فلسطين أون لاين

قلبٌ كريم وعطاءٌ لا ينضب في خدمة الفقراء والأيتام والباحثين عن العلم

تقرير سامي عبد اللطيف.. رصاصات غادرة أنهت حياته وأفجعت الفلسطينيين

...
الشيخ الإمام سامي عبد اللطيف
كفر قرع-غزة/ يحيى اليعقوبي:

لم يكن يدرك الشيخ سامي عبد اللطيف بأي حالٍ من الأحوال أن عصابات الجريمة ستدرج اسمه على قائمة أهدافها الغادرة، بالرغم من الدور البارز الذي قام به في نشر الدعوة والإصلاح داخل الأراضي المحتلة عام 1948.

كان الشيخ عبد اللطيف من بلدة كفر قرع يقوم بواجب العزاء لأحد المتوفين في البلدة، إذ قدّم موعظة دينية مؤثرة تعبّر عن ألم الفقد والحزن العميق الذي يشعر به أفراد عائلة المتوفى.

وفي أثناء مغادرته، حدث أمر مروع؛ إذ قدم شخصان ملثمان على دراجة نارية، وفجأة أطلقوا النار نحو صدره، ما أسقطه على الأرض. وفي لحظاته الأخيرة حين كان يردد الشهادتين، عاد أحد المجرمين وأطلق النار على رأسه، ما أدى إلى استشهاد واحد من أبرز الدعاة في الأراضي المحتلة ظهر السبت الماضي. 

اقرأ أيضا: استشهاد إمام مسجد في الداخل الفلسطيني بجريمة إطلاق نار

وهذه الجريمة النكراء تضاف إلى سجل العنف والإجرام الذي تمارسه تلك العصابات.

ولطالما طاف الشيخ عبد اللطيف بين قرى ومدن الداخل ينزع فتيل الاحتقان، ويشارك في الإصلاح ومحاربة الجريمة، فكسب حب الناس واحترامهم لشدة تواضعه وحكمته في حل الخلافات، ومشاركة الناس أفراحهم وأحزانهم، ليدفع حياته ثمنًا لدوره الدعوي والوطني الذي بات يؤثر على عصابات الجريمة في الداخل المحتل.

صداقة وثقت بالمصاهرة

تعرف صالح محاجنة على الشيخ عبد اللطيف عام 1996، وكانت تربطهما علاقات "أخوية ودعوية" ازدادت بعد المصاهرة بعدما تزوج ابن الشيخ البكر من ابنة محاجنة.

يقول محاجنة لصحيفة "فلسطين": إن "الشيخ عبد اللطيف ضحية عصابات الإجرام التي أصبحت لا ترحم كبيرًا ولا صغيرًا وليس له فيها ناقة ولا بعير، والكل يعلم أنه قتل مظلومًا. حسبنا الله ونعم الوكيل".

وأضاف محاجنة الذي لم يقوَ على الكلام نتيجة ألم الفقد: "كان الشيخ في بيته نعم الزوج والأب، والجد الحنون على جميع أفراد عائلته، تراه يلاعب الصغار ويسمع هموم ومشاغل الكبار ويشاركهم بالحل".

أما في البلدة فكان "إنسانًا خدومًا ورجل دعوة وإمام مسجد قباء ورجل إصلاح، كان رجلًا حكيمًا يتحلى بالآراء الحكيمة ويشارك الناس في أفراحهم وأحزانهم وهمومهم".

من الأشياء التي لامسها محاجنة في حياة الشيخ عبد اللطيف، كفالته للأيتام ولطلبة العلم ومساعدة أصحاب البيوت المتعففة، يصفه بأنه "كان معطاءً ينفق من وقته وماله رغم انشغالاته التجارية والاقتصادية، إلا أنه لم يبخل من وقته وجهده في سبيل دعوته، فكان طيلة حياته متطوعًا لوجه الله تعالى دون أن يتقاضى أجرًا مقابل وظيفته كإمام مسجد وداعية".

اقرأ أيضا: وفد مقدسي يصل بلدة كفر قرع لتقديم العزاء بالشيخ الإمام سامي المصري

تخرج الشيخ عبد اللطيف من كلية التمريض وعمل بهذا المجال سنوات قليلة، ثم انتقل بعدها للعمل في تجارة بدأت بفتح بقالة بسيطة، ثم انخرط بالعمل الإسلامي متدرجًا بالمناصب إلى أن وصل إلى أعلى المراتب في الحركة الإسلامية -المحظورة إسرائيليا- بقيادة الشيخ رائد صلاح، وعمل إمامًا لمسجد "قباء" في بلدة كفر قرع مدة 30 عامًا متطوعًا.

وترأس الشيخ لجنة الإصلاح في بلدته منذ سنوات عديدة حتى يوم استشهاده، وأسس هيئة الإصلاح والتجديد وترأسها لسنوات، وله ولدان وأربع بنات.

شخصية جامعة

كما يصفه الشيخ صالح لطفي بأنه أحد أبرز قيادات العمل الإسلامي في الداخل المحتل قبل حظر الحركة وبعدها، ومن أبرز الدعاة، شخصية مستقلة وهو من رجال الأعمال بالداخل، تمتع بذكاء حاد ودماثة أخلاق وتواضع وسمة متدينة عالية.

يقول لطفي لـ"فلسطين": إن رحيل الشيخ عبد اللطيف خسارة ليس لأبناء المشروع الإسلامي بل لبلده ولأبناء شعبنا بالداخل المحتل، مردفا بحزن "خسارة أن تنتهي حياته بهذا الشكل المأساوي، ما يكشف عن هشاشة مجتمعنا من جهة وحاجتنا لمراجعة جديدة تجاه الجريمة المستفحلة من جهة ثانية".

ويتهم لطفي عصابات الجريمة بقتل الشيخ عبد اللطيف بدافع الانتقام نتيجة صراعات وخلافات بين أطراف معينة على قرابة منه، وهذه الجريمة يدفع ثمنها البسطاء وخيرة الناس أمثال الشيخ، ولا تعفى مؤسسة الاحتلال من تحمل المسؤولية لأنها تعرف أفراد العصابات وتستطيع اعتقالهم لكنها تتركهم يعبثون بأمن المجتمع العربي بالداخل المحتل.