منذ دخولي مجال العملية التعليميّة طالبة أولًا ومعلمة ثانيًا وجدت ميل الطلبة للعب بفطرتهم التي فطرهم الله عليها في كل وقت ومكان، في البيت والشارع والمدرسة والصف وأحيانًا في أثناء الحصص الصفية، ولذلك استخدمت أسلوب القصص لتعليم وتوصيل المعلومة كأسلوب تدريس، وبالتالي الوصول إلى الهدف التعليميّ لكل درس وحصة.
في أحد الأيام وفي أثناء حصة الرياضة كنت أراقب لعب الطلبة وترديدهم لألفاظ معينة على الرغم من صعوبتها، إلا أنهم يتقنونها ويندمجون معًا في أثناء لعبهم، عندها اقتربت منهم وطلبت منهم شرح لعبتهم، ولماذا يرددون تلك الكلمات التي يضحكون عند ذكرها ويؤدون بعض الحركات؟
تساءلت حينها: لماذا لا أستخدم الرياضة وأدواتها كوسيلة وأسلوب للتعلّم؟ ومنذ ذلك الحين أصبحت أجتهد عند عودتي إلى البيت في التحضير لليوم الدراسي التالي، وتجهيز ألعاب رياضية ودمجها في مواد وحصص اللغة العربية والرياضيات وبقية المواد.
عندما بدأت بالتطبيق كان الأمر متعبًا بعض الشيء، إلا أنني لاحظت التزام الطلبة أكثر فأكثر بالدوام وعدم التغيب عن المدرسة، وكنت أرى ابتسامتهم كل صباح عند باب المدرسة وهم ينتظرون وصولي ليطرحوا سؤالهم: "راح نلعب اليوم؟".
عند دخولي غرفة الصف يبدأ الطلبة بسرد ما أخبروا به والديهم وكنت أرى سعادتهم بما يفعلون في المدرسة. ولاحظت كيف ربطوا بطريقة تلقائية واقعهم بما تعلّموه من حصص جدول الضرب أو الأفعال والضمائر والحركات أو دروس الحيوانات وتكيّفها في البيئات المختلفة.
شعرت بأثر ما أفعله، عندما وصلني ثناء الأهل على أسلوبي الجديد، وتعليقهم بأن أبناءهم يعودون إلى بيوتهم حاملين معهم ضحكاتهم وألعابهم التي ينقلونها لإخوتهم مع الشرح الدقيق، والتقليد الجميل لطريقة عرضي الألعاب والمهارات التعليمية الرياضية.
كما أن الطلاب صاروا يحفظون ما تعلموه دون ضغط أو صعوبة، حتى أن إحدى الأمهات أخبرتني أن ابنها يستيقظ باكرًا جدًا للحضور إلى المدرسة بالرغم من أنه مريض ويرفض الغياب حتى لا يفوته أي شيء، خاصة أن هناك ألعابًا جديدة غير مكررة في كل مادة.
ولأسلوب التعلم بالرياضة العديد من المميزات، فهو يلامس فطرة الطلبة الطبيعية للعب، ويعين على وصول المعلومة وصولًا سهلًا وبسيطًا وممتعًا، ويحافظ على حضور الطلبة للحصص دون تغيب، أما على الصعيد الشخصي فأصبح لدي معرفة بالمهارات الرياضية وأدواتها، وقدرة على تطويع الأدوات الرياضية واستخدامها في التعليم.
هذا ما فعلته في خمس سنوات، ويزداد اقتناعي به كلما قابلت طالباتي وطلابي وبدأوا باسترجاع بعض الذكريات، أشعر بالأثر الجميل الذي تركته في داخلهم وبقائه معهم في صفوفهم الحالية، وبالنتيجة تمكنت من وضع يدي على نقاط الضعف والقوة في أسلوب التعليم باستخدام الرياضة، خاصة بعدما ذكره الطلبة من صعوبات كانت تواجههم في أثناء اللعب، وإشارتِهم لصعوبات تدريبية أو تعليمية تخطوها بسبب الأسلوب الجديد الرائع الذي تعلموه.
من الأمثلة على الألعاب الرياضية النافعة في عملية التعلم: لعبة الأطواق في درس الأعداد الفردية والأعداد الزوجية. ففي هذه اللعبة أشرح درس الأعداد الفردية والزوجية ليستطيع الطالب أن يفرّق بين كل مفهوم منها مع التطبيق.
هنا نعلّم الطلبة مهارة تنطيط الكرة داخل الأطواق مع تكرار أنشودة الأعداد، فتوضع الأطواق على الأرض بشكل صفيّن (عموديَين) باللونَين الأزرق والأحمر، يمثّل الأزرق الأعداد الفردية، والأحمر الأعداد الزوجية وتوضع بطاقات تحمل هذه الأعداد داخل الأطواق على الأرض.
وهناك أيضًا لعبة الشقلبة لترتيب الكلمات ترتيبًا صحيحًا. وأدواتها: بطاقات تحمل كلمات، وأقماع عدد أربعة، وفرشة إسفنجيّة عدد أربعة.
وتوضع البطاقات المبعثرة أسفل الأقماع وتُوضع الأقماع في آخر الملعب، وفي بداية الملعب نضع الفرشات الإسفنجية. ثم نوزّع الطلبة على أربع مجموعات ونطلب منهم الشقلبة على الفرشة ثم الركض نحو الأقماع وإحضار بطاقة واحدة تلو الأخرى وقراءتها حتى يجمعوها ثم يرتبونها ترتيبًا صحيحًا، وقراءتها بطريقة مرتبة.