فلسطين أون لاين

تقرير قاقون.. قرية مهجرة مرت بأحداث تاريخية دمرت تراثها

...
قاقون.. قرية مهجرة مرت بأحداث تاريخية دمرت تراثها
غزة/ هدى الدلو:

على تلة مرتفعة تطل على سهل تقع قرية قاقون، حيث كان خط السكة الحديدية الذي يربط بين طولكرم وحيفا يمر على مسافة نصف كيلومتر تقريبًا من الشرق منها، وترتبط تلك السكة بشبكة من الطرق الفرعية التي وصلت القرية بالقرى المجاورة.

تاريخياً تعد "قاقون" موقعًا مهمًا، فقد مرت بالكثير من الأحداث التاريخية التي دمرت جزءًا كبيرًا من تراثها.

في تعريفه للقرية، يقول مفتش آثار طولكرم معاذ جبارة: "قاقون قرية فلسطينية مهجرة عام 1948 تقع على بعد 2 كم من مركز مدينة طولكرم، ويعتقد أن الاسم جاء من "قن"، والقن هو الجبل الصغير، وربما تكون التسمية إفرنجية ترجع إلى الفترة الصليبية. 

ويبين أن القرية أثرية تبعت مدينة قيسارية جنوب حيفا في زمن الحروب الصليبية، وتعرضت لدمار كبير في حينه، وقد عرفت يومها بأسماء عدة، منها: "قاقو" و"كاكو"، وبلغ عدد سكانها قبل احتلالها 5000 نسمة.

وترتفع "قاقون" عن سطح البحر حوالي (125) مترًا، وتحدها من الجنوب طولكرم، ومن الشرق بلدة دير الغصون، ومن الشمال قرية المنشية، ومن الغرب وادي قباني ووادي الحوارث. 

يقول جبارة: "في العهد المملوكي 1267 استولى عليها السلطان بيبرس وأمر بإعادة بناء قلعتها ورمم الكنيسة وحولها إلى جامع، وأعاد فتح أسواقها، حتى باتت مركزًا تجاريًا يضم خانًا للتجار، وتم تجديد بناء القلعة مرة أخرى فأصبحت محطة للبريد على طريق غزة- دمشق".

ويلفت إلى أن "قاقون" كانت في أواخر القرن التاسع قرية كبيرة مبنية حول البرج المركزي الباقي من القلعة الصليبية المملوكية، ومنازلها مبنية من الحجارة والطين تتفرق على سطح التل، وكان ثمة أراض زراعية في المنطقة المحيطة.

وفي زمن الانتداب البريطاني أُنشئت على أرض القرية مدرسة ابتدائية للبنين، واعتمد سكانها في معيشتهم على زراعة البطيخ والخضراوات والزيتون والموز والحمضيات والحبوب.

احتلال القرية

ويفيد موقع موسوعة القرى الفلسطينية بأن "قاقون" وقعت ضحية غارة شنتها عصابة الأرغون الصهيونية في 6 مارس 1948. وفي مايو من العام نفسه أصبحت القرية واحدة من أواخر القرى الساحلية الباقية في الشريط الممتد شمالي يافا، وقد اجتمع ضباط استخبارات عصابتي الأرغون والهاغاناة لتقرير مصيرها، فاتفقوا على إخلاء القرية وبضع قرى أخرى في السهل الساحلي، بعد شن هجوم للاستيلاء عليها. 

بدأ الهجوم، وفقاً للموقع، بقصف شديد من مدافع الهاون، وقد وُوجه بمقاومة شديدة من وحدات الجيش العراقي المدافعة عن المشارف الشمالية للقرية، ومع بزوغ الفجر كان العراقيون لا يزالون موجودين في جزء من مواقعهم المحصنة.

وتنقل موسوعة القرى الفلسطينية عن صحيفة "نيويورك تايمز" وصف المعركة بأنها: "من أدمى المعارك حتى ذلك التاريخ، وذكرت أن المدافعين العراقيين  اتخذوا مواقع لهم في ثلاثة خطوط من الخنادق خارج القرية مباشرة، رافضين التراجع، واستمروا في القتال لساعات عدة".

وجاء في الصحيفة: "تلاحم المتقاتلون وتطاعنوا بالحراب والسكاكين وتراشقوا بالقنابل اليدوية وحطموا الروؤس بأعقاب البنادق"، مبينة أن الكتيبة العراقية (45 رجلاً) أبيدت بكاملها في ذلك الاشتباك، وقدرت الخسائر "الإسرائيلية" بـ 12 قتيلا، وقالت إن الجانبين استخدما القوات الجوية في المعركة.

ويشير جبارة إلى أنه لم يبقَ من معالم القرية إلا القلعة فوق قمة التل، وبئر لعائلة أبو حنتش، ومبنى المدرسة، وتتوسط القلعة أنقاض الحجارة وبقايا المنازل، وبرج يعود للفترة الصليبية، وقطع معمارية، وبئران، ومسجد عليه كتابة تعود للفترة المملوكية.

أما الأراضي المحيطة فمغطاة بالبساتين، إلى جانب ذلك يستنبت القطن والفستق والخضراوات في تلك الأراضي، وفي الشمال الشرقي من موقع القرية مصنع إسرائيلي للأعلاف، وتجثو العديد من المستوطنات على أراضيها، مثل: مستوطنة "غان يوشيا"، و"أومتز"، و"كيبوتس همعبيل".