"أجره ولا هجره"، شعار ترفعه صفاء عياد من رام الله عبر منصة رقمية متخصصة تسعى من خلالها لتعزيز ثقافة التعاون الاجتماعي.
انطلقت فكرة منصة "دورها" من احتياج شخصي للشابة عياد، حينما أرادت شراء مستلزمات لأطفالها تستخدم لبضعة أشهر ثم يستغنى عنها، فصُدمت بارتفاع أسعارها، مبينة أنها استوحت الفكرة من حساب لسيدة تعيش في بلد أجنبي، وتنشر محتوى مؤثرا عن طرق استفادتها من المستلزمات المستعملة.
بعد شرائها أسرَّة، وخزانة لأطفالها، تحمست عياد للفكرة، وأنشأت مجموعة عبر شبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك" لتشجيع الناس على بيع وشراء كل ما هو مستعمل لديهم أو التبرع به.
وبعدما لمست نجاحًا كبيرًا لفكرتها، أنشأت صفحة عبر ذات المنصة للغرض ذاته، ومن ثم قررت تحويلها إلى تطبيق عبر الهواتف الذكية.
وتلفت عياد إلى أن الارتفاع المطرد لأسعار السلع وعدم قدرة معظم الأسر على تلبية احتياجات أفرادها، جعلا سوق السلع المستعملة ملاذًا للكثيرين.
ففي الولايات المتحدة نمت ما تسمى إعادة البيع بنسبة 15% تقريبا في عام 2021، وهو أسرع بمرتين من سوق التجزئة الأوسع، وحقق أعلى معدل نمو في تاريخ الصناعة، وفقا لتقرير إعادة التجارة لعام 2022 بواسطة تطبيق "أوفر أب" (OfferUp) للمعاملات الشخصية والتجارية عبر الإنترنت.
وكشف التقرير أن إعادة بيع الملابس تهيمن على 82% من الأميركيين، أي أن 272 مليون شخص يشترون أو يبيعون منتجات مملوكة سابقا، بما في ذلك الإلكترونيات والأثاث والسلع المنزلية والمعدات الرياضية، فضلا عن الملابس.
آلية عمل التطبيق
ويعتمد عمل التطبيق على مفهوم المكان أو السوق الذي يتجمع فيه الناس لتبادل عمليات البيع والشراء ولكن بطريقة افتراضية، "حيث أقوم بعقد بازارات باستمرار، يحضر فيها الباعة والمشترون ومن يهمه الأمر".
وتوضح عياد أن عملية الاشتراك في التطبيق سهلة، وتعتمد على تسجيل الحساب عبر التطبيق، ومن ثم ينشر المستخدم العديد من الصور للقطعة الواحدة بأكثر من زاوية؛ لضمان المصداقية، مع تقديم وصف كامل للقطعة، ومكان وجودها، وآلية التواصل معه، لافتة إلى وجود أيقونة تسمح بالتواصل المباشر بين البائع والمشتري، دون الحاجة إلى وساطتهم.
وتذكر أن صور القطعة لا تنشر أو تعرض عبر التطبيق قبل التأكد من مواصفاتها، والتأكد من أنها مستعملة لأن المنصة لا تقبل بيع المنتجات الجديدة، وبعد الموافقة يسمح بالنشر.
كما يمكن استخدام المنصة للتبرع بالقطع المستعملة التي لم يعودوا بحاجة إليها، حيث يتم تصنيف القطع وفقاً لنوعها، وسعرها، والمنطقة الجغرافية التي توجد بها.
وتشير عياد إلى أن المنصة غير موجهة لفئة معينة من المجتمع، "بغض النظر عن المستوى المعيشي ومستوى الدخل، نستهدف وعي الأشخاص نحو استهلاك واعٍ ومستدام صديق للبيئة".
وبإمكان مستخدمي التطبيق عرض جميع أنواع القطع من الملابس، والأثاث، والإكسسوارات، "ولكن يتم التركيز على مستلزمات وقطع الأطفال، مثل: عربة الجر، وغرف النوم، والملابس، والإكسسوارات، وكرسي الأكل، والألعاب، وغير ذلك".
ثقافة التدوير
وتقول عياد إنها واجهت تحديات في بداية مشروعها لها علاقة بالثقافة والوعي تجاه استخدام المستعمل بدلًا من شراء الجديد، مشيرة إلى أن المنصة تهدف إلى بناء مجتمع يساند بعضه بعضًا في مرحلة الأبوة والأمومة، ليكون هناك وعي أكثر تجاه أسلوب الحياة المستدام، ووعي تجاه التخلص من عادات الاستهلاك السلبي.
وتضيف أن منصة تعمل وسيطًا، بمعنى أن الأشخاص يعرضون مستلزماتهم وفق الأسعار التي تناسبهم، بشرط أن يكون أقل من السعر الأصلي بنسبة 50%.
أجرُه ولا هجرُه، مقولة نسمعها كثيراً، وتتبناها منصة "دَوِّرها" لتشجيع الأفراد على بيع ما لم يعد يلزمهم وتراكم في منازلهم، وتشجيعاً للأفراد على شراء القطع المستعملة ذات الجودة الجيدة بدلاً من الجديدة.