في مقابلة متلفزة لم تزد عن عشرة دقائق تحدث المحامي محمد أبو معلا (28 عامًا) عن الاعتقال السياسي واستنكر في المقابلة التي بُثَّت قبل عشرة أيام عن تلفيق السلطة تهمًا للمعتقلين منها حيازة سلاح وتلقي أموال، وإثارة نعرات طائفية.
لم يمضِ أكثر من يومين على المقابلة المتلفزة، حتى استيقظت العائلة التي تسكن في بلدة قباطية جنوب جنين الساعة الثالثة فجر الثلاثاء الماضي، على وقع حصار كامل لعدد من المركبات وعشرات الأفراد الملثمين ينادون بأصوات مرتفعة مع طرق الباب طرقًا عنيفًا مطالبين بفتح الدار، لينتهي المشهد باعتقال المحامي أبو معلا، ويصبح الرجل المدافع عن المعتقلين في قفص الاعتقال ذاته في تجاوز من السلطة للقانون.
تفتيش ومصادرة
يروي مصطفى أبو معلا شقيق المحامي محمد، بقيَّة التفاصيل عن لحظة الاعتقال لصحيفة "فلسطين" قائلاً: "اعتقدنا أنهم جنود جيش الاحتلال، لأن طريقة قدومهم لمنزلنا لا تختلف على أسلوب جيش الاحتلال في الاعتقال، فتشوا البيت، وصادروا هاتف أخي محمد وحاسوبه، وتضررت العديد من مقتنيات البيت من جراء الاعتقال وأخذوا شقيقي محمد معهم".
اقرأ أيضاً: تقرير المحرر "بشكار".. اعتقال سياسي متجدد بتهمة توفير مأوى لعائلة شهيد
اقرأ أيضاً: محامون من أجل العدالة: أكثر من 300 حالة اعتقال سياسي منذ بداية العام بالضفة
وأضاف: "طلبوا منَّا مراجعة نقابة المحامين، ووعدت النقابة بمتابعة الملف إلا أنه لا جديد حتى اللحظة، إذ قررت المحكمة أمس بتمديد اعتقال أخي لمدة 15 يومًا على ذمة مخابرات السلطة".
واتهم الجهاز بتلفيق الادعاء بعدما قدمت معلومات "ملفقة" للنقابة بالادعاء بأنها قدمت بلاغًا باستدعاء شقيقه المحامي منذ فترة، معتبرًا ذلك "كذبًا وافتراءً".
وأشار أبو معلا إلى أن أجهزة أمن السلطة طلبت من العائلة عدم الحديث الإعلامي عن اعتقال شقيقهم المحامي، وهو ما رفضه شقيقه "لم نستجب لتهديداتهم، بالرغم من أنهم هددوني بالاعتقال، وسنستمر في المطالبة بالإفراج عنه".
وأبو معلا أسير سابق أمضى عامين ونصف في سجون الاحتلال في أربع مرات اعتقال، واستدعَته السلطة للمقابلة عدة مرات.
ويزاول أبو معلا مهنة المحاماة وينشط في مجال الدفاع عن المعتقلين السياسيين في جنين، وكان موكلًا بعدة قضايا تتعلق بالاعتقال السياسي، لتحول السلطة رجل القانون نفسه إلى الاعتقال، وهو دليل على "اختطاف القانون، والتعامل بأسلوب المافيات والعصابات" والكلام لشقيقه.
تجاوز للقانون
وعلى مدار ثمانية أيام من اعتقال شقيقه، منعت العائلة من زيارة ابنها المعتقل أو الحديث معه، وقابلوه في جلسة المحاكمة أمس دون أن يتأكدوا من تعرضه للتعذيب من عدمه.
تجرّأت السلطة على اعتقال رجل القانون، خطوة يعدها المحامي في مجموعة "محامون من أجل العدالة" ظافر صعايدة مخالفة للقانون الأساسي الفلسطيني، نتيجة تهم سياسية وكيدية وانتقامًا من مواقفه بالدفاع عن المعتقلين السياسيين، ومخالفة لقانون تنظيم مهنة المحاماة التي تجيز للمحامي الدفاع عن موكله بكل الطرق المناسبة ضمن القانون.
وقال صعايدة لصحيفة "فلسطين": إن "توجيه تهمة حيازة السلاح هذه مخالفة للحقيقة، ويعبّر عن أنه اعتقال كيدي، خاصة أن قضايا حيازة سلاح من أهم شروطها ضبط السلاح وهي غير موجودة في حالة أبو معلا وغيرها من مئات الحالات، وهذا يدلل أن اعتقال المحامي أبو معلا هدفه سياسي لمنعه من ممارسة مهنة المحاماة".
ويعد اعتقال أبو معلا دلالة على تغول السلطة على السلطتَين القضائية والتشريعي، والتعدي على المدافعين عن حقوق الإنسان ومحاربتهم.
وتتصاعد وتيرة الاعتقالات السياسية بحق المحررين والطلبة في جميع محافظات الضفة، ويقدر صعايدة عدد المعتقلين منذ بداية العام بنحو 750 معتقلًا سياسيًا، لا تزال السلطة تعتقل نحو 50 معتقلًا حاليًا.