فلسطين أون لاين

تقرير القوانين اللبنانية تزيد من متاعب اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات

...
القوانين اللبنانية تزيد من متاعب اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات
بيروت-غزة/ نور الدين صالح:

يعيش اللاجئون الفلسطينيون في مخيمات لبنان متاعب متزايدة نتيجة لتأثيرات سلبية للقوانين والقرارات التي يعدها مراقبون مجحفة وترتكز كثيرًا على تقييد حياتهم، وتمتد هذه القيود لتشمل جوانب متعددة من الحياة المعيشية والاقتصادية والاجتماعية.

وما تزال حكومات لبنان تتعامل مع اللاجئين الفلسطينيين كأشخاص غرباء، تحرمهم من حقوقهم الأساسية التي تكفلها القوانين الدولية، وتشمل هذه الحقوق حق العمل والملكية، إلى جانب حقوق أخرى عديدة، هذا بالرغم من أن لبنان قد وقع على بروتوكول الدار البيضاء في عام 1965، الذي يلزم الدول العربية بمعاملة الفلسطينيين على أراضيها معاملة المواطنين، دون أن يتعارض ذلك مع الحفاظ على جنسيتهم الفلسطينية وحقهم في العودة إلى ديارهم.

ووفقًا للإحصائيات، يتجاوز عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان حاجز الـ192 ألفًا.

ومن بين القيود التي تفرضها السلطات اللبنانية على اللاجئين الفلسطينيين التي تمس حقوقهم الأساسية، هي حرمانهم من حق العمل، وهذا يؤثر تأثيرًا كبيرًا على إمكانية توفير معيشة كريمة لهم ولعائلاتهم، كما يعانون تقييدات في التنقل داخل أراضي لبنان.

اقرأ أيضًا: المخيمات الفلسطينية في لبنان تؤمّن "لقمة الفقر" بشق الأنفس

إضافة إلى ذلك، يُمنع اللاجئون من البناء والتوسع في المخيمات الحالية أو إنشاء مخيمات جديدة، زيادة على حرمانهم من حقوق الملكية العقارية، مما يؤثر في استقرارهم واستثماراتهم المستقبلية.

كما يتعرضون لتقييدات في إنشاء الجمعيات وممارسة حقوق التقاضي، في حين تفرض السلطات اللبنانية ضرائب مالية باهظة على اللاجئين الفلسطينيين، تتجاوز تلك التي تُفرض على المواطنين اللبنانيين، مما يزيد من الضغوط المالية عليهم.

تأثير سلبي

وأكد مدير منظمة "ثابت لحق العودة" في لبنان، سامي حمود، أن القوانين التي فرضتها السلطات اللبنانية في العقود الماضية قد تسببت في تقويض حقوق اللاجئين الفلسطينيين، وأشار إلى أن هذه القوانين تأتي نتيجة لمواقف بعض الأطراف اللبنانية المتشددة تجاه وجود اللاجئين الفلسطينيين في البلاد.

وأضاف حمود لصحيفة "فلسطين" أن هذه القوانين اللبنانية قد أثرت تأثيرًا مباشرًا على اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في المخيمات، إذ يمنعون من ممارسة حقوقهم المشروعة التي كفلتها القوانين الدولية، مثل حق العمل، وحق التملك، وحرية التنقل.

وأضاف حمود أن هذه القوانين ساهمت في حرمان اللاجئين من حقوقهم الإنسانية الأساسية، وهو أمر يجب أن يحصل عليه أي إنسان بغض النظر عن جنسيته أو وضعه، وأشار إلى أن هذه القوانين تزيد من معاناة اللاجئين الفلسطينيين، وذلك إلى جانب الأزمات المالية والاقتصادية التي تعصف بلبنان حاليًا.

وذكر أن وضع اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات لبنان قد تفاقم بشكل كبير، ونسبة الفقر بينهم قد ارتفعت ارتفاعًا ملحوظًا ووصلت إلى 93%، في حين تجاوزت نسبة البطالة 80%، وفقًا لإحصائيات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا".

اقرأ أيضًا: "انهيار المنازل".. أزمة تؤرق اللاجئين في مخيمات لبنان وتنذر بكوارث إنسانية

كما أشار حمود إلى ارتفاع معدل التضخم والغلاء المعيشي، حيث أصبحت أجور العاملين الفلسطينيين لا تتجاوز 2 دولار كحد أقصى يوميًا.

وأكد أن "أونروا"، المسؤولة عن تقديم الخدمات للفلسطينيين، لم تزد من حجم الدعم المقدم لهم، وهذا يأتي خاصةً في ظل حرمانهم من حقوق مهمة مثل العمل والتملك وغيرها من الحقوق.

وانتقد حمود تراجع مساعدات "أونروا" بدعوى نقص الميزانية، مما ساهم في تفاقم مشكلات الفقر والبطالة، وزيادة ظاهرتَي المخدرات والفلتان الأمني في المخيمات، وأشار إلى أن هذا الوضع يجعل المخيمات بيئة غير ملائمة وصعبة للغاية بالنسبة للاجئين.

ونبَّه إلى وجود تحركات من فصائل وجمعيات حقوقية للعمل على تخفيف حدة تلك القيود، ومنح اللاجئين الفلسطينيين حقوقهم الأساسية، بهدف تحسين ظروفهم وتوفير حياة كريمة لهم.

عقود من المعاناة

وأكد مسؤول مكتب شؤون اللاجئين في حركة حماس في لبنان، فضل طه، أن القوانين اللبنانية قد أزَّمت من معاناة اللاجئين الفلسطينيين الذين يعانون وضعًا صعبًا منذ 75 عامًا.

اقرأ أيضًا: فوضى المخيمات.. مسلسل اعتادته السلطة منذ نشأتها

وقال طه لصحيفة "فلسطين": "إذا تمكن الفلسطيني من العمل في مجالات مثل الهندسة والطب، فإنه لن يحظى بأي حقوق متبادلة"، وأشار إلى منع إدخال مواد الإعمار إلى المخيمات، مما يعرقل جهود إعادة تأهيل البيوت المتهالكة.

وأكد أن الدولة المستضيفة الأصل أن تتحمل مسؤولياتها تجاه اللاجئين، ولكنه أشار إلى عدم ترجمة هذه المسؤوليات إلى أفعال على أرض الواقع، كما حمّل المسؤولية لإدارة "أونروا"، ومنظمة التحرير.

ووصف وضع اللاجئين الفلسطينيين بأنه "صعب للغاية" نتيجة لقرارات السلطات اللبنانية، وأشار إلى وجود وعود سابقة من بعض الأطراف اللبنانية ولجنة الحوار الفلسطيني بتحسين أوضاع اللاجئين، إلا أنه لم تحقق ترجمة عملية لهذه الوعود حتى الآن.

وأوضح طه أن اللاجئين الفلسطينيين ممنوعون من ممارسة 72 مهنة مختلفة في لبنان، وفرص العمل لهم تكون "قليلة جدًا"، مما دفع العديد منهم إلى مغادرة المخيمات والهجرة إلى دول أخرى بحثًا عن فرص عمل أفضل، وشدد على أن التحركات الفصائلية والحقوقية ستظل مستمرة للعمل على تلبية حقوق اللاجئين.