فلسطين أون لاين

تقرير "تجميد الميزانيات".. سياسة إسرائيلية جديدة لاختراق السلطات المحلية العربية

...
قمع شرطة الاحتلال لأعضاء كنيست عرب ورؤساء السلطات المحلية خلال احتجاج أمام وزارة المالية على حرمانهم من أموال الميزانية- أرشيف
غزة/يحيى اليعقوبي:

يرى مراقبون أن قرار وزير المالية في حكومة المستوطنين الفاشية بتسلئيل سموتريتش بتجميد التحويلات المالية المخصصة للسلطات المحلية العربية، يمثل تصعيدًا عنصريًا جديدًا يستهدف ضغطًا إضافيًا على الفلسطينيين داخل أراضي الـ48، ويمثّل محاولة لاختراق هذه السلطات، وفرض عقوبات على السكان الأصليين بسبب تمسكهم بحقوقهم وانتمائهم إلى هويتهم الوطنية.

وجمَّد الوزير "سموتريتش" قبل أيام مبلغًا يقدر بقرابة 300 مليون شيكل، والمخصص للسلطات المحلية العربية في أراضي الـ48. كما جمّد 200 مليون شيكل مخصصة لتشجيع "اندماج" الفلسطينيين من سكان القدس المحتلة في المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية.

ولم يكتفِ الوزير المتشدد بذلك، بل اتخذ خطوة إضافية بتشكيل لجنة لفحص عمليات تحويل الميزانيات إلى السلطات المحلية العربية، ومدى استحقاقها لهذه التمويلات.

وعد المختص في الشأن الإسرائيلي نظير مجلي القرار عنصريًا تبرهن به حكومة المستوطنين الفاشية على مضاعفة سياسة التمييز العنصري، وأنها لم تعتد تختبئ خلف شعارات، وأنها تنتقم من الفلسطينيين بالداخل بسبب تمسكهم بانتمائهم وشعبهم واعتزازهم بقوميتهم، وإصرارهم على حقوقهم وخوضِهم نضالاً طوال الوقت.

سياسة عنصرية

وقال مجلي لصحيفة "فلسطين": "إن اليمين المتطرف الذي ينتشر بسرعة وبشدة في المجتمع الإسرائيلي يحاول تثبيت سياسة التمييز العنصري بتجميد أموال الميزانيات بزعم ذهابها إلى عالم الإجرام، بالرغم من أن عصابات الجريمة هم عملاء سابقون للاحتلال ويبثّون السموم داخل المجتمع العربي مستفيدين من أخطاء بالمجتمع، لكنهم ليسوا بعيدين عن السياسة الإسرائيلية".

ويعتقد أن الاحتلال معنيّ بإضعاف السلطات المحلية العربية، لأجل المطالبة بفتات الميزانيات والانشغال بقضايا الصرف الصحي، ونظافة الشوارع، وحل مشاكل المياه، ولا يريدون للمجتمع العربي التفكير بمستوى حضاري وتطوير الصناعة والتكنولوجيا والتعليم.

اقرأ أيضاً: "السلطات المحلية العربية" تُضرب احتجاجاً على عنصرية حكومة نتنياهو

وعدَّ سلوك الاحتلال تجاه الفلسطينيين بالداخل "انتقامًا سياسيًا"، خاصة أن الحكومة السابقة تعهدت في اتفاق أبرمته مع القائمة العربية الموحدة بتخصيص 30 مليار شيقل للعرب تصرف على خمس سنوات، جرى تحرير 6 مليارات العام الماضي، ولم تحررها هذا العام ويحاول سموتريتش إجهاض الاتفاق.

وبالرغم من أن الفلسطينيين بالداخل يمثلون 20% من عدد الفلسطينيين والمستوطنين في أراضي الـ48 ويعتبرهم الاحتلال، وفق مجلي، هامشيين ويعاقبهم على مواقفهم، وتمسكهم بقضيتهم.

وبشأن إن كان الهدف من تجميد الميزانية اختراق السلطات المحلية، رأى مجلي أن بعض السلطات مخترقة من العصابات التي نجحت في التغلغل والتأثير في السلطات المحلية، لكن هذا ليس بسبب السلطات وإنما بالحرية التي تمتعت بها العصابات من شراء أسلحة، ثم يتذرع الاحتلال بالجريمة لحرمان فلسطينيي الداخل من الأموال التي يحارب بها العنف عبر التعليم والثقافة والصحة كمن "يخلق العلة ويمنع علاجها".

وتختلف أرقام الموازنة المخصصة للسلطات المحلية العربية، وتخضع لموافقة وزارة داخلية الاحتلال، ومعظمها تقدم على أساس عنصري بالرغم من حجم الوجود الفلسطيني بالداخل المحتل. 

وتستمر الاحتجاجات الفلسطينية في الداخل الرافضة للقرار، فنفذت السلطات المحلية (العربية) أول من أمس إضرابًا، احتجاجًا على السياسات العنصرية لحكومة المستوطنين وحجبها للمخصّصات الماليّة، وتشجيعها على تفشّي الجريمة، مهددين بخطوات لاحقة، منها عدم فتح أبواب العام الدراسي.

ضرب "عصفورين بحجر"

ويحاول سموتريتش ضرب عصفورين بحجر واحد بتجميد الميزانيات، لتحقيق هدفين الأول: إضعاف السلطات المحلية ومكانة فلسطينيي الداخل والخدمات المقدمة إليهم لتشجيعهم على الهجرة، ومن ناحية أخرى تحويل المبالغ لجمهور المستوطنين لتوسيع الاستيطان بالضفة الغربية، وفق الناشط الحقوقي محمد دحلة.

ورأى دحلة في حديث لصحيفة "فلسطين"، أن للقرار تداعيات خطيرة جدًا على السلطات المحلية، وإمكانية القيام بمهامها وتقديم الخدمات للفلسطينيين في المدن والقرى العربية في الداخل، علمًا أن هناك تمييزًا على مدار عشرات السنين بين السلطات المحلية العربية ونظيرتها اليهودية داخل أراضي الـ48.

وقال: "إن التمييز بحق السلطات العربية أدى لأن تعيش في ظروف اقتصادية واجتماعية متدنية، تزداد فيها نسبة الفقر وترتفع نسبة البطالة، إضافة إلى أزمة سكانيّة خانقة، وبنية تحتية متهالكة، إضافة لنقص في المدارس".

ولفت دحلة إلى أن المبالغ التي كان مصادق عليها في حكومة الاحتلال السابقة جاءت لتسد جزءًا من الفجوة التي اتسعت على مدار عشرات السنين بسبب التمييز، عادًا قرار التجميد ضربة قوية لميزانية السلطات وفلسطينيي الداخل، يخالف حتى القوانين الإسرائيلية دون الأخذ بعين الاعتبار لتداعيات الأمر.