الدستور الأردنية
مرة أخرى، أعود لتلك الصرخةِ التي أطلقها الشاعر الصهيوني بي ميخائيل، في هآرتس يوم 1/6/2016 بعنوان العالم يصمت حين طلب من العالم كله أن يترجم مقالته إلى كل لغات العالم وأن ترسل إلى زعماء العالم جميعا قبل فوات الأوان!
الصرخة التي كانت في واد لم يكد يسمعها أحد، تعبير حقيقي عن مدى المأزق الذي يعيشه كيان العدو، والخطر الذي يهدده، ليس من أعدائه الخارجيين، بل من داخله، وتلك حكاية كبيرة، فالإمبراطوريات الكبرى، وإسرائيل منها(!) تموت بفعل عوامل داخلية، وتتداعى بسبب أمراضها الذاتية، لأنه من الصعب تفكيكها من الخارج، خاصة وأن المشروع الصهيوني في فلسطين بلغ ذروة غير مسبوقة، خاصة مع احتضان النظام العربي الرسمي له علانية وجهارا نهارا!
يقول ميخائيل: مرة أخرى يتعرض الشعب اليهودي إلى خطر كبير. ليس كل الشعب، بل قسم منه. ذلك القسم الموجود في شرق البحر المتوسط. وهذه المرة لم يقم علينا الغرباء من أجل قتلنا. هذه المرة جاءوا من داخلنا. فبأيدينا قمنا بتنصيب من يسيطرون علينا، جماعة لا فائدة منها ولا حدود لأفعالها وهي تجر القطيع مباشرة نحو الحائط. والعالم يصمت. لقد وضعنا على رأسنا شخصًا يسعى إلى الرفاه. شخص اعتبره صديقه منذ الطفولة كاذبا ومخادعا. شخص يخشى من ظله، لا سيما من والده المتوفى وزوجته التي على قيد الحياة. هذا الشخص أنزل علينا حكومة عقارب, وضارّين، نصفها ضارون ونصفها عقارب. مع وزير دفاع يؤيد بشكل كبير التطهير العرقي، مع وزيرة للعدل تعتبر القانون هراوة لتصفية الحسابات القومية والسياسية، مع وزير للتربية والتعليم أصولي يريد إعادتنا ألف سنة إلى الوراء، إلى السنوات الجميلة لـ»يهوشع» مُدمر الشعوب، وإلى عهد الهيكل حيث يتم تكريم الله بقطع اللحم المشوي, والملوك الذين يسعون إلى الانتقام والبذخ، والذين هم على قناعة بأن الله قد نصبهم في المملكة الأبدية... إلى أن يتساءل ميخائيل: هل من الغريب أن العفن والفساد يأكلاننا, والعالم يصمت؟ ثم يصرخ قائلا: العالم يواصل الصمت. وكأنه لم يتعلم أي شيء ولم ينس أي شيء. يترك يهود الشرق الأوسط لحالهم، ليفعلوا بأنفسهم ما يخطر ببالهم. كان يمكنه بسهولة إنقاذنا. طلب تأشيرة الدخول إلى كل العالم، رمز رفيع المستوى عن تقليص الدعم، هنا وهناك فيتو صغير، أفعال مثل الأفعال التي أعادت جنوب إفريقيا إلى رشدها وستكون «دولة» إسرائيل خرجت من الصمت الذي تغرق فيه. ولكن العالم يصمت. أيها العالم القبيح تخل عن صمتك. فإذا استمر صمتك، أيها العالم غير المبالي، فسيكون ذلك برهانا على أنك «لا سامي» بالفعل، كما قالوا لنا تماما. أخيرا أطلب فقط أن تتم ترجمة جميع الكلمات أعلاه إلى جميع لغات الدول المتنورة وأن يتم إرسالها إلى زعمائها. صحيح أن التجربة تقول إن العالم سيستمر في صمته إلى أن يفوت الأوان، لكن خداع الذات أفضل من اليأس. وإذا قاموا باتهامي بتشويه سمعة البلاد، فسأقول دفاعا عن نفسي:
1- لقد قلت الحقيقة.
2- ما قلته هام للجمهور (حتى لو كان الحديث عن جمهور آخذ في التقلص).
صرخة ميخائيل، الحريص على تخليص «شعب إسرائيل» من شرورهم وانتحارهم الذاتي، لم ولن تجد أحدا يسمعها، أو يتوقف عندها، لكنها تفيد في تشخيص الحال، وتبعث برسالة لمن يدعم القتلة، ويتبناهم، ويخطب ودهم، لأن مصيره سيكون كمصيرهم، طال الزمان أو قصر، ولنتذكر هنا، أن «دولة» لم تبلغ بعد عمر معمر فلسطيني، تصل إلى مثل هذه الحال من الشيخوخة المبكرة، لن يكون لها مستقبل في بلادنا، حتى وإن بدا للكثيرين «جنون» مثل هذا الرأي، و»إسرافه» في التفاؤل!