قائمة الموقع

طارق جمعة.. طفل يمضي نحو حلم الطبيب بعين واحدة

2023-09-02T11:56:00+03:00
جنود الاحتلال يعتدون على فتى فلسطيني- أرشيف

"هل سأرى بعيني في المستقبل؟" وقف والد طارق جمعة (14 عامًا) من بلدة كفر قدوم قضاء قلقيلية محتارًا أمام سؤال طفله، بعد إجرائه عملية جراحية عاجلة له في إثر إصابته برصاصة أطلقها جنود جيش الاحتلال يوم 12 آب/ أغسطس الماضي، استدعت إزالة العين اليمنى لإنقاذ الأخرى.

منذ أكثر من ثلاثة أسابيع يجلس الطفل في منزله معزولاً عن العالم، يعيش على أقراص المسكنات التي تحاول التخفيف من الآلام التي يشعر بها، وتداهمه بين الفينة والأخرى، حُرم العودة إلى مقاعد الدراسة، في انتظار تركيب "عين زجاجية" بعد أسابيع.

مسار تغير

لم يعلم الطفل حتى الآن أن عينه أُزيلت بعملية جراحية طارئة حفاظًا على حياته، فما زال ينتظر رفع غطاء العين ورؤية الحياة ملونة مرة أخرى، كالتي كان يراها عندما انطلق بدراجته الهوائية متوجهًا نحو صالة ألعاب رياضية لممارسة اللياقة البدنية لا تبعد عن منزله سوى مئات الأمتار.

اقرأ أيضاً: إصابة طفل برصاص الاحتلال في رأسه واعتقاله في سلوان

تزامن مرور الطفل نحو الصالة الرياضية بمسيرة شعبية تندد بإجراءات الاحتلال بكفر قدوم، قابلها الجنود الإسرائيليون بالرصاص، فأصابت إحداها عين الطفل الذي حلم منذ نعومة أظفاره بأن يصبح طبيبًا.

"بدي أعطي عيني لابني خليه يشوف فيها" بعينين محمرتين ترافقهما الدموع تعهدت والدته بذلك، وهو ما تعهد به والده أيضًا في مستهل حديثه مع صحيفة "فلسطين" عبر الهاتف، قائلا: "حتى الآن لم نخبره بإزالة العين حتى لا يتأثر نفسيًا، وفي الوقت نفسه نسأل الأطباء إن كان يمكن منحه عينًا مني أو من أمه، ولن نبخل عليه بذلك لو كان الأمر ممكنًا. الطبيب الذي أجرى له العملية الجراحية أخبرنا أنه غير ممكن، لكننا أرسلنا تقارير لمستشفيات عديدة".

بصوت يسكنه الألم يستذكر لحظة خروج طفله من المنزل: "خرج على دراجته الهوائية لنادي اللياقة البدنية، كان يسير في الطريق، وفجأة داهمته رصاصة معدنية مغلفة بالمطاط أو رصاصة نسميها اسفنجية، اخترقت العين، وتهشمت، ما تطلب إزالتها بشكل عاجل. حاولت إيجاد حلول أخرى، ونقلته من مستشفى رفيديا بنابلس إلى مستشفى النجاح، لكن الأطباء أجمعوا على إزالتها".

قدوم بعد 10 سنوات

وطارق أصغر إخوته السبعة أنار حياة والديه بعد عشر سنوات من الانتظار، كان والده شاهدًا على حلم طفله بدراسة الطب: "منذ المرحلة الابتدائية دائما يقول لي بإصرار ونظرة مشرقة إلى المستقبل: أريد أن أدرس كثيرًا لأصبح طبيبًا أعالج المصابين".

يوم الإصابة عاد الأب من عمله وسأل زوجته عن طفله فأخبرته أنه ذهب إلى النادي على دراجته الهوائية، غفا قليلًا لكون طفله يذهب ثلاثة أيام في الأسبوع إلى النادي، قبل أن تفزعه مكالمة هاتفية من نجله أيقظته يطلب منه التوجه إلى المستشفى.

ومنذ خروجه من البيت حتى اليوم لا يفارق نجله، ويتنقل من مستشفى لآخر يحاولون تسكين الألم الذي سببته الرصاصة، ويتمنى أن يجد مسكنًا للألم النفسي الذي سيحتل قلب طفله حينما يعرف بإزالة عينه.

يطل على الحدث: "كان المشهد صعبًا، كان توقيعي على إزالة عين طفلي أقسى قرار يمكن أن يتخذه أي أب، كنت مجبرًا عليه بعدما كان الخيار الأخير لإنقاذ حياته، أو ليتمكن من العيش بعين واحدة سيرى بها الحياة. وبعدها عشت أصعب سبع ساعات في حياتي وقت إجراء العملية الجراحية له".

يغلف القهر صوت الأب: "هذا الطفل ما ذنبه حتى يُطلَق الرصاص عليه، ويُحرم من عينه، ويُتسبب له بإعاقة دائمة، ويُعطَّل عن الدراسة؟".


 

اخبار ذات صلة