فلسطين أون لاين

"كفاية فريحات".. تكافح تطويق الأغوار بصابون طبي وعلاجي

...
"كفاية فريحات".. تكافح تطويق الأغوار بصابون طبي وعلاجي
طوباس/ غزة – فاطمة الزهراء العويني:

بمعدات متواضعة وهمة عالية تعكف السيدة كفاية فريحات من قرية بردلة بالأغوار الشمالية المحتلة على صناعة صابون طبي وتجميلي بمواصفات عالية وروائح جذابة، حاز على شهرة واسعة في طوباس، وأضحى له زبائن من عديد مدن الضفة المحتلة.

مشروع "نوارة بردلة" كان ملاذاً لـ"فريحات" في إثر صعوبة العمل في المجال الزراعي بسبب إجراءات الاحتلال الإسرائيلي وتضييقاته على الفلسطينيين في الأغوار، إذ تعمل السيدة الخمسينية بنظام اليومية في قطف المحاصيل منذ عام 2004م عندما تركها زوجها مع أحد عشر ابناً وابنة أصغرهم كان يبلغ من العمر أربع شهور.

لجأت فريحات للعمل في الزراعة لتغطية مصاريف أسرتها الكبيرة من نفقات معيشية يومية وإيجار شهري للسكن، وأمضت في المجال سنيناً يساعدها في ذلك أبناءها الكبار الذين تركوا المدرسة قسريًا، "ولكن بسبب تضييق الاحتلال على المزارعين كان لا بد من البحث عن مصدر رزق مساند لنا".

مثلت دورة تعليم صناعة الصابون التي عقدتها إحدى الجمعيات في بردلة للنساء المزارعات "طاقة الأمل" لـ"فريحات" التي تجيد أساساً صناعة الصابون التراثي الفلسطيني، إذ كانت قد تعلمته على يد والدتها وجداتها.

وتستدرك بالقول: "لكن الدورة علمتني أساسيات صناعة الصابون لأغراض تجميلية وطبية، وما هي المواد التي يمكن إضافتها بحيث تؤدي النتيجة المطلوبة والتي يريدها الزبون، استهوتني هذه الصناعة وخصصتُ ركناً من بيتي لهذه الصناعة بأدوات بدائية لكنني شيئاً فشيئاً استطعتُ أنْ أكوّن زبائني".

وتعد "بردلة" مزاراً للمتضامنين الأجانب مع الفلسطينيين ضد إجراءات الاحتلال التعسفية بحقهم في الأغوار، وقد خدم ذلك "فريحات" عندما قدمت لها المتضامنات قوالب خشبية لتشجيعها على الاستمرار في حرفتها، في حين أصبح كثيرون منهم زبائن لها فيما بعد، يأخذون كميات كبيرة من الصابون عند عودتهم إلى بلادهم.

وبعد أن ساعدها أبناؤها في إنشاء صفحة لتسويق منتجاتها عبر "الفيسبوك" أصبح لها زبائن من داخل الأغوار وخارجها إذ ترسل "طلبيات" لـ "جنين" و"نابلس" وغيرها من المدن.

فوائد علاجية

وتعزو فريحات هذا الإقبال إلى اعتمادها أساسيًا على مواد طبيعية مئة بالمئة صالحة لأغراض علاجية جعله للبشرة، مبينة أن فقوام الصابون الأساسي زيت الزيتون.

وتدمج "فريحات" زيت الزيتون بمواد من الطبيعة كالريحان والزعتر والبقدونس والميرامية والأرز والقهوة، وتضيف لها زيوت عطرية أصلية كاللافندر والورد الجوري والياسمين وزيت اللوز الحلو والنخيل لإضفاء روائح جميلة لها.

وتختلف فوائد الصابون بحسب المادة الأساسية المُصنع منها فصابون الألوفيرا يعالج حروق الشمس، أما الأرز فيعالج حب الشباب أما القهوة فتعالج الهالات السوداء تحت العيون في حين يعقم صابون الميرامية الجسم بعد قرص الحشرات، كما يعطي صابون الورد نضارة وراحة للبشرة، ويمنح صابون اللافندر صفاءً للوجه والجسم.

وتصنع "فريحات" أيضاً شامبو للأطفال من مواد طبيعية لا يتسبب لهم بالدموع، وتصنع صابون المنظفات لمن يريد من الزبائن، في حين تستعمل السوائل التي تتبقى بعد صناعة الصابون كسائل للغسيل لها ولمعارفها.

وتطمح فريحات لأنْ توسع مشروعها ويصبح له مكاناً مستقلاً حتى لا يمثل خطراً على أحفادها، وأن تشغل عدداً من النساء معها في التصنيع والتغليف وأنْ تتمكن من صناعة مزيد من أنواع الصابون كالصابون السائل لغسيل الأيدي، "فأنا وحدي لا أستطيع أنْ أصنع أكثر من كيلو ونصف أو اثنين من زيت الزيتون يومياً".

ووجدت "فريحات" في مشروعها دفعة قوية للخروج من عنق الصعوبات الجمة التي يعانيها القطاع الزراعي في الأغوار الشمالية التي تصل مساحتها الزراعية لنحو 180 ألف دونم، وتحولت أجزاء واسعة منها من صحراء قاحلة إلى أراض خضراء، يُزرع فيها القمح والشعير والعنب والبطيخ والشمام وأنواع عديدة من الخضار بمواصفات عالية. 

لكن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تنفّذ تدريبات عسكرية واسعة النطاق باستمرار، فتدمّر آليات جيشها المحاصيل وتحرق قذائفها السهول، كما تلعب سلطة حماية الطبيعة الإسرائيلية دوراً لا يقل خطورة عبر ملاحقة الرعاة ومربي الثروة الحيوانية، بحجة الحفاظ على الطبيعة، في حين يتولى المستوطنون المهمة الأخطر بسرقة الأراضي وإنشاء المستوطنات.

ورغم شح الإمكانيات وغلاء المواد الخام التي تذهب "فريحات" بين الحين والآخر لمدينة نابلس للحصول عليها، وتعكف على تطوير صناعتها دوريًا وإضافة مواد جديدة للصابون الذي تصنعه كـ"حليب النوق"، لتصبح "نوارة بردلة" المطبوعة على كل قطعة علامة مميزة لمنتجاتها الصحية.