"بعد أن طردونا من منازلنا ومنعونا من أخذ أي من ممتلكاتنا دخلت الجرافات وهدمت كل شيء"، بهذه العبارات لخص طالب أبو لبدة تفاصيل هدم منازل عائلته في قرية صرفند بالقرب من الرملة في الداخل الفلسطيني على يد سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
وأفاد أبو لبدة لصحيفة "فلسطين" بأن قوات الاحتلال هدمت 20 منزلاً للعائلة في صرفند، بعد أن اقتحمت منازلهم ليلًا، وأخرجت جميع سكانها بالقوة، وقيدتهم، واعتدت على النساء والأطفال.
وصرفند واحدة من القرى التي تقع ضمن منطقة الرملة، التي هُجر سكانها أول مرة إبان النكبة الفلسطينية في عام 1948.
وأضاف أبو لبدة بنبرة حزينة: "منعونا من أخذ أموالنا أو ذهب نسائنا، وحتى الفراش. هدموا المنازل على كل ما كان في داخلها من أثاث، وسووا البيوت بالأرض، ونحن نشاهد هذه المجزرة".
وأفاد أن هذه المنازل موجودة من عشرات السنين قبل وجود كيان الاحتلال الإسرائيلي، ويسكن بها أكثر من 180 شخصًا، وأصبحوا الآن يفترشون التراب في العراء دون أي مأوى.
وتبلغ مساحة الأرض الموجودة عليها المنازل المهدمة 10 دونمات، وجميعها ملك للعائلة ورثوها عن أجدادهم، ولا يوجد ما يثبت أنها لأحد غيرهم، وفق أبو لبدة.
ووصف ما حصل مع عائلته بالنكبة الجديدة التي تنكأ الجرح القديم حين هاجمت عصابات الاحتلال القرية في عام 1948 وقتلت عددًا من سكانها وهدمت منازلهم وطردتهم منها.
ووفق أبو لبدة يدّعي الاحتلال أن منازل العائلة تقع بالقرب من موقع عسكري بحاجة إلى توسعة، وأن وجودها غير قانوني، ولكن كل تلك الادعاءات مزاعم.
وبعزيمة وإصرار قال: "لن نترك أرضنا، وسنجلب بيوتًا متنقلة ونضعها فوق أنقاض منازلنا".
ويعاني سكان الأراضي الفلسطينية في الداخل أزمة خطيرة في مجال الإسكان والأراضي، نتيجة السياسات التي تنتهجها سلطات الاحتلال بهدف خنقهم وتقييدهم، والحد من توسعهم.
ويوجد في الداخل المحتل نحو مليون و700 ألف فلسطيني، يواجهون معاملة عنصرية واسعة النطاق من سلطات الاحتلال.
وأكد المسؤول عن لجنة الدفاع عن الأرض والمسكن في منطقة عارة، أحمد ملحم، أن إجراءات هدم المنازل التي تقوم بها سلطات الاحتلال في قرية صرفند تهدف إلى إخفاء المعالم الفلسطينية المتجسدة في تلك المنطقة.
وفي حديثه لصحيفة "فلسطين"، أوضح ملحم أن قرية صرفند كانت قد هجرتها بالفعل سلطات الاحتلال عام 1948، والآن تكررت جهود التهجير تلك من خلال هدم نحو 20 منزلًا. وأضاف أن هذه الإجراءات تأتي في إطار سياسة قمع المجتمع الفلسطيني في الداخل.
وأوضح أن سلطات الاحتلال تبرر هدم المنازل بدعوى عدم حصولها على تراخيص بناء، وأشار إلى أن هناك ما يقارب 20 ألف قرار هدم لمنازل في الداخل.
اقرأ المزيد: اللد تُهَوّْد منذ 75 سنة
وأكد أن الاحتلال يستخدم هذه الذريعة لتنفيذ خططه في تدمير المنازل للسماح بتنفيذ مشاريع تخدم أجندته. وأضاف أن المجتمع الفلسطيني في الداخل في حاجة ملحة إلى حوالي 150 ألف وحدة سكنية لمعالجة أزمة الإسكان المتفاقمة، مشيرًا إلى أن قرارات الهدم المستمرة تزيد من تلك المشكلة.
وشدد على أن أزمة الإسكان تُعد من أكبر التحديات التي يواجهها أبناء المجتمع الفلسطيني في الداخل، وأن سلطات الاحتلال تستمر في ممارسة مضايقاتها ووضع عراقيل تعيق إيجاد حلول فعالة.