بعد عقد ونصف من العمل المتواصل والتفاني في مجال تحلية مياه الشرب، تمكن الفلسطيني محمود لولو من إنجاز ملموس بإيجاد حل ذكي لأزمة المياه في قطاع غزة المحاصر.
ويقول محمود (43 عامًا): إن محطة المياه المبتكرة تعين الغزيين على تجاوز صعوبات يومية تواجههم في مشكلة المياه والكهرباء.
لولو من سكان مدينة غزة، عاش ظروف غزة المحاصرة منذ سنوات طويلة، إذ يعيش السكان في إطار سياسات اقتصادية إسرائيلية تحد من النشاطات التنموية التي من شأنها تحسين مستويات الدخل والنشاط الاقتصادي.
يقول لصحيفة "فلسطين": "عبر عملي في السوق كنت ألاحظ أن محطة تحلية المياه التقليدية تستهلك طاقة كهربائية كبيرة جدًا، رغم ما نعانيه في القطاع من عدم توافر الكهرباء على مدار الساعة، إلى جانب كثرة مشكلات مياه الشرب وتلوثها".
ويعمل لولو في شركة متخصصة بأجهزة تحلية المياه ومحطات الشرب، وهو عضو في جمعية مصر لتكنولوجيا الأغشية وتطبيقاتها التابعة للمركز القومي للبحوث والمتخصصة في مجال المياه.
اقرأ أيضًا: المُطالبة بتكثيف مشاريع المعالجة والتحلية للحد من مشكلة المياه في قطاع غزة
ومن واقع عمله تولدت للمهندس لولو فكرة إنتاج محطة تحلية موفرة للطاقة قبل ثلاث سنوات، "إذ فكرت في كيفية الاستفادة من التكنولوجيا بطريقة تخدم المجتمع وتعمل على ترشيد استهلاك الكهرباء، وفي الوقت عينه تعطي مياه معقمة ونظيفة بنسبة 100%".
وبعد بحث واطلاع تواصل مع شركات صينية لأجل تأمين بعض المعدات وتجميع واستيراد بعضها، وأخرى صممها بنفسه لإحداث بعض التعديلات والتغييرات على القطع المستخدمة لتجاوز المشكلة التي تواجههم في المحطات التقليدية.
ويوضح لولو أنه نفذ تجارب عديدة تمكن من الوصول إلى نتائج مبشرة في استهلاك المحطة للكهرباء، والحصول على مياه صحية نظيفة، إذ طُبّق المشروع بتمويل من الحكومة الألمانية (GIZ) بالشراكة مع الصندوق الفلسطيني للتشغيل، وتمكن من تسويقها في الأسواق المحلية.
وتعتمد المحطة المبتكرة على تقنية التناضح العكسي (Reverse osmosis)، وهي تقنية تتشابه في الأساس مع المحطات التقليدية، ولكنه حسّن وطوّر التقنية بإضافة العديد من الابتكارات التي تتعلق بالمضخات وفلتر الأملاح لجعلها أكثر كفاءة من حيث استهلاك الطاقة وصديقة للبيئة.
ويفيد لولو بتصميم ثلاث نماذج من المحطة ثلاثة، الأول ينتج في اليوم 5000 لتر، والثاني 7000 لتر، والثالث 10000 لتر.
ويؤكد أن ابتكاره يمثل حلًا لأزمة المياه في قطاع غزة، إذ يمكن استخدام المحطة في المدارس والجامعات والمستشفيات والمباني السكنية والمزارع، وهو خطوة نحو تحسين جودة مياه الشرب في المنطقة وتوفير طاقة نظيفة بفاعلية.
مميزات المحطة
يقدر استهلاك المحطة من الطاقة 350 واط في الساعة الواحدة، في حين تستهلك التقليدية 3000 واط، كما يمكن لنموذج "لولو" العمل على الطاقة الشمسية عبر لوح واحد ينتج 500 واط، في حين تحتاج المحطة التجارية 10 ألواح.
وما يميز الابتكار وفق لولو، أنه يمكنه العمل على أي مصدر مياه سواء مياه آبار، أو خطوط مياه البلدية، أما التقليدية فلا تعمل إلا على نظام الآبار.
اقرأ أيضًا: محطة تحلية مياه البحر.. مشروعٌ يغير "طعم الحياة" لـ 250 ألف غزي
وأما عن التحديات في مرحلة العمل على تطوير النموذج، فيذكر لولو أن غالبيتها يتعلق بالحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، الذي يعيق إدخال القطع والمواد الخام الأساسية بدعوى ازدواجية الاستخدام، أو استغراق وقت طويل حتى السماح بدخولها، ودفع مقابلها مبالغ مالية مضاعفة.
ويعتقد أن محطة التحلية الموفرة للطاقة ستؤدي دورًا مهمًا، كون هذا النوع من المحطات يتميز بعدم حاجته إلى خزانات كبيرة كما هو الحال في المحطات التقليدية التي تستخدم لتخزين المياه. كما تحتوي محطة التحلية الموفرة للطاقة على أجهزة تعقيم مباشرة، ما يجعلها أكثر كفاءة واقتصادية من الناحية التقنية.
ويتابع لولو: "لذلك يمكن أن تكون محطة التحلية الموفرة للطاقة حلًا فعالًا لتحسين وضع المياه في قطاع غزة، خاصة مع الظروف الصعبة التي يمر بها القطاع نتيجة الحصار الإسرائيلي والازدياد المتسارع في عدد السكان".
ويطمح المهندس الغزي للاستمرار في خدمة مجتمعه، واستبدال محطات التحلية القديمة والتي يقدر عددها 500 محطة بأخرى موفرة للطاقة، وأن يتمكن من تسويقها في الضفة الغربية وتوريدها إلى مختلف الدول العربية والأجنبية.