فلسطين أون لاين

سياسات الاحتلال تفاقم معاناتهم   

تقرير صيادون في غزة وصراعهم اليومي مع بضعة شواقل!

...
مهنة الصيد بغزة- أرشيف
غزة/ أدهم الشريف:

يتابع سائد بكر أبناءه وهم يخوضون بحر غزة بقاربهم الصغير بحثًا عن الأسماك، وبينما يبدأ ذلك القارب المسرع في التلاشي مبحرًا على بعد أميال عن الشاطئ، يجهز نفسه لممارسة عمله في تنظيف الأسماك.

صباح كل يوم يشرق على رصيف ميناء الصيادين يقف بكر (54 عامًا) ساعات بانتظار إقبال الزبائن بأسماكهم ذات الأنواع والأحجام المختلفة.

ويمتد عمله لساعات تحت الشمس الساطعة، لكنه لا يبالي بذلك بقدر ما يتطلع إلى تحصيل بضعة شواقل من تنظيف الأسماك، تسهم في سد جزء بسيط من احتياجات أسرته.

وامتهن بكر الذي بدأ العمل في قطاع الصيد ببحر غزة بعمر 14 عامًا تنظيف الأسماك حديثًا، لتحسين دخله اليومي لإعالة أسرة قوامها 24 فردًا، بينهم نساء وأطفال يقيمون ببيت واحد في مخيم الشاطئ، غرب مدينة غزة.

اقرأ أيضاً: بكر لـ"فلسطين": مصادرة قوارب الصيد وتدميرها سياسة تستهدف أمن غزة الغذائي

وقال بكر لـصحيفة "فلسطين"، إنه لم يجد مجالاً لتحسين الأوضاع الاقتصادية لعائلته سوى اللجوء إلى البحث عن مهنة أخرى، وهي تنظيف الأسماك.

على مدار 40 سنة مضت، مارس بكر الصيد في بحر غزة، لكن تراجع قطاع الصيد بفعل الحصار الإسرائيلي الممتد منذ ما يزيد على عقد ونصف، وانتهاكات بحرية الاحتلال حالت دون استمراره في المهنة.

وأضاف أنه طوال عمله في مهنة الصيد، لم تمر عليه أسوأ من هذه الأيام؛ بسبب انتهاكات الاحتلال، وتضييق المساحات البحرية، ومصادرة القوارب، وتدميرها، واعتقال الصيادين.

حتى مع لجوئه إلى تنظيف الأسماك، لم يتحسن وضعه كثيرًا، إذ لا يتعدى العائد المالي يوميًّا من ورائها 5-10 شواقل فقط، وفي مرات قليلة يصل إلى 20 شيقلاً، بينما يعود في أحيان كثيرة خاليَ الوفاض.

وتابع: إن قطاع الصيد لم يعد بإمكانه تحمل أكثر من ذلك.

وتفرض سلطات الاحتلال حصارًا مطبقًا على معدات الصيد وقطع الغيار اللازمة لصناعة وصيانة القوارب، وترتكب الزوارق الحربية انتهاكات عديدة تصل إلى القتل العمد.

والمعاناة التي يتعرض لها الصياد بكر لا تقتصر عليه، إذ إن عددًا كبيرًا من الصيادين يواجه نفس المصير.

وبعد تعرضه للإجراءات القاسية من بحرية الاحتلال، والتي أثرت سلبيًّا على عمله في قطاع الصيد، وجد الصياد محمد شرف نفسه في موقف صعب لتأمين احتياجات أسرته المكونة من تسعة أفراد.

وعلى الرغم من عمله اليومي في الصيد منذ ساعات الفجر الباكر، إلا أن ما يعود به شرف للعائلة لم يعد كافيًا لتلبية احتياجاتها، وأجبرته الظروف على اللجوء إلى العمل كنادل في إحدى الاستراحات على شاطئ البحر، بعد الانتهاء من الصيد.

وعدَّ أن انتهاكات الاحتلال، وملاحقة الصيادين، ومنعهم من الإبحار إلى مسافات يتواجد فيها صيد وفير، فضلاً عن الحصار الإسرائيلي المفروض، عوامل تسببت بشلل شبه تام في قطاع الصيد.

وتتراوح المسافات المسموح للصيادين الإبحار فيها بين 6-12 ميلاً، في مناطق محددة من بحر غزة.

ويزيد عدد الصيادين بغزة على 4 آلاف صياد، يملكون نحو ألف قارب يعمل بمحركات، إضافة إلى 900 قارب صغير "حسكة مجداف".

ويؤكد مسؤول لجان الصيادين زكريا بكر أن استهداف قطاع الصيد، وقتل واعتقال الصيادين، ومصادرة قواربهم، وإغراقها يهدف بالأساس إلى تدمير هذا القطاع الحيوي، وإفقاد غزة مصدر أمن غذائي مهم جدًّا.

وفي تصريح لصحيفة "فلسطين" بين بكر أن سياسة الاحتلال وانتهاكاته تهدف إلى السيطرة على مصدر الأمن الغذائي المرتبط بالثروة السمكية في بحر غزة، وتقليص استدامة هذا المصدر، وإجبار أهالي القطاع على الاعتماد على واردات الأسماك، ومصادر أخرى، لفرض هيمنته على أحد أهم الجوانب للاقتصاد المحلي.