لم يسلم المواطن جمال بني عودة، (50 عامًا) الذي يعيش في قرية عاطوف في الأغوار الشمالية المحتلة، من استهداف الاحتلال الإسرائيلي وتدابيره الممنهجة ضد سكان هذه المنطقة، حيث يعمل في الزراعة بجانب وظيفته الرسمية بهدف تحسين وضعه المالي، في ظل أوضاع معيشية صعبة للغاية بسبب محاولات الاحتلال تهجير الأهالي.
سياسة التهجير
وتقع الأرض التي يمتلكها بني عودة على مسافة قريبة من الخندق الذي حفرته (إسرائيل) بالقرب من عاطوف في عام 2011م (يعزل ما يزيد على 25 ألف دونم من أراضي المزارعين في سهل البقيعة عن امتدادها الفلسطيني)، وهو مكان يشهد العديد من المواجهات والأحداث، ففي فصل الصيف، يقوم الاحتلال بإجراء مناورات عسكرية قريبة من أراضي المزارعين، ويترك بعض الذخائر الحية التي تحرق المحاصيل الزراعية، أما في فصل الشتاء فيدمّر المزروعات بدباباته ومركباته العسكرية.
هذه التصرفات تعمّق معاناة بني عودة والمزارعين الآخرين في المنطقة، فجهودهم في الزراعة تُهدَر ومحاصيلهم تُدمَّر بلا رحمة، في تجسيد واضح لسياسة الاحتلال القائمة على إجبار الفلسطينيين على ترك أراضيهم والانسحاب منها، وهو ما يؤثر سلبيًّا على معيشتهم واقتصادهم.
ويقول لصحيفة "فلسطين": "والأخطر من ذلك كله "شبيبة التلال" (مجموعة استيطانية صهيونية متطرفة)، الذين يوفر الاحتلال لهم البركسات وما يحتاجون إليه من مياه وكهرباء وأبقار أو أغنام لأجل السيطرة على المنطقة الجبلية والتضييق علينا".
اقرأ أيضًا: الاستيطان الرعوي.. وجه إسرائيلي جديد لسرقة الأرض
ويشير بني عودة إلى أن تدخل الاحتلال في منطقتهم من خلال تلك المنظمات الاستيطانية يساهم في تصاعد التوتر وزيادة ضغط الاستيطان على أهالي القرية.
وتعاني قرية عاطوف تهميش قوات الاحتلال، فالطرق فيها غير معبدة، "فلك أن تتخيل أن تمشي عشرة كيلومترات في فصل الشتاء أو تحت أشعة الشمس صيفًا لأجل أن تصل إلى أرضك"، يقول بني عودة.
ويعاني أهل القرية من أن المركز الصحي الوحيد فيها لا يفتح أبوابه سوى يومين في الأسبوع، وأحيانًا يصاب البعض بضربات شمس ولدغات أفاعي وعقارب ويضطرون إلى الذهاب به لأقرب مستشفى وهذا يعني قطع خمسة عشر كيلومترًا، يمكن أن يفقد المريض حياته خلالها.
ويعيش بني عودة وحيدًا في أرضه المقام عليها غرفة واحدة والمهددة بالهدم، بينما بقية أفراد عائلته يقيمون في منطقة أخرى قريبة من مدرسة ابنه ذي الثمانية أعوام، "فلا يعقل أن يبقى لديّ ويُضطر إلى قطع خمسة كيلومترات مشيًا ليصل إلى مدرسته".
وتقع "عاطوف" على امتداد سهل البقيعة الواقع إلى الشرق من بلدة طمون في محافظة طوباس، وتحتوي على مناطق أثرية وكهوف وآبار ومغارات قديمة.
مشاكل القرية
بدوره، بيّن رئيس المجلس القروي لعاطوف عبد الله بشارات أن القرية تعاني من سياسات الاحتلال القاسية، حيث يعيش سكانها في ظروف صعبة خاصة بعد إنشائه خندقًا مرتفعًا طوله خمسة كيلومترات حولها.
اقرأ أيضًا: سرقة أراضي الأغوار باتت مدعاة لاحتفال المستوطنين
ويلفت إلى أن الخندق يُشكّل حدودًا فاصلة بين القرية ومستوطنة "بقيعوت" التي بُنيت على أراضي المواطنين، وما تبقى من أراضيهم لا تكف قوات الاحتلال عن اقتحامها وإجراء تدريبات عسكرية قريبة جدًا من منازل السكان، ما يعرض حياتهم للخطر المستمر ويهدد سلامتهم، كما تشكل بقايا القذائف والألغام التي تتركها قوات الاحتلال خطرًا إضافيًا عليهم، إلى جانب عمليات الترحيل اليومية والهدم.
ويذكر بشارات أنه قبل عام 1967م كانت أراضي القرية مفتوحة على مصراعيها لرعاة المواشي والمزارعين، وكانت تعد مصدرًا للثروة الحيوانية، والسلة الغذائية لمعظم مدن الضفة، ولكن فيما بعد تقلصت أعداد المواشي ومساحات الأراضي الزراعية بعد عمليات التضييق والمصادرة حتى على صعيد المعدات الزراعية.
ويضيف:" القرية تتبع إداريًّا للسلطة الفلسطينية، ولكن على أرض الواقع يسيطر عليها الاحتلال الذي يتواجد يوميًّا في أراضيها، ويسمح لمستوطنيه برعاية مواشيهم فيها، فهي تعاني من قلة الإمكانيات على صعيد الكهرباء والماء التي لا تغذي خطوطها جميع مناطقها ولا يتوفر فيها مواصلات وطرق معبّدة، حتى المدرسة الوحيدة التعليم فيها حتى الصف العاشر فقط".
وتبلغ مساحة أراضي عاطوف الكلية 98 ألف دونم لا يتبقَّ لأهلها حاليًا سوى ربع مساحتها بسبب مصادرة الاحتلال المستمرة لأراضيها تحت ذرائع مختلفة كـ"محميات طبيعية"، أو لإقامة مستوطنات إسرائيلية، أو معسكرات للجيش.
