اعتادت قيادة السلطة عقب كل جريمة قتل ترتكبها أجهزة أمنها بالضفة الغربية المحتلة بحق المواطنين أو المقاومين والمعارضين السياسيين، المسارعة إلى الإعلان عن تشكيل لجان تحقيق، في محاولة منها لتهدئة الشارع وامتصاص ردود الفعل الغاضبة.
وينظر المواطنون إلى لجان التحقيق الرسمية التي تعلن السلطة عن تشكيلها على أنها محاولات لتمويت وتمييع القضايا، عدا عن عدم ثقتهم بها لكونها "غير حيادية"، ويكون جميع أعضائها من السلطة أو المقربين منها.
ولم يخرج عن أي لجنة شكلتها السلطة في قضايا رأي عام أي قرارات إدانة لسلوك أجهزة أمن السلطة أو مسؤولين في الحكومة.
ومن أبرز لجان التحقيق التي شكلت ولم تصل لنتائج، التي ترأسها وزير العدل بشأن مقتل المواطن أحمد عز حلاوة المعروف بـ"أبو العز" في سجن "الجنيد"، منذ عام 2016.
كما سبق وشكل رئيس حكومة رام الله محمد اشتية لجنة تحقيق في إقامة حفل غنائي في مقام النبي موسى في الأغوار بين القدس وأريحا نهاية العام الماضي، وحتى الآن لم يعلن عن النتائج.
وكذلك شكلت السلطة لجنة تحقيق في تهريب مئات العجول لـ(إسرائيل)، دون الوصول لأي نتائج.
اقرأ أيضاً: "العفو الدولية": السلطة تقاعست عن إجراء تحقيق فعَّال في وفاة نزار بنات
ويؤكد رئيس لجنة الحريات العامة في الضفة الغربية خليل عساف أن لجان التحقيق التي تعلن عنها السلطة يوجد الكثير من علامات الاستفهام حول نزاهتها، وإمكانية قيامها بدورها، وتنفيذ النتائج الصادرة عنها.
ويقول عساف في حديثه لصحيفة "فلسطين": لجان التحقيق التي تشكلها السلطة تغيب الثقة عنها، وهو ما يؤدي إلى حالة من النفاق تؤثر على الشارع الفلسطيني وتذهب به إلى الفوضى والدمار.
ويضيف: الناس أصبحت واعية وترفض أن يمر عليها شيء، وهناك مؤسسات حقوقية وقانونية تتابع بأهمية القضايا التي تُشكل لجان تحقيق حولها.
ويرى عساف أن تغييب المجلس التشريعي وتعطيله أدى إلى ضعف الرقابة على لجان التحقيق التي تُشكل حول قضايا الرأي العام، وجعل البعض يرى نفسه أنه حر في كل تصرفاته.
من جانبه، يؤكد الناشط السياسي صهيب زاهدة أن لجان التحقيق التي تشكلها السلطة وحكومة اشتية هدفها تمويت القضية التي تُشكل لجنة من أجلها.
ويقول زاهدة لـ"فلسطين": تشكل السلطة وحكومة اشتية لجان التحقيق في إثر حالة الغضب العارمة في الشارع، وفي الوقت ذاته تراهن على عامل الوقت لنسيان القضية.
ويوضح أن غياب القضاء المستقل بالضفة الغربية يجعل لجان التحقيق تأخذ دورها بدلًا منه، ولا سيما في القضايا التي تمس الرأي العام، إضافة إلى أنها تضعفه، مشيرًا إلى أن غالبية اللجان التي شكلتها السلطة وحكومة اشتية لم تصدر أي نتائج حول القضايا التي تم التحقيق فيها.
ويلفت إلى أن تلك اللجان تتكون من شخصيات محسوبة على السلطة، لذلك لا يُنتظر منها نتائج مهنية أو عادلة، لكونها معنية بوضع مبررات لتصرفات الحكومة والسلطة.