قبل أكثر من 18 عاماً، اندحر آخر جنود جيش الاحتلال من قطاع غزة، تتويجًا لسلسلة من عمليات المقاومة الضاربة التي تواصلت على مدار خمس سنوات منذ انطلاق شرارة انتفاضة الأقصى عام 2000.
وقبل عامين من هذا الهروب، كانت المقاومة قد اعتمدت إستراتيجية استهداف المواقع المحصنة لجيش الاحتلال ضمن ما عرف بـ"حرب الأنفاق"، واقتحام عمق المستوطنات الجاثمة على أرض القطاع، ما أدى إلى وقوع خسائر فادحة في صفوف جيشه ومستوطنيه على حد سواء.
وبدأت عملية إجلاء الجنود والمستوطنين من غزة في منتصف أغسطس/ آب 2005، وانتهت في 12 سبتمبر/ أيلول من العام ذاته. وكان هذا بمثابة نهاية لحقبة استمرت 38 عامًا من احتلال أرض القطاع الساحلي منذ عام 1967، وهو حدث لم يسبق له مثيل منذ الاحتلال الأول للأراضي الفلسطينية عام 1948.
ضغط شديد
ورأى الكاتب والمحلل السياسي عدنان الصباح أن تصاعد العمل المقاوم بالضفة الغربية يعجل تكرار سيناريو اندحار الاحتلال من أرضها على غرار غزة.
وقال الصباح لصحيفة "فلسطين": إن ذلك يمكن أن يتم نتيجة ضربات المقاومة الدقيقة التي تُسدد ضد جيش الاحتلال وعدم قدرته على حماية المستوطنات وهو ما كان سائداً في غزة، قبل الاندحار.
اقرأ أيضاً: بدران يؤكد عجز الاحتلال عن إيقاف وتيرة المقاومة بالضفة
وأضاف أن سلطات الاحتلال بكل مكوناتها تحاول البحث عن مخرج للأزمة التي وضعتها بها المقاومة، مرجعًا ذاكرته إلى عام 2005، واندحار الاحتلال من القطاع، من جراء الضغط الشديد الذي عاشه جنوده ومستوطنوه وجاء بفعل ضربات المقاومة وعملياتها النوعية.
ويتوقع أن تبدأ قوات الاحتلال بالانسحاب التدريجي من مناطق معينة بالضفة الغربية، خاصةً شمالها، من جراء التكلفة الباهظة والضغوط الداخلية التي تواجهها بفعل المقاومة.
وقال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأمريكية د. أيمن يوسف: إن تنامي العمل المقاوم في الضفة يزيد الضغط على المستوطنين وجنود الاحتلال.
وأضاف يوسف لـ"فلسطين" أن هذا الأمر من شأنه أن يزيد ضغط هؤلاء المستوطنين والجنود على حكوماتهم لمغادرة الضفة تفاديًا لمزيد من الضربات.
وذكر أن الصراع مع الاحتلال لم يتوقف، رغم محاولات حكومة المستوطنين القضاء على العمل المقاوم وتصدير أزمتها للخارج وإقامة علاقات تطبيعية مع الدول العربية.
مؤشر مهم
ورأى الخبير الأمني محمد المصري أن تراجع قوة الردع لدى جيش الاحتلال في مواجهة المقاومة الفلسطينية وتصاعد العمل المقاوم، مؤشر مهم لدحره عن الضفة بسبب الخسائر اليومية التي يتكبدها وعدم قدرته على حماية المستوطنات وهو ما كان سائدًا في غزة.
وعدّ في حديثه لـ"فلسطين"، أن المتغيرات التي تحدث في الضفة وحالة النفور من حكومة المستوطنين بسبب سياستها العنصرية والمخالفة للقوانين الدولية، تصب في صالح الشعب الفلسطيني ومقاومته.
وأشار المصري إلى أن وحدة المقاومة والتفاف الكل الفلسطيني خلفها وتوفير الحماية لها والانخراط بصفوفها، مؤشر مهم للخلاص من الاحتلال.
وأضاف أن سياسات سلطات الاحتلال تجعل الشعب الفلسطيني أكثر دعمًا لمقاومته لتوفير الحماية لها.