فلسطين أون لاين

تقرير لاجئون فلسطينيون في عين الحلوة يكابدون مرارة التشرد

...
لاجئون فلسطينيون في عين الحلوة يكابدون مرارة التشرد 
بيروت-غزة/ جمال غيث:

غلبت الدموع اللاجئ الفلسطيني شادي دحابرة وزوجته، وهما يقفان على أطلال منزلهما الذي دمرته الاشتباكات المسلحة التي شهدها حي حطين بمخيم عين الحلوة، جنوبي لبنان.

وحاول دحابرة، جاهدًا الدخول إلى منزله في الطابق الأول من عمارة سكنية مكونة من ثلاث طبقات، في محاولة لتفقد أثاثه وجلب بعض من ملابس وحاجيات أسرته، من تحت أنقاض منزله الذي بات غير صالح للسكن.

ورغم محاولاته المضنية لم يسطع "دحابرة" الحصول على شيء، فالنيران التي اجتاحت المكان أتلفت كل شيء، ولم يبق من ممتلكاته سوى أشلاء وذكريات محترقة.

وشهد مخيم عين الحلوة في 29 يوليو/ تموز الماضي، اشتباكات دامية بين حركة "فتح" ومجموعات مسلحة، استمرت أسبوعًا، ما أدى لمقتل 14 شخصًا وإصابة أكثر من 60 آخرين، فضلًا عن نزوح مئات العائلات إلى خارج المخيم.

أوضاع سيئة

وقال دحابرة لصحيفة "فلسطين": إن "منزله بات أشبه بخرابة بفعل المعارك في المخيم، فقد تغيرت معالمه بالكامل، وبات الدخول إليه أمرًا صعبًا للغاية".

وأشار إلى أن القذائف الصاروخية انهالت على منزله، وانهارت أجزاء كبيرة منه، وأحدثت ثقوبًا كبيرة في جدرانه وأحرقته. 

اقرأ أيضًا: تضرر أكثر من 700 منزل ومحال تجاري بـ"عين الحلوة" جرّاء الاشتباكات

أما زوجة دحابرة فتقول بكلمات مليئة بالحزن: "لم نتمكن من جمع أي شيء من منزلنا المدمر. لم يبق لدينا سوى الركام والخراب".

وبعد محاولات لاستعادة بعض ممتلكاتهم، اضطرت "دحابرة" للعودة مع أبنائها إلى منزل عائلتها في أحد أحياء المخيم، التي تبعد عن مكان الاشتباك، في حين اضطر زوجها للانتقال والإقامة عند أحد أقاربه في انتظار إعمار منزله.

وأشارت إلى أن زوجها لا يقدر على إعادة إعماره وتأثيث المنزل بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يواجهها وجموع اللاجئين في لبنان.

وناشدت كل المؤسسات الدولية والمحلية والحكومة اللبنانية الوقوف إلى جانبهم وإعمار منزلهم كي يلتئم شمل عائلتها، بعد أن فرقتها الاشتباكات المسلحة.

منزل "شادي" ليس الوحيد الذي طاله الدمار بل تعرض منزل والده محمد وشقيقه أسامة، لأضرار بليغة جعلتهم يهجرونه بفعل الأحداث المؤسفة التي شهدها المخيم، يتنقلون من مكان لآخر بحثًا عن مكان يحتضنهم إلى حين إعمار منازلهم.

فوارغ رصاص

وعلى مقربة من منزل عائلة دحابرة، انهمك الثلاثيني بلال الأحمد، في تنظيف منزله المتضرر وإزالة الزجاج المتناثر من نوافذه، وفوارغ الرصاص والشظايا المتناثرة به، في محاولة لإعادة تأهيله ليتمكن من العودة إليه والإقامة فيه مرة أخرى، بعد أن غادره لما يزيد عن أسبوع.  

وقال الأحمد لصحيفة "فلسطين": "لحظة وصولي إلى المنطقة برفقة عدد من السكان، كان المشهد مرعبًا ومن الصعب تمييز ملامح المنطقة بسبب أكوام الركام الناجمة عن تدمير العديد من المنازل والمحال التجارية، والطرق التي حفرت، وأكوام الرمال وزجاج النوافذ التي تطايرت وغطت المنطقة".

وأضاف قائلًا: "لقد انقبض قلبي في تلك اللحظة وكنت خائفًا أن يكون منزلي قد تعرض للتدمير وسوي بالأرض، بسبب المشهد المروع الذي شاهدته عندما دخلت إلى الحي"، مضيفًا "عندما تخطيت المباني التي تطل على الشارع الرئيسي لحي اليرموك، بدأت أرى مباني دون نوافذ أو أبواب".

اقرأ أيضًا: الأورومتوسطي: اشتباكات عين الحلوة تضاعف معاناة اللاجئين

ويكمل الأحمد: "عندما وصلت إلى منزلي، شعرت ببعض الارتياح لكونه لا يزال قائمًا رغم الدمار الذي طاله، حتى وإن كانت نوافذه قد دُمرت بالكامل"، لافتًا إلى أنه بمجرد دخوله إلى المنزل أصيب بحالة من الذهول عندما رأى آثار ألسنة النيران التي اجتاحت بعض جدرانه، والتشققات التي تكونت نتيجة القصف العنيف الذي تعرض له الحي.

خطر البقاء

ويتساءل الأحمد: "من المستفيد من هذه الاشتباكات؟ ولمصلحة من تحدث الاشتباكات في مخيمات اللجوء؟ مضيفًا: "ما الذنب الذي ارتكبه اللاجئون ليتم تهجيرهم للمرة الثانية، بعد أن هُجروا من منازلهم الأصلية عام 1948م؟".

ويصر الأحمد على البقاء في منزله رفقة زوجته وأطفاله الثلاثة، رغم الخطر المحيط به، بفعل التشققات في جدرانه، والثقوب التي أحدثتها الاشتباكات، التي يحاول تغطيتها بقطع من القماش، لكونه غير قادر على استئجار منزلٍ آخر بسبب تردي أوضاع الاقتصادية.

ويعاني اللاجئون الفلسطينيون في لبنان أوضاعًا اقتصادية ومعيشية صعبة وكارثية بسبب القوانين اللبنانية التي تحرمهم من مزاولة أكثر من 70 مهنة، وانهيار الليرة اللبنانية أمام الدولار الأمريكي.