تنفذ غرفة العمليات المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية اليوم مناورة "الركن الشديد 4” في إطار الحفاظ على مستوى عالٍ من الجهوزية، وتجري هذه المناورة في ذكرى الاندحار الإسرائيلي من قطاع غزة ، اذ اندحرت (إسرائيل) من 25 مستوطنة من جانب واحد، ضمن العملية التي أطلقت عليها "فك الارتباط مع الفلسطينيين"، تحت شدة ضربات المقاومة، التي أجبرت الاحتلال على الانسحاب المذل إلى خارج القطاع، ما يعني أنه دفع ثمناً كبيراً من جراء بقاء هذه المستوطنات فيه، ووجد أن طريق النجاة هو رحيله العاجل من جحيم غزة، التي أذاقته مرارة احتلاله ولقنته أصعب الدروس العسكرية، عبر العمليات الفردية والمشتركة لفصائل المقاومة، لأنها يد واحدة داخل القطاع، وهو ما تجلى اليوم في غرفة العمليات المشتركة، إذ إن فصائل المقاومة كانت تتنافس فيما بينها على مواجهة الاحتلال، والجميل في الأمر أنها كانت تبدع في أعمال المقاومة، سواء عبر توجيه ضربات نوعية لجنود الاحتلال على الحواجز التي كان يضعها على الشوارع الرئيسية للحيلولة دون تنقل المواطنين بين المحافظات وداخل القطاع، حيث حدث الكثير من الاشتباكات المسلحة، أو عبر مفاجأت الجنود بسيارات مفخخة، أو الاقتحامات المتكررة للمستوطنات عبر التسلل خلف خطوط العدو بما عرف حينها بانفاق الموت/الجحيم بين الأراضي الفلسطينية ومستوطنات الاحتلال، وتم تفجير الكثير من المواقع العسكرية الأشد تحصيناً خلالها، فضلاً عن استخدام قذائف الهاون، وكل ذلك دفع المستوطنين إلى الفرار لداخل الكيان، خوفاً من بأسها.
اقرأ أيضًا: قراءة في سلوك المقاومة بعد غرفة العمليات المشتركة
اقرأ أيضًا: بين السهم الواقي الإسرائيلي وثأر الأحرار الفلسطيني
وبالعودة إلى صلب الموضوع وهو المناورات العسكرية للغرفة المشتركة “الركن الشديد”، التي تحاكي الاستعداد لأي عدوان محتمل من الاحتلال، فهي من أفضل إبداعات المقاومة في غزة، لأسباب عديدة أهمها أن جبهة القطاع متوترة طول الوقت، بل وتزداد توتراً في ظل الأحداث المتواترة من صنيع الاحتلال والمستوطنين في الضفة المحتلة، لما تشهده من أعمال قتل ممنهج للفلسطينيين واقتحامات ومداهمات واعتقالات يومية، وهدم البيوت وتجريف الشوارع والأراضي وحرق المزارع وتهويد المقدسات والاقتحامات المستمرة للمسجد الأقصى المبارك، إضافة إلى سياسة اقتحام السجون والمعتقلات والتنكيل بالأسرى التي تنتهجها سلطات الاحتلال، كل هذه الأسباب وغيرها تجعل من المقاومة في حالة استنفار مستمر استعداداً لأي طارئ أو حدث أمني يقوم الاحتلال بتنفيذه، خاصة في ظل تهديداته المستمرة بالرجوع إلى سياسة التصفيات والاغتيالات لشخصيات وقادة فلسطينيين وهو ما سيصب الزيت على النار، إذ إن المقاومة توعدته برد مزلزل في حال تنفيذ أي جريمة اغتيال لقادتها، وبالرغم أن المؤشرات تشير إلى سخونة الشمال أعلى من معطيات سخونة الجبهة مع قطاع غزة، لكن يقظة المقاومة في غزة تحتم عليها الاستعداد التام لاحتمالية اندلاع معركة في غزة أو تصعيد في الساحة الصفوية، ما سينعكس الأمر بطبيعة الحال على غزة، التي سرعان ما تستجيب بالرد على جرائم الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، كما أن ارتفاع دوافع المقاومة الفلسطينية للتجهيز والاستعداد لمعركة جديدة مع الاحتلال في ظل الأوضاع الاقتصادية الحدود المغلقة أمام الشعب الفلسطيني في قطاع يعيش فيه أكثر من 2 مليون إنسان، بسبب الحصار المستمر لأكثر من العقد ونصف العقد، تسببت في ارتفاع نسب الفقر والبطالة وشح الموارد ونقص الأدوية وتعطيل شبكات الكهرباء وتدمير أجزاء كبيرة من البنية التحتية بفعل الحروب الصهيونية.
لا شك أن أدوات المقاومة القتالية متنوعة، وكان هناك إبداع في التكتيكات المستخدمة وأساليب مقاومة الاحتلال، إضافة إلى جرأة قوى المقاومة في قطاع غزة على استهداف معدات ومقدرات الجيش على الحدود، فما زالت المقاومة تؤكد عبر مناورات الركن الشديد أنها على أهبة الاستعداد وقدرتها على صد أي عدوان صهيوني، فالمقاومة مشهود لها بإنجازاتها العسكرية لما حققته من انتصارات في المواجهات وجولات القتال والحروب الخمسة مع قوات الاحتلال أشهرها معركة “سيف القدس” في عام 2021، وقد أدى إلى القصف بالقصف وتثبيت معادلة الردع والتوازن في القوة، كل هذا لم يأت من فراغ، بفضل جهود الغرفة المشتركة لوقوفها له بالمرصاد، ترد كل عدوان صهيوني بصاليات صواريخها التي ضربت أركانه وقضت منامه، إذ أن قدرات المقاومة النارية والعسكرية في غزة -وفق تقديرات صهيونية- تهدد حقيقة ما لا يقل عن 2 مليون مستوطن في غلاف غزة، وفي أي مواجهة قادمة ستوقع ما لا يقل عن 500 قتيل في صفوف جيش الاحتلال، وهذا هو سبب تخوف الاحتلال من نبش عش الدبابير.