أعرب "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان"، عن قلقه العميق من احتمالية تواطؤ سلطات الاحتلال الإسرائيلي مع الجرائم المتصاعدة في الداخل المحتل، و"الوصول إلى هذه الحالة من الانتهاك المبرمج للحق في الحياة وتهديد السلم المجتمعي".
ودعا المرصد في بيان له، اليوم الأربعاء، سلطات الاحتلال إلى "اتخاذ إجراءات عاجلة لوضع حد لجرائم القتل والعنف الداخلي المتصاعدة على نحو غير مسبوق في بالداخل المحتل".
وأوضح أنّ "أحدث جرائم القتل وقعت مساء أمس الثلاثاء، وأسفرت عن مقتل أربعة أشخاص في بلدة "أبو سنان" بالداخل، كما أصيبت شابة بجراح خطيرة جراء تعرضها لإطلاق نار في بلدة "كفر قرع"، إلى جانب إصابة شاب آخر في جريمة إطلاق نار بمدينة رهط.
وأشار إلى أنّ أعمار القتلى الأربعة تتراوح بين 30 و50 عاما، وكان من بينهم المرشح لرئاسة المجلس المحلي في البلدة غازي صعب.
وجاءت الجريمة في بلدة "أبو سنان" بعد يوم واحد من مقتل مدير عام بلدة الطيرة، عبد الرحمن قشوع، في جريمة إطلاق نار في الطيرة، أسفرت كذلك عن إصابة آخرين.
وبهذه الجرائم، ترتفع حصيلة ضحايا جرائم القتل التي ارتكبت في المجتمع العربي بالداخل منذ مطلع العام الجاري، إلى 147 قتيلا، وهي حصيلة قياسية غير مسبوقة؛ إذ قتل 109 أشخاص طوال العام الماضي.
ونبّه "الأورومتوسطي" إلى أنّ جرائم القتل في الداخل "باتت تكرر باستمرار وسط تقاعس سلطات الاحتلال عن أداء دورها للقضاء على الجريمة المنظمة، مع وجود مؤشرات قد تدلل على تواطؤ أجهزة الأمن الإسرائيلية أو تغاضيها عن منظمات الإجرام".
وأكد المرصد الأورومتوسطي أنّ تكرار جرائم القتل وتحليل وقائعها وارتفاعها غير المسبوق يؤشر إلى وجود سياسة إسرائيلية تكرس الإفلات من العقاب، وتشجع على اقتراف هذه الجرائم.
وأشار إلى أنّ "المعطيات المتكررة عقب كل جريمة تدلل على تقاعس شرطة الاحتلال في معالجة جرائم القتل أو تفكيك الجريمة المنظمة في الوسط العربي، وهذا ما دفع الأهالي في بلدة أبو سنان للاحتجاج ضد شرطة الاحتلال واتهامها بالتواطؤ في جرائم القتل".
ولفت إلى "تنوع أسباب وآليات تنفيذ جرائم القتل، غير أن الكثير منها مرتبط بصراعات عصابات إجرامية منظمّة يتوفر لها السلاح بسهولة، على نحو يعزز الشكوك حول دوافع التراخي الأمني في هذا الإطار".
وأعرب المرصد عن خشيته من "احتمالية ارتباط بعض الجرائم الأخيرة بترتيبات المشهد الانتخابي مع اقتراب موعد انتخابات السلطات المحلية المقررة في نهاية أكتوبر/تشرين الأول المقبل".
وأكّد المرصد الأورومتوسطي وجود "ازدواجية إسرائيلية واضحة في التعامل مع انتشار السلاح في الوسط العربي؛ ففي الوقت الذي تغض فيه السلطات على ما يبدو النظر عن وصول السلاح لمجموعات وعصابات إجرامية، فإنّها تشن حملات اعتقال ومصادرة لمجرد تقديرها أنّ هذا السلاح يمكن أن يستخدم ضمن هجمات على جنود أو مستوطنين إسرائيليين".
وبيّن أن هذه الازدواجية تمتد أيضا إلى "التمييز الفج في تعامل الشرطة الإسرائيلية مع جرائم القتل، إذ يجري فك غموض أغلب جرائم القتل في الوسط اليهودي بنسبة لا تقل عن 70% منها، بينما تبقى نحو 80% من جرائم القتل في الوسط العربي دون حل، ما يدلل على أن السلطات الإسرائيلية تتعامل مع الفلسطينيين العرب الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية كمواطنين من الدرجة الثانية".
ولفت إلى تصريح صحافي لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو مساء أمس الثلاثاء أكّد فيه نجاح الأمن الإسرائيلي في "القضاء على الجريمة المنظمة في المجتمع اليهودي"، مع الأخذ بعين الاعتبار سهولة حصول الإسرائيليين اليهود على الأسلحة بطرق قانونية، مقارنة بالقيود المتعددة التي تفرضها السلطات على حمل العرب داخل إسرائيل للسلاح بطرق قانونية.
وأشار الأورومتوسطي إلى أن "تفشي البطالة في أوساط الشباب وانتشار المخدرات من العوامل الإضافية التي تعمل على تغذية العنف الداخلي وزيادة جرائم القتل، مع غياب برامج التوعية والقيادة الموحدة للمجتمع العربي".
وشدّد على الحاجة لتحقيق مستقل تشرف عليه الأمم المتحدة، للتحقق من الدور الإسرائيلي في شيوع جرائم القتل في "الوسط العربي"، والتي بلغت حصيلة ضحاياها منذ عام 2000 نحو ألفي ضحية.
وحثّ المرصد الأورومتوسطي "الجهات الفاعلة في المجتمع العربي على تنفيذ أنشطة فعالة لتكريس الوعي المجتمعي بمخاطر جرائم القتل والعنف الداخلي وجميع مظاهر انتهاك الحق في الحياة".