوجئنا بعدد كبير من المستوطنين وقد رفضوا مغادرة المنزل، وزعموا أنه ملكهم، رغم أننا نملك ما يثبت أن هذا المنزل ملكنا نحن فقط"، قالها محمد بنبرة قوية.
وأضاف: لم نطل الحديث مع المستوطنين كثيرًا حتى اتصلنا بشرطة الاحتلال التي جاءت وأخلت المنزل، ومنعتنا من الوصول إليه، واضطرونا إلى تقديم شكوى لديها، ومن ثم التوجه إلى محاكم الاحتلال لخوض معركة قانونية للدفاع عن العقار الذي نملكه.
وبين أن العائلة ستتوجه بقوة إلى محاكم الاحتلال لإنكار ملكية المستوطنين للعقار المسجل باسم عائلة إدريس، وتملك ما يثبت ذلك.
وتتبع سلطات الاحتلال والجمعيات الاستيطانية أساليب وطرقًا مختلفة للاستيلاء على أملاك المقدسيين، ومنحها للمستوطنين ضمن سياسة ممنهجة تنتهجها منذ احتلالها القدس على مرحلتيْن إبان نكبة 1948 ونكسة 1967، لهدف أساسي وهو تهويد القدس وجعلها ذات أغلبية يهودية.
وتتعدد أشكال الاستيلاء على أملاك المقدسيين، إما بتسريب عقارات مقابل ملايين الدولارات، وطرق أخرى أكثر شيوعًا تعتمد على الهدم بقرارات صادرة عن محاكم الاحتلال.
واستنكر الناشط المقدسي صالح دياب عدوان المستوطنين على عائلة إدريس في البلدة القديمة، منبِّهًا على أن محاولاتهم للاستيلاء على مزيد من عقارات المقدسيين لم تتوقف منذ احتلال القدس.
ولفت دياب في حديث لـ"فلسطين" إلى أن فشل الاحتلال في إخضاع أهالي القدس إلى سياساته التهويدية يجعله يصعد من استهدافهم بشتى الوسائل الممكنة.
وشدد على ضرورة مواجهة هذه الإجراءات والوقوف في وجهها وتعزيز صمود المقدسيين؛ خط الدفاع الأول عن القدس.